“سباق تسلّح” من نوع جديد.. ماذا يجري بين إسرائيل وإيران؟

نصح الكاتب الإسرائيلي ماني برزيلي إسرائيل بتجنب السعي إلى فتح جبهات إضافية ضد إيران، ومواصلة العمل في الساحة السيبرانية، مع الحفاظ على تفوقها في هذا المجال.

وتحدث الكاتب في مقال بصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، عن الهجوم الذي نفذته مجموعة “العصفور المفترس” السيبرانية الإسرائيلية مؤخراً، وقال إنها استطاعت تعطيل 70% من محطات الوقود في إيران.
Advertisement

ضجة في إيران

ولفت الكاتب إلى أنّ هذا الحدث أثار ضجة بإيران، وعلى الرغم من أن القيادة في طهران أعلنت أن الأمر كان مجرد “خللاً برمجياً”، كانت هناك طوابير طويلة أمام محطات الوقود.
وأشار إلى أن هذا الهجوم السيبراني ليس الأول الذي تنفذه مجموعة “العصفور المفترس” ضد إيران، مشيراً إلى أنها هاجمت من قبل بنجاح نظام السكك الحديدية في البلاد، فضلاً عن أهداف أخرى.
ووفقاً للكاتب، يلقي هذا الحدث بعض الضوء على جبهة الحرب السيبرانية المستمرة بين إسرائيل وإيران، والتي أصبحت الجبهة الرئيسية في الصراع المستمر بين البلدين، خصوصاً خلال الحرب الحالية.

“الدودة السيبرانية”.. نقطة تحوّل

واستعرض الكاتب الإسرائيلي نقطة التحول الإيرانية في هذا المجال، وقال إن اللحظة التي غيرت فيها إيران نهجها، في ما يتعلق بأهمية تطوير القدرات السيبرانية الهجومية، كانت اكتشاف هجوم ستاكسنت (الدودة الإيرانية) في عام 2010.

و”ستاكسنت” هي “الدودة السيبرانية”، وهي الفيروس الأكثر تطوراً الذي عرفه العالم حتى الآن، وهدف إلى إلحاق الضرر بالبرنامج النووي الإيراني من خلال تعطيل نشاط أجهزة الطرد المركزي في منشآت تخصيب اليورانيوم في البلاد، وقد تم تنفيذ ذلك بنجاح كبير. وبحسب مصادر أجنبية، فإن الدودة هي نتاج التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.

ولفت الكاتب الإسرائيلي إلى أن “فيروس ستاكسنت” كان نقطة رئيسية في تطور الجبهة السيبرانية بين إسرائيل وإيران (والعالم بأسره بشكل عام)، وأدى إلى نوع من سباق التسلح الرقمي.

وكان نجاح ذلك الفيروس بمثابة حقبة جديدة في الحرب السيبرانية، من خلال إظهار قدرة الأسلحة الرقمية على التسبب بأضرار مادية، وبدأ العالم يدرك أن الإنترنت قادر على إغراق السفن، وإسقاط الطائرات، وتفجير المصانع، والقتل، بحسب الكاتب.

سباق التسلح

وحتى يومنا هذا، تستثمر إسرائيل وإيران بشكل كبير في تطوير قدراتهما السيبرانية، وقد جعلت إيران، التي كانت بحاجة إلى اللحاق بالركب، الجبهة السيبرانية جزءاً لا يتجزأ من نظريتها القتالية.

وفقاً للكاتب، يعد الاستثمار في تطوير القدرات السيبرانية أمراً مربحاً من الناحية الاقتصادية، لأنه، على عكس تطوير القدرات العسكرية الكلاسيكية، فإن تطوير القدرات السيبرانية الهجومية المتقدمة يعد أمراً رخيصاً نسبياً.

وقال الكاتب: “على سبيل المثال، يمكن أن تتجاوز تكلفة طائرة هجومية واحدة من الجيل الخامس 100 مليون دولار، ولكن بتكلفة طائرة واحدة تستطيع الدولة إنشاء وحدة إلكترونية هجومية كاملة، وشراء معدات كمبيوتر لها، والاستثمار في التدريب المهني المتقدم، وسيظل لدى الدولة فائض لشراء بعض الأسلحة للحرب العادية”.

وبحسب الكاتب، ليس هناك شك في أن الاستثمار في الفضاء السيبراني يؤتي ثماره، وكل دول العالم تدرك ذلك، وخصوصاً إيران، التي تعلم أنها على المستوى العسكري الكلاسيكي لا تشكل تهديداً حقيقياً طالما أنها لا تمتلك أسلحة نووية، ولكن في البيئة السيبرانية، يمكن أن تكون خطراً حقيقياً وعدواً قوياً وخطيراً.

ad
الميزة السيبرانية

وذكر الكاتب أن الهجمات السيبرانية تتمتع بالعديد من المزايا مقارنة بالهجمات المادية، لأنها أرخص، وأكثر هدوءاً، وينظر إليها العالم على أنها أكثر شرعية، لكن الميزة الأكبر هي حقيقة أن الدولة المهاجمة لا تعرض حياة جنودها للخطر.

أهداف الهجمات السيبرانية

وعندما تنفذ أي دولة هجوماً سيبرانياً على دولة أخرى، فإنها تفعل ذلك لعدد من الأهداف، مثل الإضرار بالبنية التحتية واستهداف الغاز أو محطات ومرافق تخصيب اليورانيوم، وجمع المعلومات الاستخبارية عن طريق اختراق صناديق البريد الإلكتروني لكبار المسؤولين أو السيطرة على الهواتف، فضلاً عن الاستيلاء على الأصول مثل الأموال والأوراق المالية والأسرار التجارية، والترويج لأهداف سياسية واجتماعية من خلال المنشورات الكاذبة، التي تهدف إلى الإضرار بالموقع القيادي في البلاد أو إضعاف قوة الجبهة الداخلية.

أضرار كبيرة لإسرائيل

وقال الكاتب إنه على الرغم من أن إسرائيل أكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية مقارنة بإيران التي تستخدم أنظمة كمبيوتر قديمة أكثر عرضة للخطر ، إلا أن إيران ستكون قادرة على إحداث أضرار كبيرة في إسرائيل إذا لم تواصل تل أبيب الاستثمار في قدراتها.

اتساع الصراع السيبراني

ورأى أن الصراع السيبراني بين إسرائيل وإيران سيشتد ويتطور، وسيصبح أكثر تطوراً وخطورة، ويرجع ذلك جزئياً إلى ظهور التقنيات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، والتي تخلق قدرات وتحديات جديدة سواء في مجال الهجمات السيبرانية أو في مجال الدفاع، وبناء على ذلك، سيستمر كلا البلدين في الاستثمار في تطوير القدرات الهجومية السيبرانية وستصبح الساحة السيبرانية المحلية والعالمية أكثر نشاطاً.