عادت أجواء الخلاف بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الدفاع اللبناني موريس سليم، بعد «لقاء المصالحة» الذي عقد بينهما يوم الخميس وانتهى بالاتفاق على إنجاز التعيينات العسكرية العالقة، وأبرزها في رئاسة الأركان.
وهذا التوتّر عبّر عنه ميقاتي صراحة الجمعة بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، غامزاً من قناة مرجعية الوزير السياسية المتمثلة بالنائب جبران باسيل، قائلاً: «فيما يتعلق بملء الفراغات داخل الجيش، تطرقنا إلى زيارة معالي وزير الدفاع بالأمس إلى السراي، وأستغرب استغراباً كاملاً ما ورد على لسانه اليوم، فالاجتماع الذي بدأ متوتراً انتهى ودياً وعلى اتفاق، وكان هناك شهود على ذلك، ولكن يبدو أن الوزير أوعز له بتغيير آرائه بعد الاجتماع كما ورد في الصحف، وأنا أعرف من أوعز له (في إشارة إلى الوزير جبران باسيل)؛ لأن ما حصل خلال الاجتماع مغاير للحديث الذي أدلى به ليلاً».
ورفضت مصادر مقربة من رئاسة الحكومة الدخول في سجالات، عادّة أنه لا بد من إيجاد حلول لكل الأمور العالقة، آملة أن يتم إنجاز التعيينات بعد رأس السنة، واكتفت بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن الوقوف عند الأمور غير الجوهرية لتعقيد قضايا أساسية».
وجاء كلام ميقاتي بعد موقف تصعيدي من قبل وزير الدفاع الذي انتقد البيان الصادر عن مكتب ميقاتي حول اللقاء الذي ذكر فيه أن وزير الثقافة محمد مرتضى اصطحبه للقاء ميقاتي، وأن سليم «عبّر عن أسفه» لسوء التفاهم الذي حصل سابقاً.
ولفت إلى أنه حصل اتفاق بينه وبين ميقاتي على اقتراح أسماء لتعيينهم في ثلاثة مواقع، بينها رئيس الأركان، وحسم الأمر قبل 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، كاشفاً أنه بعد صدور بيان رئاسة الحكومة اتصل بمستشار ميقاتي، رافضاً ما جاء في البيان، وطالباً منه إبلاغ رئيس الحكومة أن الاتفاق قد نُسف.
إلى ذلك، تطرق الاجتماع بين ميقاتي والراعي إلى قضايا لبنانية عدّة مرتبطة بالوضع في جنوب لبنان والقرار «1701» وعمل الحكومة وصلاحياتها في ظل الفراغ الرئاسي، مع التأكيد على أن الأولوية تبقى لانتخاب رئيس للجمهورية.
وقال رئيس الحكومة بعد اللقاء: «تبادلنا الحديث بشأن العديد من المواضيع، لا سيما الأوضاع التي يمر بها البلد وكيفية معالجتها. والمعالجة الأساسية برأي صاحب الغبطة وبرأيي تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية لإعادة الانتظام العام إلى البلد، وهذا الموضوع هو في رأس الأولويات وبداية الحل، خصوصاً أنه في الفترة الزمنية الماضية، دلت كل المؤشرات على إعادة انطلاق البلد من كل النواحي. ليس صعباً جداً أن يعود لبنان إلى عافيته في أسرع مما نتوقع، ولكن الحل يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وأضاف ميقاتي: «كما تحدثت مع صاحب الغبطة عن الوضع الحكومي، وأكدت له أن هدفنا منذ بداية الشغور في سدة الرئاسة، وإلى حين انتخاب رئيس جديد، ليس الاستئثار أو السيطرة أو أخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، بل أن نقوم بالعمل المطلوب لتسيير أمور الوطن والمواطنين، وخاصة أن الجميع يشهدون بأننا نحرص على التوازن الوطني وصيانته وعلى حقوق كل مكوّنات الشعب اللبناني والمجتمع اللبناني».
والوضع في الجنوب كان حاضراً في اللقاء، وأكد ميقاتي أن «الحل موجود، وهو في تنفيذ القرارات الدولية، من (اتفاقية الهدنة) بين لبنان والعدو الإسرائيلي، والقرار (1701)، وكل القرارات الدولية، ونحن على استعداد للالتزام بالتنفيذ شرط أن يلتزم الجانب الإسرائيلي وينسحب، حسب القوانين والقرارات الدولية، من الأراضي المحتلة»، وأبدى في المقابل تقديره لزيارة الراعي الأخيرة إلى جنوب لبنان للاطلاع على أوضاع الأهالي، «ونحن نتابع هذا الملف ونساعد قدر المستطاع الذين لا يزالون في أرضهم أو الذين نزحوا إلى مناطق أخرى». وكان تشديد، في المقابل، على أن «الجيش هو لجميع اللبنانيين ويعبّر بأدائه عن وجوده في كل مكان ووقت لخدمة لبنان».