مُورِيس وَدِيع النَجَّار
(حَولَ كِتابِ الدّكتُور إِميل بَدِيع يَعقُوب، «يا مَجمَع اللُّغة العربيَّة أَرِحنا مِن حركاتِ الإِعراب»)
لا رَيبَ في أَنَّ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ، هي مِن أَقدَمِ لُغاتِ الدُّنيا(1)، وأَجمَلِها، وأَغناها، وأَطوَعِها، وأَشجاها جَرْسًا ودَلالَةً وتَنَوُّعًا. وهذا لَيسَ اعتِرافًا مِن أَبنائِها فقط، بل مِن مُستَشرِقِينَ كِبارٍ تَمَعَّنُوا بها، وأَدرَكُوا شُؤُونَها وشُجُونَها. أَوَلَيسَت لُغَةَ القُرآنِ الكَرِيمِ، واللُّغَةَ الَّتي نُسِبَ إِلى النَّبِيِّ العَرَبِيِّ الكَرِيمِ قَولَهُ فِيها: «وَاللهِ لَيسَ هُناكَ حَسناءُ تُضاهِي هذهِ اللُّغَةَ الأُمّ»؟!
وَ «اللُّغَةُ خَزَّانٌ لِتَجارِبِ ومَعارِفِ الأَجيالِ الماضِيَةِ، ووَسِيلَةٌ لِنَقلِ هذه التَّجارِبِ إِلى الأَجيالِ القادِمَةِ، كَما أَنَّها وَسِيلَةٌ لِمَعرِفَةِ العالَم»، على رَأيِ الكاتِبِ الأَلمانِيِّ يُوهان جُوتفريد هردر (Johann Gottfried Herder, 1744 – 1803).
واللُّغَةُ، كُلُّ لُغَةٍ، لا تُصبِحُ مَلَكَةً في النَّفسِ إِلَّا بعد سَهَرٍ مُتَواصِلٍ مع حُرُوفِها، وطُولِ أَناةٍ في عَقَباتِها، وسَفَرٍ طَوِيلٍ شِبهِ دائِمٍ في مَواكِبِ مَن دَبَّجُوا في نَسِيجِها الرَّصائِعَ، وخَلَّفُوا في خَزائِنِها الرَّوائِع.
ولُغَتُنا، على أَهَمِّيَّتِها، تُعانِي، في عَصرِنا هذا، أَزْمَةَ انكِفاءِ الأَجيالِ الجَدِيدَةِ عَنها، ولِلأَمرِ أَسبابٌ مِن أَبرَزِها تَعقِيداتُها النَحْوِيَّةُ الإِعرابِيَّةُ، حَتَّى باتَ يَصِحُّ فيها قَولُ المُتَنَبِّي:
«ولكِنَّ الفَتَى العَرَبِيَّ فِيها غَرِيبُ الوَجهِ واليَدِ واللِّسانِ».
وعلى مَدَى السِّنِين قامَ الكَثِيرُون بِمُحاولاتٍ لِكَبْحِ جِماحِ الخَطَرِ الدَّاهِمِ، فَباءَت كُلُّها بِالإِحباطِ لِشَراسَةِ الهُجُوماتِ المُضادَّةِ، وتَحَجُّرِ الكَثِيرِ مِن الأَفكار.
ومِن البِرِّ في تَدَبُّرِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، والحِفاظِ على كَنزِها الثَّمِينِ، الانفِتاحُ على كُلِّ تَجدِيدٍ جادٍّ، لا التَّقَوقُعُ في ما وَرِثنا، بل الانطِلاقُ مِنهُ، ومِن حِكمَةِ وَضعِهِ، ومَدَى كِفايَتِهِ، إِلى تَرَسُّمِ الآفاقِ المَفتُوحَةِ والمُتاحَةِ، لا بل الواجِبَةِ، لِبُلُوغِ نِظامٍ وافٍ أَكثَرَ مِن سابِقِهِ، مُنسَجِمٍ مع تَطَوُّرِ العَصرِ، وتَبَدُّلِ المَعايِيرِ الحَياتِيَّة.
وها هو العالِمُ اللُّغَوِيُّ الخَلِيلُ بْنُ أَحمَد الفَراهِيدِيّ، أَحَدُ كِبارِ مُؤَسِّسِي عُلُومِ العَرَبِيَّةِ، يَقُول: «فَإِن يَكُنْ سَنَحَ لِغَيرِي عِلَّةٌ لِما عَلَّلتُهُ مِن النَّحْوِ هي أَليَقُ مِمَّا ذَكرتُهُ بِالمَعلُولِ فَليَأْتِ بِها».
واليَومَ، طَلَعَ عَلَينا الصَّدِيقُ الكَبِيرُ، الدّكتُور إِمِيل يَعقُوب، بِكِتابهِ القَيِّم «يا مَجمَع اللُّغة العربيَّة أَرِحنا مِن حَرَكاتِ الإِعراب». وزُبْدَتُهُ الطَّرْحُ الآتِي: «لا أَهَمِّيَّةَ لِلحَرَكاتِ الإِعرابِيَّةِ في تَبْيانِ المَعانِي، إِلَّا في الأَسالِيبِ العَرَبِيَّةِ النَّادِرَةِ المُمكِنِ استِبدالُها بِأُخرَى» (ص 12).
وهذه الدَّعوَةُ الصَّرِيحَةُ هي مُحاوَلَةٌ جَرِيئَةٌ مِنهُ قد تُحدِثُ انقِلابًا في رُكُودِ العَقلِ العَرَبِيِّ، ويَقِينًا سَتُثِيرُ دَهشَةً مُبارَكَةً فَـ «العِلمُ يَبدَأُ بِالدَّهشَةِ»، على ما رَأَى أَرِسطُو. وفي الواقِعِ، هو عادَ يُثِيرُ هذه المَسأَلَةَ الحَسَّاسَةَ، بَعدَ أَن مَرَّت على شَرارَتِها الأُولَى عُقُودٌ طِوال.
فَقَد كانَ مِن أَبرَزِ القائِلِينَ بِها العالِمُ اللُّغَوِيُّ المُلَقَّبُ قُطْرُب (821 م). ومُؤَدَّى رَأيِهِ أَنَّ حَركاتِ الإِعرابِ الثَّلاثَ إِنَّما جِيْءَ بِها لِلسُّرعَةِ في الكَلامِ، ولِلتَّخَلُّصِ مِنِ التِقاءِ السَّاكِنَينِ عِند اتِّصالِ الكَلامِ، ثُمَّ يُفَسِّرُ بَعدَ ذلك سَبَبَ اختِيارِهِم لِلعَلاماتِ الإِعرابِيَّةِ، ويُقَرِّرُ بِأَنَّها لَيسَت ذاتَ أَثَرٍ أَو دَلالَةٍ على المَعانِي».
إِمِيل يَعقُوب لُغَوِيٌّ مَرجِعٌ، عالِمٌ ثِقَةٌ وعَرَبِيٌّ نُدْبَةٌ، ما ارتَضَى كُلَّ ما جاءَ في مُصَنَّفاتِ اللُّغَةِ على أَنَّهُ مُنزَلٌ، مُنَزَّهٌ عن النِّقاشِ، بَل كانَ المُبتَكِرَ السَّخِيَّ الواهِب. قَضَى العُمرَ المَدِيدَ مُلازِمًا لُغَةَ الضَّادِ، مُستَخرِجًا لُؤْلُؤَها المَكنُونَ، جالِيًا لِلمَلَأ جَمِيلَ تُراثِها في كُتُبٍ أَرْبَت على المِئَتَينِ، فَباتَ «يَنامُ مِلءَ جُفُونِهِ عن شَوارِدِها»، هو الَّذي ما ضَنَّ يَومًا بِمَعلُومَةٍ على طالِبٍ أَو كاتِبٍ أَو سائِل.
لَقَد فَقِهَ الضَّوابِطَ المَوضُوعةَ لِلُّغَةِ، ومَلَكَ نَحْوَها حَتَّى الجَمامِ، فَتَبَدَّت له – وهذا هو رَأيُهُ الخاصُّ – في مَتنِها العَرِيضِ، تَعقِيداتٌ نَوافِلُ قد تُمسِي وَبالًا على استِمرارِيَّتِها، ومُواكَبَتِها اللُّغاتِ الحَيَّة. فَتاقَ إِلى القَضاءِ عليها، وراحَ التَّوْقُ يَتَأَجَّجُ في أَعماقِهِ لِسَنَواتٍ طِوالٍ، ثُمَّ أَدرَكَ أَنَّ بُلُوغَ الحَقِيقَةِ لا يَكُونُ بِالحُلمِ فَقَط، بَل بِالسَّعْيِ المُضْنِي، والتَّضحِيَةِ الجَسِيمَةِ، فَسَفَحَ اللَّيالِيَ في الكَدِّ والجِدِّ والتَّنقِيبِ، وإِذْ بِهِ، والعَينُ قَرِيرَةٌ، يَضَعُ المِبضَعَ السَّنِينَ في قُدْسِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ حَيثُ رَأَى دُمَّلًا مُتَوَرِّمًا يَتَفاقَمُ لِيُودِيَ بِالنَّسِيجِ السَّلِيمِ الَّذي يُجاوِرُه، ويَدعُو جَهارًا، وبِبَساطَةِ المُرتاحِ إِلى رُؤْيَتِه، إِلى طَرْحِ العلاماتِ الإِعرابيَّةِ، وإِراحَةِ كاهِلِ الضَّادِ مِن عِبْئِها الثَّقِيلِ الرَّازِحِ على كَلكَلِها لِسِنِينَ غَبَرَت، والحائِلِ بَينَها وبَينَ مُرِيدِينَ لها، شَغُوفِينَ بِجَمالِها. وهو، في قَصدِهِ هذا، على حَقٍّ، فَـ «الفَهْمُ تَمَلُّكٌ لِلمَفهُوم»، والصَّعبُ مُنَفِّرٌ إِلَّا لِلنَّدَرَى.
وإِذا كانَ «أَوَّلُ التَّجدِيدِ قَتْلُ القَدِيمِ فَهْمًا»، كما يَقُولُ الشَّيخُ أَمِين الخَولِي، فَإِنَّ صاحِبَنا قَد وَفَّى ما عَلَيهِ إِذ امتَلَكَ أَزِمَّةَ العَرَبِيَّةِ بِقَدْرٍ ما بَلَغَهُ إِلَّا القَلِيلُون، ثُمَّ جاءَ بِطَرحِهِ المُثِيرِ لِلجَدَلِ، مِن سُدَّةِ العارِفِ القَدِيرِ، لا مِن مَخبَأِ العاجِزِ الغَرِير.
ونَتَساءَلُ: أَلَيسَ صاحِبُنا على حَقٍّ في مَسعاه؟! أَم عَلَينا أَن نَبقَى نُعانِي اكتِناهَ اللُّغَةِ وأُصُولِها وقَواعِدِها، فَنَنكَفِئَ عَنها، حِينَ يَسعَى الآخَرُونَ إِلى لُغاتِهِم بِشَوقٍ، لِيَصِحَّ فِينا القَولُ المُشتَرَكُ لِطَهَ حُسَين وقاسِم أَمِين: «القارِئُ يَقرَأُ لِيَفهَمَ في أُورُوبَّا، بَينَما يَجِبُ أَن يَفهَمَ لِكَي يَقرَأَ في اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ»؟!
صاحِبُنا لا يُعِيدُ صِياغَةَ القَواعِدِ في اللُّغَةِ، أَو يَستَثمِرُ فِيها لِنَشرِ كُتُبٍ تَدُرُّ عليه الدَّراهِمَ، وإِنَّما شَمَّرَ لِمُحاوَرَةِ ما وَرِثنا مِن السَّلَف، وتَقوِيمِ سَبِيلِهِ كَي تَكثُرَ السَّابِلَةُ على دُرُوبِ اللُّغَةِ، وتَعِجَّ أَيُّامُها بِالإِبداعِ والمُبدِعِين.
وهو، الضَّلِيعُ في أُمُورِها كافَّةً، والسَّابِرُ أَعمَقَ أَغوارِها، يَأتِي مِن أَعلَى مَراتِبِها، يَقُودُها إلى مَشرَحَةِ العَمَلِ المَسؤُولِ الجادِّ، ويَنتَزِعُ مِن جِسمِها ما يَراها عِلَلًا سَوفَ تَستَفحِلُ إِذا استَمَرَّ التَّغاضِي عن وُجُودِها بِسِياسَةِ النَّعامَةِ، والهُرُوبِ إِلى أَمام.
ويَقِينًا إِنَّ ما حَداهُ هو مُعاناةٌ مع طُلَّابِهِ سَحابَةَ عُمرٍ مِنَ الكِفاحِ في التَّعلِيمِ، ومع القُرَّاءِ مَدَى مَسِيرَةٍ عامِرَةٍ مِن التَّنقِيبِ والتَّألِيفِ والتَّوثِيقِ والنَّشرِ، وهو المُدرِكُ عَمِيقًا مع ابْنِ جَنِّيٍّ أَنَّ «وَظِيفَةَ اللُّغَةِ الأَساسِيَّةَ هي التَّعبِيرُ عن أَغراضِ كُلِّ قَومٍ».
نَعَم…
أَللُّغَةُ هي رُوحُ القَومِ، وفِكرُهُم، وتَجَلِّي أَحاسِيسِهِم تُراثًا مَصُونًا، والعُرْوَةُ الوُثْقَى بَينَهُم، وجُذْوَةُ ماضِيهِم الباقِيَةُ حَيَّةً عَبرَ السِّنِين.
ثُمَّ هل مِن غَرَضٍ أَسمَى، أَيَّامَنا هذه، مِن استِرجاعِ الشَّبِيبَةِ النَّافِرَةِ مِن تَعقِيداتِ الكِتابَةِ، إِلى كَنَفِ اللُّغَةِ الشَّفِيقِ الرَّفِيق؟!
هذا «النَّزيهُ المُحِبُّ لِلعِلمِ، البَعِيدُ عن المُتاجَرَةِ به، غَيرُ السَّاعِي إِلى الشُّهرَةِ الباطِلَةِ، والرِّبْحِ المادِّيِّ…» (ص 15)، ما كان لِيَطمَحَ، في أَيَّةِ مَرحَلَةٍ مِن أَبحاثِه، إِلى تَشنِيفِ أُذُنَيهِ بِالقَولَةِ القَدِيمَةِ المَعهُودَة: «زِدْهُ أَلفَ كِيسٍ أَزرَقَ، وعِشرِينَ مِن الجِمالِ ذاتِ الحَدَبَتَينِ»!
والمُطَّلِعُ على كِتابِهِ يُدرِكُ مَدَى الجَهْدِ المَبذُولِ، ووَفرَةَ المراجِعِ الَّتي طَرَقَها كَي لا يُقَصِّرَ في إِبرازِ آراءِ المُنادِينَ بِـ «نَظَرِيَّتِهِ»، وآراءِ داحِضِيها، مِن دُونِ مَيْلٍ أَو تَغاضٍ أَو إِجحافٍ، فَبَرَزَ أَكادِيمِيًّا مِن طِرازٍ عالٍ، مُتَجَرِّدًا مِن كلِّ هَوًى.
لقد فَتَحَ هذا المُفَوَّهُ، القابِضُ على أَزِمَّةِ الصَّرْفِ والنَّحْوِ، الوَثِيقُ الحُجَّةِ، السَّاطِعُ البُرهانِ، نافِذَةً على النِّقاشِ الجادِّ المُثمِرِ، بَعِيدًا مِن المُكابَرَةِ والتَّعَنُّتِ والعُبُودِيَّةِ العَمياءِ، ونحن نَشُدُّ أَزْرَهُ في تَحفِيزِ الحِوارِ، ونَدعُو القادِرِينَ إِلى انتِضاءِ الأَقلامِ المُتَنَوِّرَةِ، ووُلُوجِ ساحَةِ الجِدالِ المُفِيدِ، فَـ «العَقلُ يَقَعُ على العَقلِ»، والمَسِيرَةُ لا تَتَقَدَّمُ إِلَّا بِالتَّكاتُفِ، وتَبادُلِ الآراءِ، وُصُولًا إِلى الأَصوَبِ والأَجدَى والمُستَساغ.
ولا رَيبَ أَن دَعوَتَهُ سَتُلاقِي الرَّفضَ الصَّارِمَ مِن الكَثِيرِينَ الَّذِين يَرَوْنَ عافِيَةً وتَوَرُّدًا ورُواءً حَيثُ رَأَى هو العِلَّةَ المُبِينَة. ولا خُسْرانَ في التَّضادِّ، فَمِنهُ تَنطَلِقُ شَرارَةُ الجَدَلِ الصِّحِّيِّ الَّذي نَأمَلُ له تَبَرعُمًا وتَفَتُّقًا وازهِرارًا. ولا يَخشَيَنَّ أَحَدٌ عاقِبَةَ المُناظَرَةِ، إِذ «لا يُمكِنُ أَن يَتِمَّ أَيُّ انقِلابٍ ذِهنِيٍّ مِن دُونِ تَمزِيق»، على ما يَرَى هربرت سبنسر (Herbert Spencer, 1820 – 1903).
وفي النِّهايةِ، يَقِينُنا أَنْ سَتَحكُمُ، بين الآراءِ المُختَلِفَةِ، الآيةُ الكَرِيمَة: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذهَبُ جُفاءً، وأَمَّا ما يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ في الأَرض﴾(2).
ويَهجِسُ في صَدرِنا الآتِي: بينَ قائِلٍ بِحَتمِيَّةِ بَقاءِ الحَرَكاتِ الإِعرابِيَّةِ ضابِطًا لِلنَّصِّ ومُوَجِّهًا إِلى المَعانِي المَقصُودَةِ، وَداعٍ إِلى زَوالِها بِحُجَّةِ عَدَمِ ضَرُورَتِها، وواجِبِ تَبسِيطِ اللُّغَةِ، والتَّرغِيبِ بِها، هل تَكُونُ حَرَكَاتُ الإِعرابِ نِعمَةً أَم نَقمَة؟!
وَهَلِ التَّخَلُّصُ مِن هذه الحَرَكاتِ سَيُفضِي، على رَأيِ المُنافِحِينَ عَنها، إِلى قِراءاتٍ مُتَناقِضَةٍ أَحيانًا، تُبَدِّلُ في الدَّلالاتِ والأَغراض؟!
لِنَأخُذ، مَثَلًا، الجُملَةَ الآتِيَة، مُجَرَّدَةً مِن الحَركاتِ الإِعرابِيَّة: (جاء القاتِل الأَمِير). فَإِذا قَرَأناها على النَّحوِ الآتِي: (جاءَ القاتِلُ الأَمِيرُ)، كانَ الأَمِيرُ نَعتًا لِـ «القاتِل» أَو عَطفَ بَيان. وإِن قَرَأناها هكذا: (جاءَ القاتِلُ الأَمِيرَ)، كانَ الأَمِيرَ مَفعُولًا بِه لاسمِ الفاعِلِ «القاتِل». أما على النَّحوِ الآتِي: (جاءَ القاتِلَ الأَمِيرُ)، فَيَكُونُ الأَمِيرُ فاعِلًا لِـ «جاءَ»، والمَعنَى أَنَّ الأَمِيرَ زارَ القاتِلَ.
ومَثَلٌ آخَر: «أَنا قاتِل عَدُوِّي الجانِي». فَلَو حَرَّكناها هكذا: «أَنا قاتِلُ عَدُوِّي الجانِي»، كانَ فِعلُ القَتلِ قَد تَمَّ قَبلًا. أَمَّا على النَّحوِ الآتِي: «أَنا قاتِلٌ عَدُوِّي الجانِي»، فَإِنَّ فِعلَ القَتلِ لَم يَتِمَّ بَعْدُ، وإِن كانَت نِيَّةُ القَتلِ مَوجُودَة.
ومَثَلٌ أَيضًا: ما أَبدَع الأَدِيب.
فَلَو حَرَّكناها هكذا: «ما أَبدَعَ الأَدِيبَ»، كانَ «الأديب» مَفعُولًا بِه مَنصُوبًا، والتَّأوِيلُ: شَيءٌ أَبدَعَ الأَدِيب. أَمَّا إِذا حَرَّكناها هكذا: «ما أَبدَعَ الأَدِيبُ»، كانَ «الأديب» فاعِلًا مَرفُوعًا، وَلَتَغَيَّرَ مَعنَى الجُملَةِ بَينَ التِّلاوَتَين.
ونُقَدِّمُ القولَ الآتي: «أنا أُوَجِّهُ عَمَلِي في اتِّجاه ما سَبَقَني». فإذا حَرَّكنا الهاءَ في «اتِّجاه» بِالكَسرَةِ أَو بِالتَّنويِنِ يَأتِينا مَعنَيانِ مُختَلِفان.
ونَستأنِسُ بِالقَولِ الوارِدِ في كِتابِ صاحِبِنا: «إنَّ الله بَرِيءٌ مِن المُشرِكِينَ ورَسُوله» (ص 32). فَكَسرُ اللَّامِ في «ورَسُوله»، وفَتحُها، يُعطِيانِ مَعنَيَينِ مُتَضادَّين.
ورَدًّا على مَن يقولونَ بِضَرُورَةِ الحَرَكاتِ الإِعرابيَّةِ لِتَبيانِ المَعنَى أَورَدَ الصَّدِيقُ المَثَل الآتِي: «خَرَقَ المِسمارَ الثَّوبُ» (ص 77)، قائِلًا إِنَّ قَرِينَةَ المَعنَى تُوَضِّحُ أَنَّ الفاعِلَ هو المِسمارُ حَتَّى وَلَو نُصِب. فَنَقرَأُ أَمامَه: «ضَرَبَ الوالِدَ الوَلَدُ». فهل تَدُلُّ قَرِينَةُ المَعنَى أَنَّ الوالِدَ هو الفاعِلُ وَلَو نُصِبَ، وَنَحنُ نَعلَمُ، مِن الحِكايَةِ، أَنَّ الوَلَدَ عاقٌّ يَضرِبُ أَباه؟!
على أَنَّنا لَن نَظلِمَهُ فهو لم يُعَمِّمْ دَلالَةَ «قَرِينَةِ المَعنَى» إِذْ يَقُول: «وهكذا نَرَى أَنَّنا نُمَيِّزُ بين الفاعِلِ والمَفعُولِ، في الكَثِيرِ مِن الجُمَلِ، استِنادًا إلى هذه القَرِينَة» (ص 81).
أَمَّا إذا استَنجَدَ بِـ «تَراتُبِيَّةِ الفاعِلِ والمَفعُول» نَسأَلُه: هل كلُّ قارئٍ على اطِّلاعٍ عليها؟!
وَإِذا اعتَمَدنا إِلغاءَ الحَرَكاتِ الإِعرابِيَّةِ قَطْعًا، أَفَلا نُواجِهُ مَواقِفَ مُماثِلَةً لِما سَبَقَ، ونَرُوحُ نَبتَكِرُ لِكُلٍّ مِنها مَخرَجًا وقاعِدَةً، فَنَكُونُ كَمَن شَرَعَ مَغْناهُ إِلى الرِّيحِ السَّمُوم؟!
ثُمَّ…
أَلا تَكفِينا هذه الأَمواجُ الصَّاخِبَةُ مِن القِراءاتِ المُتَعَدِّدَةِ، تَأتِينا مِن كُلِّ أَوْبٍ وصَوْبٍ، ضارِبَةً أُصُولَ اللُّغَةِ بِعُرضِ الحائِطِ، حَتَّى باتَت مَقبُولَةً مِن شَرائِحَ واسِعَةٍ شاسِعَةٍ مِن النَّاس، وكَأَنَّها في النَّسَقِ الطَّبِيعِيِّ السَّلِيم؟!
ونَتَفَكَّرُ، قَبلَ جُحُودِنا إِرثًا مُبارَكًا أَصِيلًا، بِقَولَةِ الدّكتُور مُصطَفَى جَواد: «أَلحُرُوفُ العَرَبِيَّةُ إِذا أُزِيلَت عَنها الحَرَكاتُ زالَت مِنها البَرَكاتُ»، وإِنْ كان وَكْدُ مُؤَلِّفِنا الغَيُورِ هو إِلغاءُ الحَرَكاتِ الإِعرابِيَّةِ فَقَط.
ولَن نَسرُدَ المَزِيدَ مِن الأَمثِلَةِ، دِفاعًا عن الحَرَكاتِ الإِعرابِيَّةِ، لِضِيقِ المَجالِ، ولكِنَّنا نَسأَلُ هذا الجَرِيءَ اللَّبِيب: أَلا يَزُجُّ «إِلغاءُ حَرَكاتِ الإِعرابِ» القارِئَ في مَتاهَةِ التَّأوِيلِ الَّذي يُفضِي إِلى مَعانٍ مُختَلِفَة؟!
والكَلِماتُ، أَلَيسَت دَلالاتٍ على الأَفكارِ، كما يَرَى صَمُوئِيل جُونسُون؟!
فَكَيفَ لَها أَن تَقُومَ بِما عَلَيها مِن واجِبِ الدَّلالَةِ إِذا أَعاقَها الالتِباسُ والغُمُوض؟!
وهي، بِصِفَتِها رَسُولَ الكاتِبِ إِلى الأَمْلاءِ – والرَّسُولُ يَنقُلُ صُورَةَ عَقلِ المُرسِلِ -، هَل يَجُوزُ لها أَن لا تَكُونَ مُلُوكِيَّةَ الحُضُورِ، والأَداءِ، ثابِتَةَ الأَركانِ، لا تَسمَحُ بِالهَوَى الشَّخصِيِّ والانفِلاتِ، لاسِيَّما وإِنَّها تَدخُلُ جَمِيعَ المَجالِسِ، ومِنها العُليا السَّامِقَةِ العَمَدِ، الأَنِيقَةِ المَظاهِرِ، المُتَرَفِّعَة؟!
فَهَل نَرتَضِي أَن يَقرَأَها كُلٌّ على مِزاجِهِ، فَنَبتَنِيَ بُرْجًا جَدِيدًا لِبابِلَ بَعدَ أَن طَوَتهُ الحِقَب؟!
ثُمَّ أَلا تَعكِسُ وَحدَةُ اللُّغَةِ الكَثِيرَ مِن وَحدَةِ الشَّعبِ والمُجتَمَعِ، فَما يَكُونُ إِذا فُتِحَت على قِراءاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ تَتبَعُ مَيْلَ القارِئِ وارتِياحَهُ إِلى مَخارِجَ صَوتِيَّةٍ تُناسِبُهُ، وتُوائِمُ مَشرَبَه؟!
وهل لا تَطِنُّ في آذاننا صَرخَةُ الخَلِيفَةِ عَبْدِ المَلِكِ: «اللَّحْنُ (الخَطَأُ في اللُّغَةِ) في الكَلامِ أَقبَحُ مِنَ التَّفتِيقِ في الثَّوبِ النَّفِيسِ»!
وهل علينا أَلَّا نَخشَى الانزِلاقَ إِلى العامِّيَّاتِ إِذا أَرخَينا الحَبْلَ على الغارِبِ، فَباتَ كُلُّ جَوادٍ سَيِّدَ شَوْطِهِ، يُحَرِّكُ الكلامَ كما يَطِيبُ له التَّحرِيك؟!
وأَخِيرًا، نُسِرُّ إِلى قارِئِنا أَنَّ ما انتابَنا إِبَّانَ قِراءَةِ كتابِ صاحِبِنا النَّفِيسِ، إِنْ هو إِلَّا أَسئِلَةٌ نَضَعُها بين يَدَيه، هو العَلَّامَةُ الَّذي ما عَيَّى بِجَوابٍ يَومًا.
صَدِيقَنا!
في زَمَنٍ تَسَلَّلَت فيه الرَّطانَةُ إلى الرَّصانَةِ في كَثِيرٍ مِن مَحافِلِ القَومِ، وأَضحَى انتِهاكُ الأُصُولِ في لُغَتِنا الجَمِيلَةِ يَمُرُّ مِن دُونِ أَن تَزْوَرَّ عَينٌ، أَو تَعلُو صَرخَةُ احتِجاج…
وفي أَيَّامٍ غَدَت فيها مُطارَحاتُ القائِمِينَ على سِياسَةِ المَلَأِ وقِيادَةِ المُجتَمَعِ، والإِعلامِيِّينَ الَّذينَ يَدخُلُونَ إِلى آذانِ المَلايِينِ، دَلِيلًا مُبِينًا على مَدَى الانحِدارِ عن النُّطقِ السَّلِيمِ، والقِراءَةِ الرَّاقِيَةِ، ما يَجرَحُ، حَتَّى العَظْمِ، مَن تَسرِي العَرَبِيَّةُ، الَّتي يُباهِي بِها أَلسِنَةَ الأُمَم، نُسْغًا في عُرُوقِهِ…
وفي مُجتَمَعاتِنا العَرَبِيَّةِ، حيث تَتَراجَعُ اللُّغَةُ الأُمُّ، ويَنحَسِرُ التَّواصُلُ مَعها، وتَنكَفِئُ ناشِئَتُنا إِلى اللُّغاتِ الغَرِيبَةِ حَيثُ تَجِدُ لها مُتَنَفَّسًا مِن قَواعِدَ صارِمَةٍ يَصعُبُ استِيعابُها إِلَّا بِسَفْحِ السَّاعاتِ واللَّيالِي، حِين يَقفِزُ العَصرُ، ويَطِيرُ ولا يَسِيرُ، والحَياةُ الرَّاهِنَةُ تَقتَضِي مِن المُكافِحِينَ على دُرُوبِها سَعيًا لا يَفتُرُ، وسِباقًا لا هَوادَةَ فيه.
في كُلِّ هذه الظُّرُوفِ، حَسبُكَ أَنَّكَ حَرَّكتَ المياهَ الرَّاكِدَةَ بِعصاكَ السِّحرِيَّةِ، وفَتَحتَ المَجالَ فَسِيحًا لِلنِّقاشِ المُثمِرِ الَّذي، وَحدَهُ، يُخرِجُنا مِن مَتاحِفِ التَّارِيخِ، وزَوايا الجَفاءِ، إِلى الشَّمسِ الكاشِفَةِ، والتَّفاعُلِ مع العَصر، ومَيادِينِ الحَياة.
فَلا يَخذُلَنَّكَ عَذْلٌ مِن هُنا، وامتِعاضٌ مِن هُناك، وحَمَلاتٌ مِن هُنالِك، فَـ «النَّفِيسُ غَرِيبٌ حَيثُما كانا»(3)…
لقد أَشعَلتَ سِراجَكَ، والنَّفَقُ يَعرُوهُ ظَلامٌ ومَفارِقُهُ صَعبَةُ الوُلُوجِ، فَمَن استَضاءَهُ فَلَهُ الدَّرْبُ المُبِينَةُ، والعُبُورُ الآمِنُ، ومَن كابَرَ ولَعَنَ الشُّعلَةَ العارِضَةَ، لِنَفسٍ ما زالَت مُحَنَّطَةً في قَوالِبِ الماضِي، فَلَهُ ما أَرادَ مِن انكِفاءٍ، وليَحمِلْ عِبءَ تَقاعُسٍ يَنعَكِسُ على لُغَتِنا، وَجهِنا الحَضارِيِّ، وله أَن يَستَأنِسَ بِأَشباحِ الطَّرِيقِ الَّتي اختارَها ما طابَت له وَحشَتُها والمَصاعِب.
أَمَلُنا أَن لا يُحكَمَ عليكَ قَبلَ التَّمَعُّنِ في كُلِّ كَلِمَةٍ سَطَّرتَها، وكُلِّ تَعِلَّةٍ أَورَدتَها، فَـ «مِن كلامِكَ تَتَبَرَّأُ، ومِن كَلامِكَ يُحكَمُ عَلَيك»(4)، واعلَم أَنَّ المَنطِقَ السَّلِيمَ صادِمٌ أَبَدًا، ولكنَّهُ «يَستَولِي على الأَمَدِ»(5) في نِهايَةِ الكَرِّ والفَرّ.
أَمَّا نحن، فَلَن نَتَّخِذَ جانِبًا في ما يَخُصُّ طَرْحَكَ، لا مَعَكَ ولا عَلَيكَ، وإن كان هَوانا يَمِيلُ إِلى تَبسِيطِ العَرَبِيَّةِ الَّذي باتَ حاجَةً ماسَّةً، فَنَذِيرُ الآتِي قَد يَكُونُ شُؤْمًا، لا سَمَحَ الله!
كَما إِنَّنا نُدرِكُ مَدَى غَيرَتِكَ على لُغَةٍ رافَقَتكَ على العُمرِ، وأَنتَ تَرَى عَقَباتٍ كَأْداءَ في مَسِيرَتِها يُمكِنُ تَخَطِّيها.
أَلَا رَحِمَ اللهُ أَدِيبَنا أَمِين الرَّيحانِي، لَكَم كان يُعانِي لِيَقُولَ بِمِلءِ فَمِه: «كَفانِي مِنَ النَّحْوِ مَشَقَّةً وعَذابًا، لَقَد أَنهَكتُ قِوايَ، وتَمَزَّقَت أَحشائِي بَينَ الكِسائِي، وسِيبَوَيْه، وابْنِ مالِكٍ، ونِفْطَوَيْه…»؟!
إِمِيل يَعقُوب!
حَسبُكَ الصِّدقُ المُبِينُ في سَعيِكَ، وإِنَّنا لَنُبارِكُ مُحاوَلَتَكَ في كَونِها فَتَحَت كُوَّةً في جِدارٍ مُغلَقٍ صَفِيقٍ يَسُدُّ على الحِوارِ، ويُسَفِّهُ المُتَحاوِرِين، فَمِن قَناعاتِنا احتِرامُ كُلِّ رَأيٍ ولَو خالَفَ إِيمانَنا، ونحن على سُنَّةِ دِيكَارت (Décartes) في قَولِه: «لِكَي تَبلُغَ الحَقِيقَةَ يَجِبُ أَن تَنسَى مَرَّةً فِي حَيَاتِكَ جَمِيعَ الآرَاءِ والاعتِقَادَاتِ الَّتِي شَبَبتَ عَلَيهَا ثُمَّ تُقِيمُ أُسُسًا جَدِيدَةً لِآرَاءٍ وَاعتِقَادَاتٍ شَخصِيَّة».
باحِثَنا العَزِيز.
أَلَا قُل: «أَللَّهُمَّ إِنِّي بَلَّغتُ»… وَ «إِن لَم يَستَجِيبُوا لِنِدائِكَ، فَامْضِ وَحِيدًا، إِمْضِ وَحِيدًا…»، كما قالَ رابندرانات طاغُور، وَلَأَنتَ أَدرَكُ النَّاسِ بِصَرخَةِ مُحَمَّد مَهدِي الجَوَاهِرِي:
«لِثَورَةِ الفِكرِ تَارِيخٌ يُحَدِّثُنَا بِأَنَّ أَلفَ مَسِيحٍ دُونَهَا صُلِبَا»!
ثُمَّ سِرْ، في أَبحاثِكَ، ولا يُثَبِّطَنَّكَ عَن جِدِّكَ نَقدٌ مِن هُنا، وتَجَنٍّ مِن هُناكَ، وَلْتَكْثُرِ الرُّدُودُ عَلَيكَ، ولْيَتَفاقَمِ الجَدَلُ، فَعُقْبَى ذلك صُعُودٌ في المُرتَقَى، فَـ «ما دامَت تَسِيلُ اليَنابِيعُ… سَتَجرِي الأَنهُر»، على رَأْيِ جَلال الدِّين الأَفغانِي.
هكذا.
ومع خَشيَتِنا مِن أَن يَسرِيَ علينا قَولُ الجنرال شارل دِيغُول: «تَتَنازَلُ، بَدْءًا، عَن قُبَّعَتِكَ، ثُمَّ تُتبِعُها مِعطَفَكَ، ثُمَّ قَمِيصَكَ، ثُمَّ جِلدَكَ، وتَنتَهِي بِالتَّنازُلِ عن ذاتِك»…
فَإِنَّنا نُحَيِّي جُرأَتَكَ، وجِهادَكَ، ونُقُول مُخلِصين: عافاكَ الله!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): «اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ رُبَّما تَكُونُ أَقدَمَ لُغَةٍ في العالَمِ لِأَنَّها الأَكثَرُ تَعقِيدًا»
(العالِمُ اللُّغَوِيُّ لوِيس ماسِّينيُون Louis Massignon, 1883 – 1962)
(2): (القُرْآنُ الكَرِيمُ؛ سُوْرَةُ الرَّعْد؛ الآيَةُ 17)
(3): قال المُتَنَبِّي: وَهَكَذَا كُنتُ في أَهلِي وفي وَطَنِي إِنَّ النَّفِيسَ غَرِيبٌ حَيثُما كَانَا
(4): (إِنجِيل مَتَّى، فَصْل 12، آيَة 37)
(5): إِلَّا لِمِثْلِكَ، أَوْ مَنْ أَنْتَ سَابِقُهُ سَبْقَ الجَوَادِ، إِذَا اسْتَوْلَى عَلَى الأَمَدِ
(النَّابِغَة الذّبيَانِي، المُعَلَّقَة: «يَا دَارَ مَيَّةَ بِالعَلْيَاءِ فَالسَّنَدِ»)
(ت: (277668/03) – (410808/04)