تتسارع الأحداث في قطاع غزة خاصة بعد فرض حصار كامل على سكانه بالإضافة لاستهداف مستشفى “المعمداني” الذي أدى إلى مقتل أكثر من 500 مدني بتقدير أولي.
ما أدى إلى حدوث غليان في الشارع العربي وخاصة في الدول المحيطة بفلسطين، الأمر الذي دعى الرئيس الأمريكي جو بايدن للسفر على وجه السرعة للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإيجاد مخرج مُخطِطا في الوقت ذاته للقاء الرئيس المصري وملك الأردن والرئيس الفلسطيني، ليفشل عقد الاجتماع بعد استهداف الجيش الإسرائيلي للمستشفى.
إذ حذرت عدد من الدول من أن تتجاوز مساحة الصدام الأراضي الفلسطينية ولتهدد إيران و”حزب الله” بتصعيد المواجهة على خلفية التصعيد الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينين، لتخرج مصر محذرة من مخطط إسرائيلي يهدف لترحيل سكان القطاع إلى سيناء.
“مصر جاهزة للدخول في الحرب إذا تم المساس بأمنها القومي”
حول جاهزية مصر للدخول بحرب إقليمية مع إسرائيل، وصف الخبير وأستاذ علم الاجتماع السياسي المصري، محمد سيد أحمد، في حديث مع “سبوتنيك” أن مصر جاهزة.
وأشار إلى أنه منذ 2013 وبعد الإطاحة بجماعة “الإخوان المسلمين الإرهابية” من سدة الحكم، كان أحد أبرز المهام التي وضعها الرئيس عبد الفتاح السيسي، هي محاربة الإرهاب وإعداد الجيش المصري وإعادة تجهيزه بعيدا عن التسليح الأمريكي، حيث أصبح هناك تنوع في مصادر السلاح، ومصر استوردت أسلحة من عدة دول كإيطاليا وفرنسا وروسيا وألمانيا.
وأضاف: “استطاعت مصر إقامة أكبر قاعدتين عسكريتين في أفريقيا والشرق الأوسط، كقاعدة “محمد نجيب” العسكرية في الغرب، للتهديدات القادمة من جهة الغرب نتيجة للأحداث في ليبيا وقاعدة “برنيس” العسكرية في الجنوب نتيجة التهديدات القادمة من الجنوب من السودان.
الجيش المصري على جاهزية كبيرة وشاهدنا كيف أنه على مدار عشر سنوات واجه الإرهاب في سيناء وهذا معناه أنه في قمة جاهزيته وعندما جاء التهديد من تركيا على الأرض الليبية، شاهدنا العمليات والتصريحات التي قام بها الجيش المصري، والرئيس السيسي أكد أن خط سرت الجفرة، خط أحمر، وهنا كان الرئيس المصري يتحدث عن مساحة شاسعة من الأرض الليبية والجيش المصري جاهز للوصول إليها”.
وأكد الخبير على التجهيزات الكبيرة للبحرية المصرية، و”أن الجيش المصري يصنف بين الجيوش الكبيرة والمتقدمة في العالم ومصر تمتلك جيش قوي جاهز للدفاع عن التراب المصري، ومصر دولة لا تعتدي على أحد وتمد يدها للسلام، لكن إذا اقترب أحد من الحدود المصرية أو اضطرينا لدخول حرب نتيجة
للاعتداءات والتهديدات التي تمس الأمن القومي المصري، فستدخل مصر هذه المعركة”.
وأردف: “الولايات المتحدة بما تمارسه من ضغوط واستفزازات للمنطقة العربية على أثر عملية “طوفان الأقصى” والقصف الصهيوني على الشعب الفلسطيني والإنساني والوحشي، لم تحسبها بشكل جيد في ما يخص هذه المواجهة وستكون صعبة عليها وعلى حلفائها وبخاصة العدو الصهيوني الذي أثبت أنه “بطل من ورق”، ولم يتمكن بشكل أو بآخر من مواجهة المقاومة الفلسطينية الشجاعة والتي لا تمتلك نفس الآلة العسكرية التي تمتلكها الجيوش”.
وأشار الخبير إلى أن الجيش الإسرائيلي عاجز حتى عن القيام بعمليته البرية، بقوله: “الجيش الإسرائيلي عاجز حتى عن عملية برية ومنذ أسبوعين يتحدث عن القيام بعملية برية ولكن حتى الآن عاجز عن هذه العملية، لأنه يعلم أن خسائره ستكون كبيرة وفكرة توسيع دائرة الاشتباك ليست من مصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل، لأن ذلك سيعني قيام حرب إقليمية ستشارك فيها أطراف دولية، ونشاهد روسيا والصين أقطابا جديدة في العالم، كما وشاهدنا تصريحات بوتين حول التدخلات الأمريكية، وأعتبر ما تقوم به الولايات المتحدة هي فقط لرفع الروح المعنوية للعدو الصهيوني كما حدث في حرب 1973، لكن فكرة بدء حرب أقليمية موسعة يعني ذلك زوال إسرائيل، ولا يمكن حتى أن يواجه محور المقاومة المتمثل في سوريا، لبنان، العراق، إيران واليمن.
مختتما بقوله: “الولايات المتحدة تدرك ذلك وبخاصة في ظل الظرف الدولي والصراع الروسي الأوكراني والنزاعات التي تخلقها الولايات المتحدة هنا وهناك لإعاقة ميلاد خريطة جديدة متعددة الأقطاب، أعتقد أن الولايات المتحدة في حالة لا تسمح لها بإشعال النيران بشكل يؤدي لحرب إقليمية موسعة”.
“سوريا جاهزة لفتح جبهة وتمرست على حرب غير كلاسيكية”
وحول جاهزية سوريا للدخول في حرب إقليمية، قال الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية، غالب صالح، في حديث لـ”سبوتنيك”: “الأوضاع بشكل عام مهيئة لحرب إقليمية بسبب التغيرات والظروف والأحداث التي شهدتها المنطقة خلال ربع قرن وبخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي واستفراد الولايات المتحدة بهيمنتها وغطرستها على دول العالم وأوروبا الشرقية والشرق الأوسط”.
وأضاف: “بالنسبة للتحولات التي يشهدها العالم الآن من الطبيعي أن يكون هناك صدام بين القوى الصاعدة التي تريد أو من الطبيعي أن تشكل أقطاب متعددة لمنافسة الولايات المتحدة بعد أن ضاقت الشعوب من غطرستها وممارساتها على مقدرات الشعوب وخلق الاضطرابات والحروب، والمنطقة العربية بحكم وودها في منتصف العالم ووجود معابر أساسية تجارية، ووجود منابع نفطية تشكل أحد أهم وأبرز المناطق الحيوية في العالم وبخاصة في الامدادات النفطية، ومن الطبيعي أن نشهد مثل هذه الأوضاع المضطربة”.
متابعا: “بالتالي الدول العربية المقاومة للمشروع الصهيو أمريكي، لا شك أنها تستعد لمثل هذه المواجهة منذ فترة طويلة، والعملية النوعية التي قامت بها المقاومة في غزة تظهر أن هناك تدريبا وتأهيلا ودعما وتجهيزا لمثل هذه المقاومة ونحن أمام أجواء لحرب أقليمية، فهل ستكون هذه الحرب أو لا تكون هذا سيعود لردة الفعل الإسرائيلية على المقاومة في غزة وقدرة إسرائيل على مواجهة هذا المحور ككل ومن خلفها الولايات المتحدة، لذلك حضرت أمريكا بحاملات طائراتها إلى المتوسط لحماية اسرائيل، خوفا من تداعيات الإنجاز الذي حققته المقاومة في السابع من هذا الشهر”.
وحول إمكانية استعداد سوريا لفتح جبهة في حال إندلاع حرب إقليمية في المنطقة، قال صالح: “سوريا بعد 12 عاما من الحرب العظمى على أرضها، استطاعت دحر الإرهاب بمؤازرة حلفائها كروسيا وإيران، تمرست على شكل جديد من القتال غير كلاسيكي بالتالي، سوريا على أهبة الاستعداد مع كل فصائل المقاومة والمحور في فتح جبهة فيما لو فرضت هذه الحرب أو كان لا بد منها لإنهاء الاحتلال وإيجاد تسوية للملف السوري ولبعض ملفات المنطقة، التي تسعى الولايات المتحدة لمنع إيجاد أي حل إلا من خلال الشروط التي تخدم مصلحتها، ونحن على استعداد على الرغم من ما نعيشه من أزمة اقتصادية ومعيشية، وأصبح لدينا جيش بثقافة المقاومة بحرب غير كلاسيكية وهي الطريقة الأفضل لتحقيق إنجاز على الأرض، وإسرائيل ليست مستعدة لهذا النوع من القتال، فهي متعودة على حرب بالطيران وهذا لا يحسم معركة”.
مختتما بقوله: “نحن أمام مرحلة ومعطى جديد فيما لو استمرت إسرائيل في توسيع دائرة الاعتداءات وقتل الشعب الفلسطيني في غزة وطردهم من أرضهم، فلا شك أن المنطقة ستشهد حربا واسعة وكبرى تغير وجه هذا المنطقة بشكل عام، حتى يتم إيجاد مخارج وبدائل لهذه الحروب لاعادة الإستقرر والسلام للمنطقة التي عاشت فترات طويلة من عدم الاستقرار والحروب، ولا بد من ايجاد مخارج لإنهاء الاحتلال الأمريكي لجزء من الأرض السورية ودعمه لإسرائيل من أجل بقاء هيمنة الغرب على هذه المنطقة بعد أن خسروا المعركة في مواجهة روسيا في أوكرانيا وهم يسعون هنا لتحقيق إنجاز ما وإذا خسرت الولايات المتحدة الشرق الأوسط كما يخسر حلف الناتو على الأرض في أوكرانيا، فلا شك أن ذلك سيشكل تحول نوعي على مستوى العالم وتظر تكتلات جديدة بزعامة روسيا والصين لمواجهة الولايات المتحدة في القادم من الأيام وملامح العصر الجديد بدأت بالظهور للعالم”.
“لبنان شريك في الحرب و4 سيناريوهات قد تدفع لحرب إقليمية”
من جهته وصف رئيس مركز “الدراسات والأبحاث الأنتروستراتجية”، عباس مزهر، لـ”سبوتنيك”، أن “لبنان فيما لو نظرنا لوضعه من المنظار العسكري، فهو شريك فعلي في الحرب لأن
“حزب الله” يشغل العدو الإسرائيلي في جبهته الشمالية على حدود فلسطين المحتلة، فالحزب يقوم بالعديد من العمليات العسكرية ويستهدف الجنود الإسرائيليين، هذه الوضعية العسكرية تقوم بإشغال العدو الصهيوني على جبهته الشمالية وهذا يمنعه من نقل العتاد والجنود من شمال فلسطين المحتلة الى غزة لكي يعزز قوته هناك، وهذه نقطة مهمة لصالح قطاع غزة”.
وأضاف مزهر: “للذين يدعون الحزب للتدخل، فالحزب متدخل ضمن قواعد الاشتباك المحددة بين المقاومة الإسلامية في لبنان والعدو الإسرائيلي ولكن في الآونة الأخيرة قامت المقاومة بعدد من التدابير التي تشير إلى إمكانية إندلاع حرب كبرى، فالحزب أخلى المواقع العسكرية الثابتة على الحدود في الجنوب وأخرج المدنيين من القرى المتاخمة لفلسطين المحتلة إلى مناطق آمنة سواء في بيروت أو إلى صيدا وغيرها، بالإضافة أنه قام بالكشف على المستشفيات والعديد من المدارس والدوائر الرسمية وربما هذا يدل على إمكانية إندلاع حرب في أي لحظة، وهذا ليس دليل قطعي ولكن هذه التدابير الاستباقية والوقائية تشي بإمكانية إندلاع حرب إقليمية كبرى”.
وحول السيناريوهات التي يمكن أن تؤدي لاندلاع حرب إقليمية كبرى وربما عالمية، قال مزهر: “السيناريوالأول، إذ استمر العدو الإسرائيلي بهذه الإبادة الجماعية لقطاع غزة عبر القصف الممنهج لقتل المدنيين، لأن الإسرائيلي حتى الآن ليس لديه أهداف عسكرية واضحة في القطاع، فهو يستهدف المدنيين والأطفال والنساء ويقصف المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وهذه الأعمال الإجرامية اذا استمرت لوقت طويل وبدأت تهدد الديموغرافية داخل فلسطين المحتلة أي إذا أدت لتهجير أو إبادة أهل غزة فهنا سيتدخل محور المقاومة وتندلع حرب إقليمية كبرى”.
وتابع مزهر: “السيناريو الثاني، اذا قرر الإسرائيلي الغزو البري وهناك رغبة في ذلك ولكن هناك إكراهات عسكرية على الأرض تؤخر وتؤجل الاجتياح البحري، باستخدام مرتزقة أجانب لأنه يوجد معلومات تتحدث عن تواجد أكثر من ألفي جندي أمريكي موجودين في الكيان الإسرائيلي بالإضافة لبضعة آلاف من الجنود من ألمانيا ومن بريطانيا في قبرص وهم يتحضرون للقدوم لدعم إسرئيل، كما وأن إسرائيل تقدمت بطلب للاتحاد الأوروبي لدعمه بالجنود ليصل عدد جنوده لحوالي نصف مليون جندي، وهذه تقارير تأتينا من فلسطين المحتلة، وفي حال تم الاجتياح البري فإن الحزب سيتدخل”.
وحول السيناريو الثالث، قال مزهر: “إذا حاول الإسرائيلي اختراق قواعد الاشتباك مع الحزب في خطوة ردعية للمقاومة، هذا سيفجر حربا إقليمية، وقواعد الإشتباك التي يفرضها “حزب الله” هي القتال على الحدود بين فلسطين المحتلة وجنوب لبنان، هذه الحدود التي تم الاتفاق عليها والقتال بأن يبقى محصورا بالجنوب، فإذا حاول الإسرائيلي اختراق هذه القواعد وحاول أن يوسع نطاق قصفه للمناطق اللبنانية، هذا يمكن أن يؤدي لتدخل مباشر للحزب واندلاع حرب كبرى، أو قام “حزب الله” قام بخرق قواعد الاشتباك وقصف المستعمرات الإسرائيلية وهذا حل لن يقوم به الحزب إلا اذا وجد أن اختلال توازن القوى قد يقع وإذا شعر الحزب أن المقاومة الفلسطينية لن تستطيع ردع العدو الإسرائيلي، لأن القاعدة هنا هي أنه ممنوع سقوط حماس والمقاومة الفلسطينية وقطاع غزة”.
واختتم مزهر السيناريوهات برابعها قائلا: “هو بالتدخل الأمريكي، وبالحقيقة هي تدخلت وتدير العمليات على غزة ، واليوم الجيش الإسرائيلي هو أداة ومن يخطط ويدير العمليات هي الولايات المتحدة، لكن التدخل الأمريكي المابشر عدة وعتادا من البوارج الأمريكية التي تأتي لشوطئ فلسطين المحتلة وشواطئ لبنان، هذا التدخل سيتبعه مباشرة تدخل لمحور المقاومة”.
مشيرا إلى أن هذه السيناريوهات قد تؤدي لحرب عالمية، بقوله: “كل هذه السيناريوهات واحد منها سيؤدي لحرب إقليمية كبرى، لكن هل ستظل الأمور مقتصرة على حرب إقليمية فقط، ربما الأمور تتطور لحرب عالمية، فمن يستمع لتصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودعمه لفلسطين وحلفائه في المنطقة من إيران إلى سوريا و”حزب الله”، قد يستنتج أن مساحة الحرب قد تتجاوز بعده الإقليمي إلى عالمي وبخاصة أن روسيا لا تزال في خضم عمليتها العسكرية في أوكرانيا ومن الممكن أن تلتقي الجبهات في لحظة، والصين اليوم موقفها داعم للقضية الفلسطينية ولحلفائها في المنطقة من محور المقاومة”.
مختتما قوله: “من حيث المبدأ هذه المرة لن يكون للحرب نطاق جغرافي ضيق كما في 2006 أو 2014 عندما حاولت إسرائيل تصفية قطاع غزة، هذه المرة هناك عنوان عريض هو “وحدة الساحات” وهذا العنوان قد يتجاوز ساحات محور المقاومة إلى ساحات حلفائها وربما إلى أوكرانيا وربما قد تفتح الجبهة التايوانية الأمور كلها مترابطة والعالم كله أصبح ساحة أمنية واحدة”.