(في ذِكرَى رَحِيلِ الصَّدِيقِ، الأَدِيبِ والرِّوائِيِّ، جان سالمه، في غَفلَةِ زَمَن)
جَمَعَتنا، يا صَدِيقِي، خُلَّتانْ أَدَبٌ يُحيِي، وإِيناسٌ يُصانْ
في ظِلالِ الأُلفَةِ الأَنقَى، وفي خالِصٍ مِن عِشرَةٍ صِرْفٍ حَصانْ
كُنتَ لِي، مَدَّ سِنِينٍ عَبَرَت، كَالأَخِ الحانِي… ونِعْمَ الأَخوانْ
كُنتَ، في الصِّدقِ، مِثالًا يُحتَذَى، عاطِرَ الوُدِّ كَرَيَّا البَيلَسانْ
نَلتَقِي في كَنْفِكَ الدَّافِئِ لا إِحنَةٌ تَفرُقُ، أَو يُشجِي رِهانْ
فَإِذا دِرْعٌ(1) على صَدْرٍ سَما، أَنتَ فِيهِ الأُسُّ، يَزهُو كَالجُمانْ
أَنتَ أَسَّستَ، ودَبَّرتَ، فَفِي كُلِّ عامٍ نَلتَقِي في مِهرَجانْ
نَهَبُ الجائِزَةَ الوُثْقَى لِمَن صاغَ إِبداعًا، وأَبلَى في اللِّسانْ(2)
صاحِ… قَد غِبْتَ، وباقٍ، بَينَنا، ذِكرُكَ الغالِي على كُلِّ جَنانْ
أَخَذَتكَ الآفَةُ الأَدهَى، فَلَم يَرعَوِ عن صَفْوِكَ الحُرِّ «الكُورُونْ»(3)
بِئْسَ أَيَّامٌ أَتَتنا غِيلَةً، فَغَدَونا، في حُمَيَّاها، دُخانْ
تَلعَبُ الرِّيحُ بِهِ، لَيسَ لَهُ، في مَهَبِّ الرِّيحِ، شَأْوٌ أَو أَمانْ
لا تَخَفْ، يا صاحِبِي، خَلَّفْتَ مَنْ أَتقَنُوا السَّعيَ، وجادُوا في المِرانْ
لَن يَعِزَّ الجَمْعُ فِيما بَينَهُم، إِذْ قَضَى السَّيِّدُ، أَلقَى الصَّولَجانْ
سَيَظَلُّ الحَقلُ يُعطِي قَمْحَهُ، ذَهَبًا غَضًّا، ولَن يَطْغَى الزُّؤَانْ
وَلَيَبقَوْنَ على الإِرْثِ إِذا سَمَحَ العُمْرُ، وَواتَى الخَفَقانْ
يا أَخِي… إِنْعَمْ مع اللهِ الَّذي يَحضُنُ الخُلَّصَ في كُلِّ زَمانْ
فَلَأَنتَ الصَّاحِبُ الأَوفَى، فَما شانَكَ الضَّلُّ، ولا أَخْزَى الهَوانْ
وَسَتَبقَى النَّبْضَ في الذِّكرَى، لَنا، طالَما عِشْنا، وأَرْجانا الأَوانْ!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): هو الدِّرعُ الَّذي تُقَدِّمُهُ لَجنَةُ «جائِزَة جان سالمه»، سَنَوِيًّا، لِمُكَرَّمٍ مُبدِعٍ في مَجالٍ إِنسانِيّ.
(2): اللِّسانُ: اللُّغَة
(3): الكُورُون: هو وَباءُ الكُورُونا: Covid 19، الَّذي اجتاحَ العَالَمَ في العام 2020