قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية في تقرير لها يوم الأحد 3 آذار 2024 إن آلاف الأميركيين شاركوا في الحرب على غزة، وهو ما أثار معه أسئلة عديدة عن حجم التورط الأميركي في الحرب، وأخرى تتعلق بالقيود التي ينبغي للولايات المتحدة فرضها على حاملي الجنسية الأميركية بشأن القتال لصالح دولة أجنبية.
التقرير ذكر أن آلاف الأميركيين والإسرائيليين الذين يحملون الجنسية الأميركية غادروا الولايات المتحدة للانخراط في القتال بعيد الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مستوطنات إسرائيلية بغلاف غزة في السابع من تشرين الأول 2023.
وقالت الصحيفة إنه بالرغم من أن الأميركيين يشكلون أقل من 2% من سكان إسرائيل، فإن 10% من الجنود القتلى في غزة منذ بداية الاجتياح البري الإسرائيلي للقطاع يحملون الجنسية الأميركية.
ونقلت عن السفارة الأميركية في القدس المحتلة قولها إن 23 مواطناً أميركياً على الأقل قُتلوا في الأشهر الأخيرة في أثناء خدمتهم في الجيش والشرطة الإسرائيليين.
وتضمن تقرير الصحيفة -الذي أعده الصحفيان ستيف هندريكس وشيرا روبين- مقابلات مع 3 عائلات أميركية قتل أبناؤها خلال المعارك في غزة. ووصف التقرير الاميركيين القتلى بأن ما كان يجمعهم هو “التزامهم القوي تجاه الدولة اليهودية، بعد أن وجدوا في البلد الذي تبناهم هوية تتجاوز إلى حد كبير جواز سفرهم الميركي”.
وأثارت المعلومات التي وردت في تقرير واشنطن بوست تفاعلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تساءل الأكاديمي الأميركي من أصل لبناني جيمس زغبي “ألا توجد قيود على مشاركة المواطنين الأميركيين في جرائم حرب أثناء القتال لصالح كيان أجنبي؟”.
كما سأل زغبي في تغريدة عبر حسابه على منصة إكس “ترى كم عدد المستوطنين الإسرائيليين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين ويحملون الجنسية الأميركية أيضاً؟”.
في حين تساءلت مدونة تدعى ديالا شيهادي -في تغريدة على منصة إكس: “إذا كان بإمكان المواطنين الأميركيين خوض حرب مقدسة في إسرائيل، فهل يمكن لمواطنين أميركيين آخرين أيضاً خوض حرب مقدسة (في أماكن أخرى)؟ أليست كل الحروب المقدسة متساوية؟”.
وعلقت مغردة تدعى نوال على تقرير الصحيفة بالقول: “يوماً بعد يوم يتضح أكثر لماذا قال آرون بوشنل ما قال، وفعل ما فعل”، في إشارة إلى الجندي الأميركي الذي أحرق نفسه حتى الموت أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن؛ احتجاجاً على موقف بلاده من العدوان الإسرائيلي على غزة.
وكانت صحيفة “نيويورك بوست” نقلت الثلاثاء الماضي، عن صديق له قوله إن بوشنل أخبره باطلاعه على معلومات سرية تفيد بوجود “قوات أميركية على الأرض تقتل أعداداً كبيرة من الفلسطينيين”.
في سياق موازٍ، فقد تجمع مئات المتظاهرين أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة ودعم الإدارة الأميركية لها.
وحمل المتظاهرون، السبت، الأعلام الفلسطينية ولافتات كتب عليها “فلسطين حرة” و”أنهوا الاحتلال” و”أوقفوا الإبادة الجماعية” و”أوقفوا الدعم الأميركي لإسرائيل”.
وفي حديثه لـ”الأناضول”، قال محمد حبة أحد المتظاهرين، إنهم لن يوقفوا الاحتجاجات في الشوارع حتى تتوقف إسرائيل عن “الإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين من قبل الإدارة الإسرائيلية والأميركية”.
وأضاف أن “الرئيس جو بايدن غير قادر على التعاطف مع الشعب الفلسطيني، إنه يأكل الآيس كريم وهو يتحدث عن وقف إطلاق النار”.
بدوره، دعا المتظاهر دومينيك فييرو إلى وقف فوري لإطلاق النار، معرباً عن حزنه العميق لما يحدث من “مذابح” في فلسطين. وشدد فييرو على ضرورة عدم البقاء صامتين ضد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، مشيراً إلى أنه من لم يشعر بالألم تجاه ما يحصل في فلسطين، فهذا يعني وجود مشكلة في طبيعته.
والإثنين، توجه الطيار الأميركي آرون بوشنل (25 عاماً)، نحو مقر السفارة الإسرائيلية في واشنطن، ولدى وصوله سكب بنزيناً على رأسه وأضرم النار في نفسه وهو يصرخ “الحرية لفلسطين”، مراراً وتكراراً، حتى توقف عن التنفس، لتعلن شرطة واشنطن لاحقاً مفارقته الحياة.
وقبيل إضرامه النار بنفسه، قال بوشنل، أمام مقر السفارة: “سأنظم احتجاجاً عنيفاً للغاية الآن، لكن احتجاجي ليس كبيراً مقارنة بما يعيشه الفلسطينيون على أيدي محتليهم”.
في الوقت نفسه، فقد استشهد فلسطينيون وجُرح آخرون بينهم أطفال، مساء الأحد، في قصف إسرائيلي استهدف منزلاً في رفح جنوبي قطاع غزة، رغم تحذيرات دولية من خطورة شن عملية عسكرية على المدينة المكتظة بنازحين لجأوا إليها باعتبارها آخر ملاذ “آمن” لهم.
وأفاد شهود عيان بأن “الطائرات الحربية الإسرائيلية قصفت منزلاً لعائلة الغريب، وسط مدينة رفح، ما أسفر عن سقوط قتلى وإصابات، بينهم أطفال”.
وأشار شهود عيان إلى أن القصف أدى لتدمير المنزل بشكل كامل، وتسبب في أضرار جسيمة بمنازل المواطنين المحيطة. وحتى الساعة 20:25 (ت.غ)، لم تصدر أرقامٌ رسمية فلسطينية توضح عدد القتلى والجرحى جراء القصف الإسرائيلي للمنزل.
ومؤخراً، بحثت حكومة الحرب الإسرائيلية “الكابينت” خطة “إجلاء” الفلسطينيين من رفح في إطار الاستعداد لاجتياحها، رغم تحذيرات دولية من أن خطوة كهذه قد تؤدي إلى مجازر بحق مئات آلاف النازحين الذين لا مكان آخر يذهبون إليه، بعدما أجبروا على النزوح من كافة مناطق القطاع تحت وطأة الحرب المستعرة منذ نحو 5 شهور.
يأتي ذلك بينما تشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول 2023 حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلاً عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.