هكذا يخطط داعش لتوسيع دائرة هجماته!

ذكرت شبكة “سي إن إن”، أنه بينما كان تهديد داعش يتضاءل مع تحول عناوين الأخبار الرئيسية نحو أوكرانيا وغزة والانتخابات الأميركية المقبلة، جاء الهجوم الدموي في موسكو ليذكر العالم بالخطر الدائم المتمثل في الإرهاب.

وكشف محللون للشبكة، أن المجموعة الإرهابية، أصبحت تركز بشكل متزايد على أوروبا، مشيرين إلى أن التظاهرات الرياضية الكبرى، مثل دورة الألعاب الأولمبية التي تنظم في باريس هذا العام، قد تكون أهدافا محتملة.

وتبنى تنظيم داعش خرسان المسؤولية عن هجوم موسكو، بعد أن نفذت هجمات في باكستان وإيران ودول أخرى بآسيا الوسطى، فيما تخطط لهجمات أخرى في أوروبا وروسيا وأيضا الولايات المتحدة.

وصرح قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال، إريك كوريلا، مؤخرا أن داعش-خراسان “يحتفظ بالقدرة والإرادة لمهاجمة المصالح الأميركية والغربية في الخارج في أقل من ستة أشهر دون سابق إنذار”.

ويقدر خبراء أمميون وأمنيون، أن قوة داعش-خراسان تتراوح بين 4 و6 آلاف مقاتل، يقودهم صنع الله غفاري الذي عين زعيما للجماعة في عام 2020، والذي على الرغم من التقارير المتفرقة عن وفاته، يعتقد محللون أنه لا يزال قائدا فعالا.

وقد سعت كل من حركة طالبان والولايات المتحدة ـ وإن لم يكن ذلك بشكل منسق ـ إلى طرد تنظيم داعش-خراسان من ملاذاته الآمنة في شرق أفغانستان. لكن تحليلا حديثا في مجلة “سانتينل”، وهي مجلة مركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت، قال إنها “لا تزال منظمة مرنة، قادرة على التكيف مع الديناميكيات المتغيرة والتطور من أجل البقاء في ظل الظروف الصعبة”.

وقال إدموند فيتون براون، أحد كبار مستشاري “مشروع مكافحة التطرف”، ومقره نيويورك، للشبكة إن لداعش-خراسان “الرغبة والقدرة المتزايدة على التوسع خارج أفغانستان وتنفيذ هجمات إقليمية” في باكستان وإيران وآسيا الوسطى، مدعوما بإنتاج إعلامي قوي باللغات الطاجيكية والأوزبكية والروسية.

وأوضح فيتون براون، أن “شوفينية طالبان الباشتونية في أفغانستان ساعدت تنظيم داعش-خراسان على تجنيد أفراد من مجموعات عرقية أفغانية أخرى”.

وكان الهجوم الأكثر شهرة الذي شنه تنظيم داعش في ولاية خراسان حتى الآن هو التفجير الانتحاري في مطار كابول في عام 2021 والذي أدى إلى مقتل ما يقرب من 200 شخص، بينهم 13 جنديا أميركيا.

وواصل التنظيم حملة من التفجيرات الانتحارية والاغتيالات ضد قادة حركة طالبان، التي تعتبرها غير متشددة بالقدر الكافي فيما يتعلق بنظام الحكم الإسلامي، ومدينة بالفضل لقوى خارجية في وصولها إلى السلطة.

وفي الأسبوع الماضي فقط، فجر انتحاري من تنظيم داعش-خراسان حزامه الناسف وسط ميليشيات طالبان في مدينة قندهار الأفغانية، مما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا، وفقا لتقارير محلية محلية.

لكن داعش-خرسان، قام أيضا بتوسيع أهدافه. وقالت أميرة جادون، التي ألفت كتابا عن التنظيم، إن هذا الأخيرأصبح على مدى السنوات الثلاث الماضية “أكثر طموحاً وعدوانية في جهوده لاكتساب السمعة السيئة والنفوذ في جميع أنحاء جنوب ووسط آسيا، حيث أطلق حملة دعائية متعددة اللغات وأكثر عدوانية”.

وقالت جادون للشبكة: “لقد دمجت بشكل فعال مجموعة واسعة من المظالم الإقليمية في أجندتها الإرهابية العالمية”.

وفي العام الماضي، نفذت الجماعة تفجيرا مدمرًا ضد تجمع انتخابي في بوجور بباكستان، قُتل فيه أكثر من 60 شخصًا. كما أنشأت موطئ قدم لها في إقليم بلوشستان الباكستاني المضطرب والمتاخم لإيران.

وفي يناير، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجيرين انتحاريين مزدوجين في مدينة كرمان الإيرانية، مما أسفر عن مقتل 90 شخصا وإصابة أكثر من 200 آخرين.

وتتجاوز طموحات تنظيم داعش خراسان منطقة جنوب آسيا، وتهدف أيضا إلى استهداف روسيا ودول أوروبا الغربية وحتى الولايات المتحدة، وفقا للشبكة التي أشارت إلى أن وكالات الأمن الأوروبية تولي اهتماما متزايدا لهذا التهديد، حتى لو كانت قدرات التنظيم لا تتطابق بعد مع طموحاتها.

ويشير هانز جاكوب شندلر، كبير مديري “مشروع مكافحة التطرف”، إلى أنه في تموز من العام الماضي قبض على سبعة رجال في ألمانيا للاشتباه في تخطيطهم لهجمات رفيعة المستوى واتصالهم بمخططي داعش-خراسان. وكان جميع المشتبه بهم من آسيا الوسطى.

وفي الشهر الجاري، تم اعتقال مواطنين أفغانيين في ألمانيا بتهمة القيام “باستعدادات ملموسة” لمهاجمة البرلمان السويدي ردا على سلسلة من عمليات حرق المصحف في البلاد.

وأكد ممثلو الادعاء أن أحدهم انضم إلى داعش-خراسان العام الماضي، وتم وضع خططهم بـ”التشاور الوثيق مع عناصره”.

وقالت كريستين أبي زيد، مديرة المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب، في الخريف الماضي بالكونغرس، إنه حتى الآن “يعتمد تنظيم داعش في خراسان في المقام الأول على عملاء عديمي الخبرة في أوروبا لمحاولة تنفيذ هجمات باسمه”.

واتفق فيتون براون – المنسق السابق لعقوبات الأمم المتحدة وتقييم التهديدات المتعلقة بداعش والقاعدة وطالبان – على أن التهديدات في أوروبا حتى الآن لا تزال “بسيطة وجنينية”، لكنه حذر من أن داعش – خراسان “ربط صلاته بعناصر من الجاليات المنحدرة من دول آسيا الوسطى في روسيا وتركيا وإلى حد ما في ألمانيا.

ويعتبر هجوم موسكو بمثابة “نجاح كبير” للمجموعة، مما يدل على مستوى من التخطيط لم يسبق له مثيل خارج جنوب آسيا، حيث زعم داعش أنه قام باستطلاع قاعة مدينة كروكوس بشكل مكثف قبل استهدافها.

وأشار تقييم مسرب لوزارة الدفاع الأميركية، العام الماضي، إلى أن “داعش كان يطور نموذجا فعالا، من حيث التكلفة للعمليات الخارجية يعتمد على موارد من خارج أفغانستان، وعملاء في البلدان المستهدفة، وشبكات واسعة النطاق للتجنيد وتسهيل تنفيذ العمليات”.

وفي أعقاب هجوم موسكو، رفعت فرنسا التي تستضيف الألعاب الأولمبية هذا العام مستوى التهديد الإرهابي إلى الحد الأقصى.

وقال رئيس الوزراء، غابرييل أتال، إن آلاف الجنود الإضافيين مستعدون لتعزيز قوة مكافحة الإرهاب، مضيفا: “التهديد الإرهابي حقيقي. نحن نستعد باستمرار لجميع السيناريوهات”.

في هذا الجانب، يقول فيتون-براون: “آمل أن أكون مخطئا، لكنني قلق للغاية بشأن أولمبياد باريس”، مشيرا إلى ما اعتبره “عاصفة كاملة” من تزايد انتشار تنظيم داعش-خراسان، والغضب المحيط بالأفراد المتطرفين من الوضع في غزة، بالإضافة عن خروج متطرفين سابقين من السجون الأوروبية بعد قضاء عقوباتهم.

من جهتها، قالت جادون إن خطر “تردد صدى العلامة التجارية لداعش-خراسان لدى المتعاطفين الأفراد في الدول الغربية لا يمكن التغاضي عنه”.

وأوضحت أنه نظرا لأن المسلحين يعتبرونها “قوة ملهمة ومتنامية، فقد تجتذب أفرادا من الدول الغربية الذين ينجذبون إلى أيديولوجيتها. ما قد يدفع أفرادا للسفر إلى مناطق النزاع للانضمام إلى صفوف التنظيم أو تنفيذ هجمات في بلدانهم الأصلية نيابة عنه”.

واعتبر تقرير الشبكة، أن روسيا قد تكون عرضة بشكل خاص لضربات لداعش-خراسان، مذكرا بأنه قبل عشر سنوات، ندد زعيم داعش آنذاك أبو بكر البغدادي بـ”الصليبيين وحلفائهم ومعهم بقية أمم وأديان الكفر، كلها بقيادة أميركا وروسيا”.

وبعد مرور عام، أعلن فرع داعش في سيناء مسؤوليته عن إسقاط طائرة روسية مستأجرة كانت في طريقها من شرم الشيخ إلى سان بطرسبرغ، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص الذين كانوا على متنها وعددهم 224 شخصًا.

وبحسب الشبكة، ينبع كره داعش لفلاديمير بوتين من الدور الروسي في سوريا لدعم نظام الأسد والحرب الشيشانية مطلع القرن. وقد أدى دعم روسيا للأنظمة الاستبدادية في آسيا الوسطى ــ والتي وصفها تنظيم داعش خراسان بأنها “دمى” في يد روسيا ــ إلى تعميق هذا العداء.

كما سخر تنظيم داعش في ولاية خراسان من حركة طالبان لأنها “صادقت الروس، قتلة المسلمين الشيشان”. وفي عام 2022، هاجم انتحاري من تنظيم داعش ولاية خراسان السفارة الروسية في كابول، مما أسفر عن مقتل اثنين من الموظفين.

ومن الواضح الآن أن المجموعة تحاول ترسيخ وجودها داخل روسيا. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال جهاز الأمن الروسي، إنه قتل اثنين من عناصر داعش – خراسان في منطقة كالوغا، كانا يخططان لهجوم على كنيس يهودي في موسكو.

في هذا السياق، تقول جادون، إن “القرب الجغرافي، وضم مقاتلين من آسيا الوسطى إلى صفوفه، واستراتيجيته الدعائية الإقليمية والعالمية تشير إلى أن التنظيم لعب على الأرجح دورا في هذا الهجوم، ربما عن طريق نشر المسلحين التابعين له أو عن طريق تقديم التدريب أو الدعم المالي”.

من جانبه، يرى فيتون براون، أن روسيا معرضة بشدة لمزيد من الهجمات، مع انشغال أجهزتها الأمنية بالحرب في أوكرانيا، إضافة إلى أنها تضم مجموعة كبيرة من العمال المهاجرين من آسيا الوسطى، والذين من المرجح أن يكون بعضهم يتبنون أفكارا متطرفة.