الجنوب مفتوح على المجهول لفترة طويلة

من الواضح أن المشهد الداخلي سيبقى على حاله من التوتر المشوب بالخشية من اليوم التالي الذي ينتظر الساحة المحلية، والتي باتت تتحرك على إيقاع المواجهات العسكرية على جبهة الإسناد لغزة في جنوب لبنان، وذلك في مرحلة الإنتظار الثقيل للردّ الإنتقامي الإيراني من إسرائيل بعد قصفها قنصليتها في دمشق. ويقرأ الكاتب والمحلّل السياسي طوني عيسى في هذا المشهد، مؤشرات على مراوحة في التوتر والتصعيد المفتوح، ولو بوتيرة متقطعة على هذه الجبهة، مؤكداً أنه إذا أصرّ “حزب الله” على ربط لبنان بحرب غزة أي على اعتماد نهج “المشاغلة”، فهذا يعني أن الوضع العسكري سيبقى مفتوحاً على المجهول في الجنوب حتى إشعارٍ آخر.

ويقول المحلّل عيسى ل”ليبانون ديبايت”، “إن الحرب في غزة ليست في وارد النهاية في وقت قريب، أي أنها قد تستمر شهوراً إضافية، بل ربما سنوات إضافية”، مشيراً إلى أن “بنيامين نتنياهو قد أعلن أن الحرب في غزة ربما تستغرق عامين على صعيد العمليات العسكرية، وسوف تليها 8 سنوات على صعيد إعادة البناء وإعادة تركيز السكان، وهو ما يقتضي بالطبع إعادة الإعمار، وهي مشكلة كبيرة نظراً للمدة الطويلة التي سيستغرقها الوضع في غزة”.


وباعتقاد عيسى، فإن “هذا الواقع يعني أن لبنان مرتبط بغزة، وأن الوضع في الجنوب سيبقى مفتوحاً على المجهول لفترة طويلة، إلاّ إذا حدثت معجزة وتم فكّ ارتباط الوضع الجنوبي عن وضع غزة، وهذا احتمال ضئيل جداً حسب ما يبدو”.

وفي ما يتعلق بتأثير الوضع الجنوبي على الوضع اللبناني ككل، يرى عيسى، أنه “لا يمكن الحديث الآن عن ضمانات لعدم امتداد الشرارة لتتحول حرباً شاملة عندما يكون هناك حرب استنزاف، ذلك أنه من قواعد العمل العسكري، فإن حروب الإستنزاف الطويلة ليست آمنة، وقد تتحول في أي لحظة قد تشهد مفاجأةً أو تطوراً معيناّ يؤدي في لحظة معينة، إلى انفجار أوسع يلي انفجاراً أوسع فتتحول حرباً شاملة”.

ويحذر عيسى، من أن “الوضع اللبناني خطير حتى إشعار آخرٍ ما دامت الحرب مستمرة في غزة بالدرجة الأولى، فيما تتركز المشكلة بالدرجة الثانية في حجم الخسائر الضخمة أو الأضرار التي تؤدي إليها المواجهات في الجنوب، فيما تستمر الحياة السياسية معطلة، كما أن الإنتخابات معطلة بالدرجة الثالثة”.

أمّا على مستوى المجتمع الدولي، فيكشف عيسى أن لبنان “مُحرج” أمام المجتمع الدولي ديبلوماسياً، لأن هناك قوى تحمله مسؤولية استمرار الحرب، فيما تتزايد يومياً الأضرار الإقتصادية الخطيرة الناجمة عن الحرب، إذ على سبيل المثال، فإن إسرائيل مثلاً، تقوم بالإستفادة من حقل “كاريش” للنفط، بينما لبنان يعيش فترة من الغموض القاتل بما يتعلق بموضوع النفط أوالغاز، وبالتالي، فإن ما تقدم يعني أن لبنان سيصاب بضررٍ كبير نتيجة المواجهات الجارية على الحدود.