قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إن علامات الصراع بين حركتي حماس وفتح الفلسطينيتين بشأن إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بدأت تتكشف، وذلك على خلفية اعتقالات نفذتها حماس ضد أفراد من السلطة الفلسطينية.
واعتقلت حماس، المصنفة “إرهابية” في الولايات المتحدة ودول أخرى، أواخر الشهر الماضي، 6 أفراد من السلطة الفلسطينية في غزة، كانوا يشرفون على قافلة مساعدات قادمة من مصر، واتهمتهم بـ”العمل مع إسرائيل”.
وقال قيادي بحماس لتلفزيون “الأقصى” التابع للحركة، إن “رئيس المخابرات بالسلطة الفلسطينية، ماجد فرج، هو المشرف على مهمة القوة”.
وأضاف، أن “6 أعضاء من القوة التي رافقت شاحنات المساعدات، التي دخلت من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر، اعتُقلوا”، مشيرا إلى أن “قوات الشرطة تلاحق الأعضاء الآخرين للقبض عليهم”.
وذكرت “وول ستريت جورنال”، أنه “باتهام حماس عملاء المخابرات التابعين للسلطة الفلسطينية بالتخطيط لزرع الفوضى والانقسام في غزة، فإنها رددت بذلك ممارساتها طويلة الأمد، المتمثلة في وصف أي شخص يعمل مع إسرائيل بأنه خائن”.
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم فتح في غزة، منذر الحايك، أن “حماس تمنع أي محاولات للسيطرة على الأرض قد تُهدد سيطرتها”، معتبراً “إنهم يركزون على مهاجمة السلطة الفلسطينية، واتهامها بأنها قوة أجنبية”.
واعترف مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية للصحيفة، بوجود عملاء مخابرات تابعين للسلطة في غزة، مؤكدا أنهم “غير مسلحين ويساعدون في تنسيق توزيع المساعدات”.
وأضاف المسؤول أن “5 أفراد من السلطة الفلسطينية، الذين اعتقلتهم حماس في مدينة غزة، ما زالوا في الأسر”.
وذكر أن “2 من مسؤولي السلطة الفلسطينية في غزة قُتلا، الأسبوعين الماضيين، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل أو حماس هي التي قتلتهما”.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق للصحيفة على هذا التقرير.
ونفى المسؤول في السلطة الفلسطينية تأكيدات حماس بأن الأفراد التابعين للسلطة الفلسطينية “أتوا من خارج غزة”.
وأضاف، “كانت هذه قافلة مساعدات مصرية، وتم التنسيق بشأنها مثل جميع القوافل الأخرى”.
وتابع، “نعم، المصريون لديهم اتصال مباشر مع الإسرائيليين، وكانت مهمتنا هي محاولة تنسيق وتوصيل بعض مساعدات السلطة الفلسطينية مع المصريين إلى شعبنا. ومن المفترض أن يكون هذا شيئًا يرحب به جميع الناس، وليس الهجوم عليه”.
واكدت السلطة الفلسطينية إن “مبادراتها لتوزيع المساعدات تتم بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر المصري، وتهدف فقط إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
في الأثناء، أصدرت حركة فتح، وهي الحزب الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، “توبيخا علنيا نادرا” لإيران، أحد الممولين والداعمين الرئيسيين لحماس، وفق ذات الصحيفة.
واتهمت حركة فتح إيران، الأسبوع الماضي، بـ”محاولة إشاعة الفوضى في الضفة الغربية”، مشددة على أنها “ستعارض أي عمليات من الخارج لا صلة لها بالقضية الفلسطينية”.
وجاء في البيان أن الحركة تؤكد “رفضها للتدخلات الخارجية، وتحديدا الإيرانية، في الشأن الداخلي الفلسطيني”.
وحسب “وول ستريت جورنال”، يشير هذا الخلاف إلى “العداء العميق بين حماس وفتح، وكيف يمكن أن يعقد أية محاولة لإنشاء إدارة جديدة في غزة بمجرد أن تنهي إسرائيل حملتها العسكرية في القطاع”.
ويعود جزء كبير من الخلافات بين الحركتين إلى عام 2007، عندما طردت حماس قسرا فتح من غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية في الأراضي الفلسطينية.
ومنذ ذلك الحين اتسع الانقسام، حيث تتهم حماس بين الحين والآخر السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح في الضفة الغربية، بـ”العمل مع إسرائيل والغرب”.
وتتطلع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى إلى قيام سلطة فلسطينية بعد إصلاحها، بتولي دور قيادي مهم في غزة بعد الحرب، ومنع حدوث فراغ في السلطة قد يسمح لحماس بالاستمرار.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي، أن الإدارة على علم بالتقارير المتعلقة بالخلافات بين حماس والسلطة الفلسطينية.
وأضاف: “إصلاح السلطة الفلسطينية أمر ضروري لتحقيق نتائج للشعب الفلسطيني، وتهيئة الظروف للاستقرار في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة”.
واعتبر أنه لا يزال هناك “الكثير من العمل لتحقيق هذه الرؤية، لكننا ملتزمون بدعم الخطوات لتحقيق ذلك”.
وقال مسؤول كبير بالأمم المتحدة، إنه بينما تحرص المنظمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية، فإنه يجب إحباط فراغ السلطة في غزة بعد الحرب.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجمات حماس، التي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
في المقابل، قُتل أكثر من 33 ألف شخص في قطاع غزة، أغلبهم نساء وأطفال، وفق السلطات الصحية في غزة، إثر العمليات العسكرية الإسرائيلية المدمرة.