أربعة نقاط تدحض نظرية السرقة في جريمة قتل باسكال سليمان!

منذ مقتل منسّق القوات في جبيل باسكال سليمان على يد عصابة سورية، انصبّ مجهود إعلامي كبير لتسويق نظرية “القتل بهدف السرقة”، ويهدف بالتالي لإقناع الرأي العام بأن الأمر لا يتعدّى موضوع السرقة وأن ما حصل محض صدفة بعد أن قتل على أيدي العصابة التي اضطرت إلى نقله معها إلى سوريا.

وعمل بعض الإعلاميين والمحلّلين الأمنيين في تسويق رواية منسوبة لأجهزة أمنية تشير أن الدافع الأساسي هو السرقة وليس الخطف أو الإستهداف السياسي، ونقلوا معلومات عن التحقيقات لا بد من تفنيدها بما يمثل دعوة إلى التحقيق للغوص أكثر في الواقعة وكشف كافة الملابسات المحيطة بها.


ففي سبر أغوار هذه القضية لا بد من التوقّف عند هشاشة الرواية الأمنية المنقولة، والتي يمكن تسليط الضوء على بعض النقاط فيها:

1 – أصبح من المؤكّد أن هناك 4 أشخاص في السيارة التي أوقفت باسكال وقامت بخطفه ليموت لاحقاً، وهذه العصابة تقوم بحسب ما سرب من التحقيق بسرقة سيارتين وتدخلهما إلى سوريا مع بعضهما، لأنه ليس بمنطق السرقات أن يذهب 4 أشخاص لسرقة سيارة، وإذا افترضنا أن التحقيق اقتنع بهذه الرواية، فلماذا اكتفوا بسرقة سيارة باسكال وانتقلوا بها إلى سوريا مع جثته دون سرقة سيارة ثانية؟

2 – أما النقطة الثانية التي تستوجب التوقّف عندها طويلاً هي استخدام سيارة مسروقة في 4 نيسان الحالي في هذه الجريمة، فكيف يمكن استخدام سيارة تم تعميم مواصفاتها على كافة الأجهزة الأمنية منذ أيام في عملية سرقة أخرى؟ وهو أمر مستغرب جداً من عصابة لها باع طويل في عمليات السرقة وبالتالي هذه ليست بالسقطة الممكنة.

3 – أما التبرير لماذا تم اصطحاب باسكال مع السيارة إلى سوريا فإن أحد المحللين ذهب إلى ترويج معلومة من التحقيق عن أن السارقين كانو بصدد رميه لاحقاً بدون قتله على جانب الطريق، ولكن عندما توفي بين يديهم ارتبكوا فنقلوا الجثة معهم إلى سوريا خوفاً من افتضاح أمرهم، هذا التبرير أيضا ليس بالمنطقي فلو كان الهدف رميه حيا على جانب أحد الطرقات فإن ذلك يعني افتضاح أمرهم في وقت قصير جداً، لذلك كان الأسهل عليهم بعد وفاته رميه جثة هامدة لن تكتشف قبل أيام لا سيّما أن الطرقات التي سلكتها السيارة كانت وسط مناطق مُقفرة وبالتالي كان من الممكن رمي الجثة فيها، لا سيّما أن المرور على أي حاجز كان يمكن أن يفضح أمرهم.

4- ادعى أحد المحليلين أن العصابة على دراية تامّة بالطريق بدليل تمكنها من اجتياز المسافة بين جبيل والحدود السورية خلال ساعة وثلث ومراوغتها لأحد الحواجز في عكار بينما يكشف هذا المحلّل أن سيارة باسكال مرت بعد تعميم مواصفتها على حاجز للجيش والجثة بداخلها وتمكنت من العبور، فكيف بعصابة على دراية تامة بالطرقات أن ترتكب خطأ المرور على حاجز للجيش؟

هذه النقاط تسقط نظرية السرقة وما ينقل عن الأجهزة الأمنية في هذا الإطار ضعيف جداً وفق الحجج التي يتسلّحون بها، لكن ذلك لا يدعم نظرية أن الجريمة سياسية بل يعني أن التحقيق بعيد جداً عن كشف ملابسات ما حصل فعلاً، وعلى الأجهزة الأمنية أن تستكمل في التحقيقات للوصول إلى الدوافع الحقيقية.

كما لا يجب إسقاط قناعات البعض على أنها جريمة سياسية، لكن القول يقتصر على أن رواية السرقة رواية غير متماسكة تماماً وعلى الأجهزة أن تكشف الدوافع الجرمية الأساسية بعيداً عن الإستنتاجات والخبريات أنها جريمة سياسية.

ويمكن أن يكون ما حصل مع باسكال حقيقي بالنسبة إلى موضوع السرقة نظراً إلى حوادث مشابهة ولكن الإحتفاظ بالجثة بعد الوفاة هو ما لا يمكن أن يكون منطقياً.

وتتقاطع نظريتا السرقة والجريمة السياسية عند موضوع نقل الجثة إلى سوريا مع السارقين فإن كان الهدف سياسي لتصفية المسؤول القواتي, فلماذ لم يتم رمي الجثة والتخلق منها وكذلك إن كان الهدف السرقة فلماذا الإحتفاظ بالجثة؟

وإذا كان ارتباك السارقين دفعهم لأخذ الجثة معهم أمر وارد إلا أن استكمال التحقيق مع الموقوفين من شأنه أن يميط اللثام عن حقائق لا تزال مجهولة حتى الساعة, وعلى الأجهزة الإستمرار بعملها لاكتمال الرواية الحقيقية.

ولا بد من الإشارة أن الكلام المنقول عن لسان جهازين أمنيين معنيين يفترض بهما أما تأكيد هذا الكلام أو نفيه ببيان رسمي.