شنت إيران الليلة الماضية أول هجوم مباشر على إسرائيل باستخدام عشرات الطائرات المسيرة وصواريخ كروز، وذلك بعد مقتل قائد كبير في الحرس الثوري في هجوم يعتقد أنه إسرائيلي استهدف مجمع السفارة الإيرانية في دمشق الأسبوع الماضي، في تصعيد ينذر بمزيد من التوتر في الشرق الأوسط المضطرب.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي إن الغالبية العظمى من الصواريخ التي أطلقت من إيران اعترضت خارج الحدود الإسرائيلية، مضيفا أنه تم رصد سقوط عدد ضئيل من الصواريخ في قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل “حيث لحقت أضرار طفيفة في البنية التحتية”. وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان أن طهران استهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية ردا على “فظائع إسرائيل”.
وفي الوقت نفسه، قالت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” إن طهران استهدفت قاعدة جوية إسرائيلية في النقب انطلق منها الهجوم على مجمع السفارة الإيرانية في العاصمة السورية. وأضافت “أهم قاعدة جوية في إسرائيل في النقب كانت الهدف الناجح لصاروخ خيبر”. وأكد أدرعي، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أن إسرائيل اعترضت 99% من القذائف التي أطلقتها إيران. وقال المتحدث على منصة إكس “اعترضنا 99% من التهديدات نحو الأراضي الإسرائيلية. هذا إنجاز استراتيجي مهم جدا. إيران شنت أكثر من 300 هجوم على إسرائيل.. واستخدمت صواريخ باليستية وصواريخ كروز وطائرات مسيرة”. وأضاف: “التهديد الإيراني واجه التفوق الجوي والتكنولوجي لجيش الدفاع (الإسرائيلي) بمشاركة تحالف قتالي قوي تمكن من اعتراض الأغلبية الساحقة من التهديدات”. ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن وزير الدفاع يوآف غالانت قوله، اليوم الأحد، عقب تقييم الوضع مع كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعضو مجلس الحرب بيني غانتس إن إسرائيل نجحت في صد الهجوم الإيراني الرئيسي، محذرا في الوقت نفسه من أن “الحملة لم تنته بعد”. وأكدت بعثة إيران في الأمم المتحدة أنها لا تسعى للتصعيد أو الصراع في المنطقة، وحذرت إسرائيل من القيام “بأي استفزازات عسكرية أخرى”. وقالت: “نؤكد عزمنا الدفاع عن أمننا القومي وسيادتنا وسلامة أراضينا ضد أي تهديد أو اعتداء والرد على أي تهديدات أو اعتداءات من هذا النوع بما يتفق مع القانون الدولي”. وبينما قالت الأمم المتحدة إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا في وقت لاحق اليوم الأحد لبحث الوضع في الشرق الأوسط، نقلت شبكة “إن بي سي” NBC الإخبارية عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية ومسؤول دفاعي بارز قولهما إن القلق يساور كبار المسؤولين في الولايات المتحدة من رد إسرائيلي سريع على هجوم إيران دون تفكير في التداعيات المحتملة. ووفقا لمسؤول دفاعي أميركي تحدث إلى “إن بي سي”، أبدى مسؤولون بارزون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في أحاديث خاصة إحباطهم من توقيت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت مجمع السفارة الإيرانية في العاصمة السورية لأنها تنطوي على احتمال التسبب في “تصعيد كارثي”. وخلال محادثة هاتفية في أعقاب الهجوم الإيراني، أبلغ بايدن نتنياهو بأن الولايات المتحدة ستعارض كذلك أي هجوم إسرائيلي مضاد على إيران، وفقا لمسؤول في البيت الأبيض تحدث إلى موقع “أكسيوس” Axios. ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الأحد بما وصفه “التصعيد الخطير الذي يمثله الهجوم واسع النطاق الذي شنته إيران على إسرائيل”، ودعا للوقف الفوري لهذه “الأعمال العدائية”. وقال غوتيريش في بيان “أشعر بقلق عميق إزاء الخطر الحقيقي المتمثل في حدوث تصعيد مدمر على مستوى المنطقة، وأحث جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب أي عمل قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية كبرى على جبهات متعددة في الشرق الأوسط”. كما أدانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “الهجوم الإيراني الصارخ وغير المبرر على إسرائيل”، ودعت إيران ووكلاءها إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات. وقالت المسؤولة الأوروبية في حسابها على منصة “إكس”: “يجب على جميع الجهات الفاعلة الآن الامتناع عن المزيد من التصعيد والعمل على استعادة الاستقرار في المنطقة”. ونددت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا بالهجمات الإيرانية “التي لم يسبق لها مثيل” على إسرائيل ووصفتها بأنها “تصعيد كبير” مشيرة إلى أنها “تهدد بإثارة مزيد من الفوضى في أنحاء الشرق الأوسط”. وقالت عبر منصة “إكس”: “الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم بأشد العبارات وسيواصل العمل من أجل خفض التصعيد ومنع تطور الموقف إلى مزيد من سفك الدماء”. وأدان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “الهجوم الإيراني الطائش على إسرائيل”، قائلا إن إيران “أثبتت مجددا أن نيتها نشر الفوضى” في المنطقة. وأضاف: “ستواصل المملكة المتحدة الدفاع عن أمن إسرائيل وأمن جميع شركائنا الإقليميين ومنهم الأردن والعراق.. نبذل جهودا عاجلة مع حلفائنا لاستقرار الوضع ومنع المزيد من التصعيد”. وفي الوقت نفسه، حذر وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون من أن الهجوم الإيراني على إسرائيل سيؤجج التوتر بالشرق الأوسط، داعيا إيران إلى وقف هذا التصعيد الخطير “لأنه ليس في مصلحة أحد”. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن الهجوم الإيراني على إسرائيل “غير مبرر وغير مسؤول”، مشيرا إلى أن طهران تجازف بمزيد من التصعيد في المنطقة. وأكد شولتس وقوف ألمانيا إلى جانب إسرائيل، وقال “سنبحث الوضع مع حلفائنا”. وعبرت السعودية عن قلقها البالغ إزاء التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، ودعت كافة الأطراف للتحلي بأقصى درجات ضبط النفس وتجنيب المنطقة وشعوبها مخاطر الحروب. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنها تؤكد ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤوليته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما تؤكد ضرورة الحيلولة دون تفاقم الأزمة “التي سيكون لها عواقب وخيمة في حال توسع رقعتها”. كما أبدت مصر قلقها إزاء التصعيد الإيراني الإسرائيلي، وطالبت في بيان لوزارة الخارجية “بأقصى درجات ضبط النفس لتجنيب المنطقة وشعوبها المزيد من التوتر وعدم الاستقرار”. وقالت الخارجية المصرية إن القاهرة تجري اتصالات مستمرة مع جميع الأطراف المعنية لاحتواء الموقف ووقف التصعيد، محذرة من مخاطر الانزلاق إلى “منعطف خطير من عدم الاستقرار والتهديد لشعوب المنطقة”. وحثت قطر المجتمع الدولي على “التحرك العاجل لنزع فتيل التوتر وخفض التصعيد في المنطقة”. وأعربت وزارة الخارجية القطرية في بيان عن قلقها البالغ إزاء تطورات الأوضاع في المنطقة، ودعت جميع الأطراف إلى وقف التصعيد “وممارسة أقصى درجات ضبط النفس”. وقالت حركة حماس إنها تعتبر العملية العسكرية التي نفذتها إيران ضد إسرائيل الليلة الماضية “حقا طبيعيا وردا مستحقا” على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق الأسبوع الماضي. وفي أعقاب الهجوم الإيراني، قال حزب الله، انه استهدف عدة مواقع إسرائيلية في الجولان بعشرات من صواريخ الكاتيوشا. وأضاف حزب الله في بيان على تليغرام أن الهجوم يأتي ردا على غارات إسرائيلية استهدفت عدة قرى وبلدات في جنوب لبنان “وآخرها الخيام وكفر كلا” مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وفي وقت لاحق، أعلن الجيش الإسرائيلي قصف منشآت عسكرية في مجمع تابع لحزب الله بمنطقة جباع في جنوب لبنان. وفي اليمن، قالت مصادر محلية وقبلية وشهود عيان لوكالة “أنباء العالم العربي” إن جماعة الحوثي أطلقت عددا من الصواريخ والطائرات المُسيرة من محافظتي الجوف والبيضاء باتجاه البحر الأحمر. وأغلق المجال الجوي في كل من الأردن والعراق الليلة الماضية، وأعلنت العديد من شركات الطيران في المنطقة، من بينها الخطوط الجوية القطرية ومصر للطيران وطيران الشرق الأوسط اللبناني والخطوط الجوية الكويتية، تحويل مسار رحلات وتعليق رحلات أخرى بسبب الأوضاع في المنطقة. وأعلنت سلطات الطيران المدني في كل من الأردن والعراق صباح اليوم الأحد فتح الأجواء الأردنية والعراقية أمام حركة الطيران، كما ذكرت وسائل إعلام محلية أن إسرائيل أعادت كذلك فتح مجالها الجوي في السابعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي. |