ردود فعل وإدانات دولية واسعة ترتبت على الهجوم الجوي الذي نفذته إيران على إسرائيل، بينما دعت تكتلات سياسية واقتصادية دولية إلى اجتماعات عاجلة لبحث الهجوم وتداعياته، ما طرح تساؤلات عن الموقف الدولي المتوقع تجاه إيران.
وأثار الهجوم الإيراني تفاعلا دوليا، كونه الهجوم المباشر الأول الذي تنفذه طهران في مواجهتها، بعدما كانت إيران تكتفي بالرد عبر وكلائها في الشرق الأوسط. ونفذت إيران هجوما بمسيرات وصواريخ، ليل السبت الأحد، أعلنت إسرائيل “إحباطه”، في أول عملية مباشرة من هذا النوع تشنّها طهران ضد إسرائيل، بعد حوالى أسبوعين على قصف القنصليّة الإيرانية في دمشق.
وفي حين استعبد محللون إمكانية أن ينفذ المجتمع الدولي ضربة على إيران، رأى آخرون أن الهجوم أعطى مبررا للتصعيد في مواجهة طهران. ويرى الصحفي الجزائري المتخص في الشأن الأوروبي، علاء بونجار، أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو يعمل على جر حلفائه إلى المواجهة مع إيران”، مشيرا إلى أن “أغلب حلفاء إسرائيل لا يميلون للدخول في مواجهة مع طهران”. وقال بونجار لموقع الحرة إن “الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي لا ترغب في المواجهة مع إيران، ولن تلجأ إلى خيار الرد العسكري المباشر”. ولفت إلى أن “الجهود الدولية منصبة حاليا لإيقاف الحرب في غزة، ولن تكون واشنطن والعواصم الغربية الأخرى حريصة على فتح جبهة جديدة، أو خوض حرب إقليمية ربما تكون لها تبعات أكبر”. ودعت إيطاليا، التي تتولى الرئاسة الدورية لمجموعة الدول السبع، إلى اجتماع عبر الفيديو لزعماء دول المجموعة، الأحد، لبحث الهجوم الإيراني على إسرائيل الذي وقع في وقت متأخر من مساء السبت. دوره، توقع الباحث في معهد تل أبيب للبحوث الأمنية، يوحنان تسوريف، أن “يؤدي الهجوم الإيراني إلى ظهور تحالف إقليمي ودولي جديد، تشارك فيه إسرائيل والولايات المتحدة ودول عربية وغربية، في إطار جبهة موحدة ضد إيران”. وقال تسوريف لموقع الحرة، إن “هناك خلافات في إسرائيل بين المتشددين والمعتدلين بخصوص الموقف من الهجوم الإيراني، إذ يدعو المتشددون إلى الرد العسكري على طهران، بينما يطالب تيار المعتدلين، وهو التيار الغالب في إسرائيل حاليا، ما لم تتغير الأوضاع، بعدم الرد العسكري”. في المقابل، يرى الخبير في الشؤون الدولية، محمد رجائي بركات، أن “حلفاء إسرائيل في المجتمع الدولي لن يفوتوا الفرصة، وسينفذوا ردا عسكريا على إيران، ولو بعد حين”. وقال بركات لموقع الحرة، إن “إسرائيل تعمدت ضرب السفارة الإيرانية في سوريا لجر طهران إلى الرد العسكري، حتى تجد مبررا لاستدراج المجتمع الدولي إلى حرب إقليمية في مواجهة طهران”. وأضاف قائلا: “إسرائيل ستضغط على حلفائها لرد مشترك على إيران، وفي حال لم تجد الاستجابة منهم، فإنها ستقوم بالرد بقرار منفرد، إن لم يكن في عمق الداخل الإيراني، فمن خلال استهداف مصالح طهران في دول أخرى”. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دان الهجوم الإيراني على إسرائيل ووصفه بأنه “تصعيد خطير”. ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة لمناقشة الهجوم. وفي حين لم يستبعد تسوريف أن يتجه حلفاء إسرائيل إلى خيار العقوبات، يرى بونجار أن “هذا السلاح تم تجريبه، ولم يعد أنجع الوسائل”، مشيرا إلى أن “دولا بالاتحاد الأوروبي تسعى للمحافظة على الخيط الرفيع الذي يربطها بإيران”. وأضاف: “هناك مطالبات بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، لكن لا اعتقد أن كل دول الاتحاد الأوروبي ستلجأ إلى هذا الخيار لأن لها علاقات دبلوماسية مع إيران، ولا ترغب في قطعها كليا”. وأشار إلى أن “نتانياهو سيعمل على توظيف الرد الإيراني لاستعادة السند والتعاطف الدولي مع إسرائيل، بعدما تأثر بسبب الحرب في غزة، وبسبب إصرار نتانياهو على عملية برية في رفح”. وعبّرت دول عربية عن قلقها البالغ إزاء التطورات العسكرية بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل، داعية إلى ضبط النفس للحفاظ على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط. بدوره، يرى بركات أن “سلاح العقوبات سيكون حاضرا في المشهد، بجانب خيارات أكثر أكثر عنفا، بما في ذلك العمليات العسكرية الجوية”. ولفت إلى أن “نتانياهو يحرص على توظيف الهجوم الإيراني لخدمة مستقبله السياسي، خاصة مع تراجع شعبيته”. وأضاف: “سيحرص نتانياهو على إقناع حلفائه بضرب إيران، لأن التصعيد سيقلل الضغط الذي يواجهه من الشارع الإسرائيلي ومن المكونات السياسية الإسرائيلية”. من جانبه، يشير تسوريف إلى أن “الهجوم الإيراني أكسب إسرائيل مزيدا من التعاطف والسند الدولي والإقليمي”، لافتا إلى أن “التحالف الذي تصدى للهجوم لم يكن محصورا على أميركا ودول غربية فقط، وشاركت فيه بعض الدول العربية”. ويختلف تسوريف مع بركات، مشيرا إلى أنه “إذا استمر نتانياهو في وحدته مع المتشددين، وأصر على المضي في الحرب، سيجد نفسه أمام عدد من المشكلات، لأن معظم الشعب الإسرائيلي لا يقبل بسياسات نتانياهو”. وأضاف: “إذا وافق نتانياهو على المشروع الأميركي الرافض للتصعيد، سوف يجد نفسه في وضع أفضل مما هو عليه حاليا”. ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، قوله: “سنشكل تحالفا إقليميا وسنجعل إيران تدفع الثمن بالطريقة والتوقيت المناسبين لنا”. وتابع: “إيران مشكلة عالمية، وهي تحدٍ إقليمي، كما أنها تشكل خطرا على إسرائيل، وقد وقف العالم بالأمس بشكل واضح إلى جانبنا في مواجهة هذا الخطر”. ويشير بونجار إلى أن “الرد الإيراني الذي وصفته طهران نفسها بأنه محدود، سيقطع الطريق أمام أي تصعيد من جانب حلفاء إسرائيل”. وأضاف أن “الأخبار التي جرى تسريبها تشير إلى أن بعض الدول كانت على علم بالرد الإيراني، ما يشير إلى أن الرسالة الإيرانية كانت مدروسة ليكون لها هذا الأثر، الأمر الذي ينفي إمكانية حدوث رد مشترك في مواجهة طهران”. وكان مصدر دبلوماسي تركي قال لرويترز، الأحد، إن “إيران أبلغت تركيا مسبقا بعمليتها ضد إسرائيل”، وإن الولايات المتحدة أخطرت إيران عبر أنقرة أنها يجب أن تكون “ضمن حدود معينة”. وتابع المصدر أن “إيران أبلغت الولايات المتحدة عبر أنقرة أن هجومها هو رد فقط على هجوم السفارة ولن يتجاوز نطاقها ذلك”. ونقلت شبكة “أن بي سي” عن مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، قوله، إن “الولايات المتحدة لا تريد تصعيدا للأزمة في الشرق الأوسط، ولا تسعى إلى حرب أكثر اتساعا مع إيران”. |