هل اقترب هجوم إسرائيل على رفح؟

بعد أسابيع طويلة من التلويح بالهجوم على رفح، كشفت تقارير إسرائيلية وغربية، عن بروز “مؤشرات جديدة”، توحي بأن القوات الإسرائيلية تستعد لشن هجوم بري وشيك على المدينة الجنوبية، حيث يتواجد نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني.

وذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية، أن الجيش الإسرائيلي نشر، خلال الأيام الماضية، مدفعية إضافية وناقلات جند مدرعة في محيط قطاع غزة، بينما أوردت “معاريف” الإسرائيلية، أن القوات وُضعت في “حالة تأهب” وأنه تمت الموافقة على “المبدأ الذي يحكم العملية”، من أعلى السلطات العسكرية والحكومية.

ولم ترد وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي على استفسارات موقع “الحرة” حول صحة المعطيات المذكورة، وخطط القوات الإسرائيلية بشأن رفح، إلى حدود نشر التقرير.

 

وأكد الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء، شراء 40 ألف خيمة للاستعداد لإجلاء مئات الآلاف من المدنيين النازحين الذين لجأوا المأوى في رفح، وهي أقصى مدينة جنوبية في قطاع غزة، والتي تعد المنطقة الحضرية الرئيسية الوحيدة في القطاع التي لم تدخلها القوات البرية الإسرائيلية، منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول.

المحلل الإسرائيلي، يوآب شتيرن، يرى أن هناك “معطيات ومؤشرات” برزت خلال الأيام الأخيرة وتؤكد الشروع في الاستعداد لعملية رفح، سواء من خلال إعادة تموقع وحدات حول القطاع، والمضي قدما في عمليات تجنيد جنود احتياط للجيش.

ويلفت شتيرن في تصريحه لموقع الحرة، أيضا إلى ما وصفها بالتقارير التي تنشر بشأن حصول إسرائيل على “الضوء الأخضر” لهجوم على رفح، بعد أن “غيرت أطراف دولية وخاصة الولايات المتحدة من نمطها تجاه إسرائيل” بعد الهجوم الإيراني.

ويواصل رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتانياهو، التمسك بموقف شن هجوم بري على رفح الواقعة على الحدود مع مصر، معتبرا أنها آخر معقل رئيسي للحركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ العام 2007.

وبحسب ما نقلته “معاريف” ستركز العملية الجديدة في الحرب المستمرة منذ 6 أشهر ضد حركة حماس الفلسطينية؛ أولا على تأمين شمال ووسط غزة، وخاصة سلسلة مخيمات اللاجئين حول مدينة دير البلح.

وتأتي هذه التطورات بعد 10 أيام من سحب إسرائيل لمعظم قواتها البرية من القطاع، تاركة فرقة واحدة لحراسة “ممر نتساريم”، الحاجز الذي يقسم القطاع، وشيّدته إسرائيل بعد اجتياحها البري لمناطق واسعة من القطاع.

لكن فلسطينيين على الأرض، قالوا إن هناك وجودا متجددا للقوات البرية الإسرائيلية في شمال غزة هذا الأسبوع، بما في ذلك في بيت حانون، حيث أحاطت الدبابات بمباني المدارس التي يأوي إليها النازحون، وفقا للغارديان.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس، أنّه ضرب عشرات “الأهداف” في أنحاء قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، بما في ذلك “نقاط مراقبة ومنشآت عسكرية”.

واستهدفت الغارات خصوصا مدينة غزة وخان يونس ورفح الواقعتين في الجنوب، وفقا لما نقلته فرانس برس، للدفاع المدني في القطاع المحاصر.

وقالت إسرائيل منذ أسابيع إنها ستشن عملية برية في آخر ركن من غزة لم يشهد قتالا بريا عنيفا، على الرغم من المعارضة الشديدة من أقرب حلفائها، بمن فيهم الولايات المتحدة.

وتقول إسرائيل إن قيادة حماس والرهائن الإسرائيليين موجودون أيضا في رفح، إلى جانب أربع كتائب من مقاتلي حماس.

المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، يقول إن العملية المرتقبة في رفح ترتبط بنقطتين: أولهما، توفر معطيات بشأن الأهداف ونجاعة الهجوم عليها، خاصة ما يتعلق بمواقع احتجاز الرهائن وتموقع كتائب وعناصر حماس المسلحة.

أما النقطة الثانية، وفقا لكيدار، “ترتبط بالتنسيق مع الجانب الأميركي الذي تنسق معه إسرائيل كل عملياتها بالقطاع، والذي له تحفظات وحساسية عالية بشأن العملية في رفح”.

وحتى يوم الثلاثاء، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إنها لم تُحط علما بالتفصيل حتى الآن بـ “خطط إسرائيل للإجلاء أو الاعتبارات الإنسانية” للعملية المحتملة.

وستحتاج أي عملية برية كبيرة في رفح بالتأكيد تقريباً إلى تنسيق مع واشنطن والقاهرة، بالنظر إلى الموقع الحساس للمدينة على الحدود المصرية.

ويتوقع كيدار، أن تتم عملية رفح “بشكل دقيق وجراحي ومحدودة الزمان والمكان” من أجل العثور على المختطفين والقضاء على المسلحين هناك، وليس على “شكل هجوم واسع على رفح وسكانها الفارين من مناطق أخرى”.

وتأتي الاستعدادات المزعومة للهجوم في أعقاب تعثر محادثات الهدنة المتعثرة بوساطة دولية، فضلا عن ارتفاع التوتر بين إسرائيل وإيران عقب أول هجوم مباشر لطهران على إسرائيل، بإطلاقها أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة، نهاية الأأسبوع الماضي.

وأطلقت طهران مئات الصواريخ والمسيرات ليل السبت-الأحد في اتجاه إسرائيل، وذلك ردًا على هجوم استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق في الأول من أبريل ونسب إلى إسرائيل.

وتمكنت الدفاعات الجوية الاسرائيلية بمساعدة الولايات المتحدة وحلفاء آخرين من اعتراض القسم الأكبر من هذه الصواريخ والمسيرات.

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، شدّد في الأيام الأخيرة على دعم بلاده “الثابت” لإسرائيل، لكنه ذكّر إسرائيل كذلك “بوجوب التفكير مليا واستراتيجيًا في مخاطر التصعيد”.

ويركز مجلس الحرب الإسرائيلي، الآن على تقييم كيفية الرد على إيران، لكن الحكومة أصرت مرارا أيضا على أن عملية رفح ستمضي قدما.

ويقول شتيرن، إن إسرائيل قد تقنع المسؤولين الغربيين والأميركيين، بأن تكون استمرارية الحرب في غزة “بديلا عن الرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق على البلاد”.

ويضيف شتيرن، أنه يبدو أن “الطرف الفلسطيني سيدفع ثمن الهجوم الإيراني”.

لكن على الجهة المقابلة، يرى كيدار، أن “المشكلة في رفح في واد ومسألة إيران في واد آخر”، مؤكدا “ألاّ علاقة بين الأمرين”.

غير أنه يشير إلى أنه لـ”الأميركيين رؤية أخرى، تنظر إلى كل ما يدور بين إسرائيل وجيرانها من الشرق والغرب والشمال، كرزمة واحدة”، وبالتالي قد يكون هناك مثل هذا الربط لدى الغربيين، وهو الأمر غير الحاضر لدى الإسرائيليين الذين ينظرون إلى كل ملف “على حدة”.

وتتزامن تقارير الهجوم الإسرائيلي الوشيك أيضا، مع تعثر جديد في مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس.

ومطلع الأسبوع الجاري، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، الاثنين، إن إسرائيل قطعت “شوطا كبيرا” لكن حماس هي العائق أمام التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وقف القتال في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

وقال رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الأربعاء، إن المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين قد واجهت “عقبة” مرة أخرى.

في هذا الجانب، يقول المحلل الإسرائيلي، اشتيرن، إن تعثر المفاوضات مع عدم توصل الجانبين لاتفاق على شروط ومدة وقف إطلاق النار وهويات وأعداد الرهائن الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل “مؤشر آخر يبرر التحركات الإسرائيلية الأخيرة”.

وذكرت “رويترز”، أن حماس أحدث اقتراح للتوصل إلى اتفاق، وقالت إن أي اتفاق جديد بخصوص الرهائن يجب أن ينهي حرب غزة ويتضمن انسحاب جميع القوات الإسرائيلية، وفقا لرويترز.

ويرى شتيرن، أنه مع فشل المفاوضات “تبحث إسرائيل عن طرق بديلة للضغط على حماس، ويظهر أن استئناف هجومها البري على القطاع واستهداف رفح، سيكون الخطوة الموالية”.

ويضيف المتحدث ذاته، أن هناك نية وانطباعا تؤكدهما مؤشرات بأن الهجوم على رفح سيأتي خلال الأيام القليلة القادمة.

وجاءت هذه التقارير قبل الاجتماعات المتوقعة، الخميس، لمجلس الوزراء الحربي والمجلس الوزاري الأمني .

وقال موقع “واينت” إن المداولات ستركز على الأرجح على الرد المحتمل على الهجوم الإيراني، والمحادثات المتعثرة مع حماس بشأن صفقة رهائن وهدنة في غزة، والقتال مع حزب الله في الشمال.

وبينما تتبادل حماس وإسرائيل الاتهامات بشأن فشل أو إفشال التوصل إلى اتفاق هدنة. يوضح شتيرن، أن إسرائيل ترى أن “البديل للمفاوضات يبقى العودة إلى العمل العسكري”، في ظل “تشبث حماس بموقفها الممانع والذي لا يبدي ليونة للتوصل لأي صفقة مع الجانب الإسرائيلي بشأن مسألة الرهائن”.

ويؤكد المتحدث ذاته، أنه عندما يكون طريق المفاوضات والتفاهمات الدبلوماسية مسدود، يبرز العمل العسكري بديلا، لافتا إلى تصاعد أصوات إسرائيلية تطالب بالضغط عسكريا من أجل إجبار حماس على التوصل لاتفاق.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “الغارديان” أن المساعدات، كانت ورقة نفوذ لكن لم تعد إسرائيل تمتلكها في محادثات الإفراج عن الرهائن بعد أن استسلمت للضغوط الدولية للسماح بوصولها إلى القطاع.

وبالتالي، “قد تكون عملية في رفح وسيلة لزيادة الضغط على حماس على طاولة المفاوضات”، وفقا لعاموس هاريل، المحلل العسكري والكاتب في صحيفة “هآرتس” اليومية الإسرائيلية.

وقال عاموس، إن بايدن “أخبر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، أنه لا يستطيع غزو رفح، لذلك قد نرى توغلا أصغر وعلى مدد زمنية محدودة تضرب فيها إسرائيل كتائب حماس بقوة ثم تنسحب”.