بعد التصعيد على أكثر من جبهة… هل يتحول الصراع إلى “حرب مفتوحة”؟

تصعيد على عدة مستويات على أكثر من جبهة، يدفع منطقة الشرق الأوسط إلى احتمالات “حرب مفتوحة”، والتي قد تعني دخول المنطقة في حروب لا نهاية أو حدود لها، خاصة بعد تحطم “التابوه” بمواجهات مباشرة بين إسرائيل وإيران، رغم كونها لا تزال محدودة ووفق ضوابط تمنع الانزلاق.

ومنذ تشرين الاول الماضي تستمر حرب تشنها إسرائيل في غزة لاستهداف حركة حماس، فيما نفذت إيران أخيرا هجمات مباشرة على إسرائيل في رد على غارة تعرضت لها قنصليتها في دمشق مطلع شباط الماضي، وسمع دوي انفجارات في مدينة أصفهان الإيرانية، الجمعة، فيما وصفته مصادر بأنه هجوم إسرائيلي، لكن طهران قللت من شأن الواقعة.

وإلى جانب هذه المعارك التي تجري في غزة حيث يقترب الجيش الإسرائيلي من تنفيذ هجوم واسع على رفح، تواجه إسرائيل الهجمات الإيرانية واشتباكات مع حزب الله اللبناني والموالي لطهران، ناهيك عما يحدث في البحر الأحمر من استهداف لحركة الشحن البحري من قبل جماعة الحوثي في اليمن والمدعومين من إيران أيضا.


ما يجري من “أفعال وردود فعل” ينذر بلهيب قادم للشرق الأوسط، على ما أكد محللون لموقع “الحرة”، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تحتاج للتدخل بتهدئة التصعيد الحاصل في المنطقة المتوترة، خاصة مع خشية المجتمع الدولي أن تتحوّل عقود من العداء بين إسرائيل وإيران إلى حرب شاملة.

ولفتوا إلى أن ما يحدث في “أوكرانيا” قد يشكل تحذيرا عما يمكن أن نشهده في المنطقة، حيث تتعقد الحيثيات في الشرق الأوسط، وحتى بعض الدول التي لا علاقة مباشرة لها في الحرب قد تجد نفسها في “عين العاصفة” مجبرة على حماية أراضيها.

ومنذ الهجمات الإيرانية حذر حلفاء إسرائيل حكومة، بنيامين نتانياهو، من “الرد بطريقة تؤدي إلى حرب إقليمية”، وهو ما رفضه نتانياهو في تصريحاته، الأربعاء، وقال “إن بلاده ستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها” بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الجمعة، بعد الانفجارات التي وقعت في أصفهان، إن إيران سترد على الفور وعلى “أقصى مستوى” إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحها.

وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة “إن.بي.سي نيوز” إذا “أرادت إسرائيل القيام بمغامرة أخرى وعملت ضد مصالح إيران فإن ردنا التالي سيكون فوريا وعلى أقصى مستوى”.

سيناريوهات التصعيد التي قد تنتهي بحرب إقليمية في الشرق الأوسط تبدو أقل احتمالا، وفق ما يؤكد المحلل السياسي العسكري الأميركي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز لموقع “الحرة”.

ويضيف أن معرفة سيناريوهات التصعيد بدقة “يعتمد على مدى الرد الإسرائيلي الذي قد تنفذه على طهران، وعلى كيفية رد إيران على هذا الرد”، مشيرا إلى أنه يرى بأن “إيران وإسرائيل كلا منهما لا يريد الدخول في قتال مباشر مع الآخر، ولكن من الصعب التكهن بالأفعال وردودها على المدى القريب والمتوسط، إذ قد نرى حربا بالنهاية حتى لو كان الطرفان لا يريدانها”.

ويبدو أن الضربة التي وقعت، الجمعة، في إيران استهدفت قاعدة للقوات الجوية بالقرب من مدينة أصفهان في عمق البلاد على مقربة من المنشآت النووية لإرسال رسالة بمدى قدرة إسرائيل على الوصول لكن بدون استخدام طائرات أو صواريخ باليستية أو قصف أي مواقع استراتيجية أو التسبب في أضرار كبيرة وفقا لرويترز.

وقالت إيران إن أنظمتها الدفاعية أسقطت ثلاث طائرات مسيرة فوق قاعدة بالقرب من أصفهان ولم تذكر إسرائيل شيئا عن الواقعة. وقال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عمليات هجومية.

وقال مسؤول إيراني لرويترز إن هناك دلائل على أن الطائرات المسيرة أطلقت من داخل إيران وأن من أطلقها “متسللون” وهو ما قد ينفي الحاجة إلى الرد.

وقال مصدر مطلع على تقييمات المخابرات الغربية للواقعة إن الأدلة الأولية تشير إلى أن إسرائيل أطلقت طائرات مسيرة من داخل الأراضي الإيرانية.

وكانت طهران شنت هجوما مباشرا على إسرائيل وضعته في إطار “الدفاع المشروع” عن النفس بعد تدمير مقر قنصليتها في دمشق في الأول من أبريل، في ضربة نسبتها إلى إسرائيل.

وتم الهجوم، ليل السبت الأحد، حين أطلقت طهران أكثر من 300 صاروخ بالستي ومجنح ومسيرة بحمولة إجمالية زنتها 85 طنا قالت إسرائيل إنها تمكنت من اعتراضها جميعها تقريبا بمساعدة حلفائها ولم تخلف سوى أضرار محدودة.

ويعتقد وايتز أن ما يؤرق بشكل كبير قد لا تكون المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، وإنما فيما “يحصل بالاشتباكات مع حزب الله، أو حتى بتأثير الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر”.

ويشرح بأنه في الوقت الذي يمكن فيه رصد الصواريخ القادمة من إيران، إلا أن “مواجهة الصواريخ القادمة من حزب الله قد تشكل تحديا خاصة وأنها تطلق من مناطق قريبة جدا على إسرائيل، وفي حال وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة قد نرى غزوا بريا إسرائيليا لجنوب لبنان لدفع حزب الله للداخل اللبناني”.

وحذر تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست من أن الهجمات الإيرانية أعادت الزخم للحدود الإسرائيلية مع لبنان، حيث يخوض حزب الله حربا طويلة وصامتة قد تتبع استراتيجية انتقامية من إسرائيل.

ولفت أن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن “الباب قد يكون مفتوحا لصراع شامل”، فيما يقول مسؤولون إسرائيليون إنهم “يريدون تجنب حرب شاملة”.

وذكر محللون ومسؤولون سابقون في إسرائيل لوكالة رويترز أن خيارات تل أبيب تتنوع بين شن هجمات على منشآت إيرانية استراتيجية، بما يشمل المواقع النووية أو قواعد الحرس الثوري، وبين عمليات سرية واغتيالات وهجمات إلكترونية على منشآت صناعية استراتيجية ومنشآت نووية.

ويحذر مسؤولون إيرانيون من أن أي هجوم إسرائيلي كبير سيؤدي إلى انتقام فوري.

وقال مسؤول إيراني كبير للوكالة إن خيارات إيران للرد تشمل إغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره نحو خمس تجارة النفط العالمية، فضلا عن حث وكلاء طهران على استهداف مصالح إسرائيلية أو أميركية، ونشر صواريخ لم تستخدم من قبل.

الأكاديمي المحلل السياسي الأردني، عامر السبايلة يقول إن “إسرائيل ترى نفسها، في حالة مواجهة مع سبعة أطراف في المنطقة، والتي تضم المواجهة مع: حماس في غزة، والضفة الغربية، وحزب الله في جنوب لبنان، وإيران، والميليشيات الموجود في العراق وسوريا، والحوثي في اليمن”.

ولم يستبعد في رد على استفسارات موقع “الحرة” تصاعد الصراع في الشرق الأوسط “لأننا دخلنا في مرحلة الاستهداف المباشر العابر للحدود، لتصبح المنطقة كلها أمام مشهد مفتوح للانتقال والتوسع إلى جبهات”.

بعد أسابيع طويلة من التلويح بالهجوم على رفح، كشفت تقارير إسرائيلية وغربية، عن بروز “مؤشرات جديدة”، توحي بأن القوات الإسرائيلية تستعد لشن هجوم بري وشيك على المدينة الجنوبية، حيث يتواجد نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني.

ويرجح السبايلة أن إسرائيل “بعدما ستنفذ هجومها الموسع في رفح وغزة” ستركز على محيطها الجغرافي المباشر باستهداف “الضفة الغربية، وجنوب لبنان، وأجزاء من سوريا”، فيما ستترك مهام المواجهة في “البحر الأحمر للتحالف الدولي الذي تتصدره الولايات المتحدة”.

والعديد من دول منطقة الشرق الأوسط، حتى وإن لم تكن طرفا مباشرا في الصراعات “إلا أنها ستجد نفسها مجبرة على التدخل لحماية نفسها من الصراع المفتوح” والتي قد تشمل الأردن وحتى العراق أو دولا أخرى في المنطقة بحسب السبايلة.

وبعد أيام من الهجمات الإيرانية على إسرائيل، جاءت الضربة الإسرائيلية على إيران محدودة ومصممة بعناية على ما يبدو للحد من مخاطر اندلاع حرب كبرى وفق تقرير لرويترز.

وتشير تقارير وتقييمات أولية إلى أن كلا الجانبين “ربما يسعيان إلى خفض التصعيد” للتوتر المتصاعد، وفق تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز.

ويوضح أنه رغم محدودية تأثير هذه الضربات إلا أن سلسلة “الأفعال وردود الفعل الأخيرة” تمثيل “مرحلة أكثر إثارة للقلق في الشرق الأوسط، فصواريخ إيران ومسيراتها التي أطلقت على إسرائيل لم يكن الهدف منها تحقيق الضرر بشكل أساسي بقدر ما هي استعراض للقوة الإيرانية وبأن طهران تظهر قدرا في ضبط النفس وأنها تواجه إسرائيل وجها لوجه إذا لزم الأمر.

الرد الذي حصل في إيران وتنسبه المصادر إلى إسرائيل، إذا ما اكتفى بهذا القدر من التصعيد المباشر، قد ينجح في تجنب تبادل أعمال عدائية “ولو لبعض الوقت” بين الطرفين بحسب التحليل.

ويشرح أنه إذا استمرت “ديناميكية” التوتر بين إسرائيل وإيران بالدخول في موجهة مباشرة أو حتى من خلال وكلاء طهران، ستجذب المنطقة إلى “حرب مفتوحة” سيشارك فيها حلفاء كل من الطرفين.

ويقول مايكل هوروويتز المحلل في مؤسسة “لو بيك” للاستشارات للمخاطر الجيوسياسية، لفرانس برس إن الرد الإسرائيلي “رد محسوب يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب الأراضي الإيرانية من دون إثارة أي تصعيد”.

ويقول جوليان بارنيس-دايسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية “يبدو أننا في وقت يسعى الجانبان إلى الخروج من دائرة التصعيد الحالية اذ نفذت إسرائيل هجوما محدودا للغاية لإظهار الرد على الضربات الإيرانية، بينما سرعان ما قللت طهران من أهمية الحادث حتى لا تضطر إلى الرد عليه”.

بدوره، يشير حسني عبيدي من مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي الذي يتخذ من جنيف مقرا، إلى “شبه تماثل” بين الهجومين الإيراني والإسرائيلي، ما قد يدفع الطرفين إلى التفكير في إمكانية ترك الأمر عند هذا الحد.

ويقول لفرانس برس إن “الضربة الإسرائيلية استهدفت قاعدة جوية كانت بمثابة منصة لإطلاق الصواريخ والمسيرات على إسرائيل” الأسبوع الماضي، مضيفا أن “الإسرائيليين كانوا حريصين على عدم المساس بالمواقع النووية المهمة الموجودة في المحافظة نفسها، أي أصفهان”.

ومن شأن هذا الوضع أن يرضي طهران التي “ليس لديها مصلحة في استمرار هذا التوتر”، لأن “أولويتها القصوى” هي مواصلة برنامجها النووي، الذي يعد ضمان بقاء النظام، وفقاً لهذا الخبير في شؤون الشرق الأوسط.

من ناحية أخرى، يعتبر حسني أن إيران تمكنت من قياس “القدرة الإسرائيلية في إطار الدفاع الجوي” خلال هجومها عليها في نهاية الأسبوع الماضي، فضلا عن التعبئة “غير المسبوقة للولايات المتحدة” وعلى نطاق أوسع للمعسكر الغربي الذي انضمت إليه الأردن.

ولكن على الرغم من العناصر الموضوعية التي تميل إلى خفض التصعيد، يحافظ محللون على حذرهم مشيرين إلى الشكوك المحيطة بأهداف إسرائيل.

وتقول أنييس ليفالوا من معهد الأبحاث والدراسات حول البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط لفرانس برس “بالنسبة لي، تنتهج إسرائيل منطق التصعيد وليس منطق خفض التصعيد على الأطلاق”.

وتؤكد أن “مهاجمة إيران هي وسيلة للحصول على دعم دولي أكبر بكثير مما حصلت عليه في قضية غزة”، في إشارة إلى أن بعض الدول العربية تعتقد أن طهران وبرنامجها النووي يشكلان في ذاتهما عاملا لزعزعة الاستقرار الإقليمي.

وبينما تقول إن الإسرائيليين اختاروا الرد على هجوم طهران من دون الالتفات إلى تحذيرات واشنطن، تشير إلى الطبيعة غير المتوقعة لرئيس الوزراء، نتانياهو الذي لم يتأثر حتى الآن بالضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة.

وتقول أنييس ليفالوا إن “هناك ما يبدو واضحا ومعقولا ولكن على أرض الواقع لدينا جهة فاعلة تتخذ قرارات تبدو كأنها تتعارض مع مصالح إسرائيل نفسها”.

على مستوى المنطقة ككل، يشير جوليان بارنيس-دايسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية للوكالة إلى أن “الوضع الإقليمي بمجمله لا يزال محموما بشكل لا يصدق، بحيث أصبحت المواجهة بين هذين البلدين أكثر مباشرة من أي وقت مضى”.

وترى أنييس ليفالوا أنه في إطار السيناريو الأقل تشاؤما، ربما اضطرت واشنطن إلى القبول بقيام إسرائيل بهذا الرد الانتقامي لا أكثر، معتبرة أن “المخاطر كبيرة للغاية” بالنسبة للولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل.

وتؤكد تحليلات نشرتها صحف واشنطن بوست ووول ستريت جورنال ونيويورك تايمز أن الضربات التي تنسب لإسرائيل في إيران، كانت “أصغر من المتوقع”، وهذا ما يقلل فرص التصعيد الفوري بين البلدين.

ودان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش “أي عمل انتقامي” في الشرق الأوسط، حسبما أكد المتحدث باسمه الجمعة بعد الانفجارات في وسط إيران.

ويؤكد المحلل العسكري وايتز أن الولايات المتحدة تحاول بأدوات دبلوماسية وعسكرية لمنع التصعيد في الشرق الأوسط، إذ أنها أرسلت رسائل للإسرائيليين دعتهم إلى “استجابة معتدلة” في ردهم على هجمات طهران، والتي قد تكون في نطاق هجمات سيبرانية.

وأضاف أن واشنطن تعمل أيضا على حشد الدعم الدولي لإسرائيل ودعوة الجميع لضبط النفس وتهدئة التصعيد.

أما على الصعيد العسكري، يشير وايتز إلى أن واشنطن تستخدم أدوات عسكرية “بتواجدها في المنطقة وصد الهجمات التي ينفذها الحوثيون، وتوفير الدعم لإسرائيل، وهو ما يوجه رسائل ردع إلى إيران، بأن أفعالها بالنهاية سيكون لها عواقب”.

لا تزل إسرائيل تدرس خياراتها للرد على الهجوم الإيراني المباشر الذي استهدفها ليل السبت الأحد، وسط تأكيدات من القادة العسكريين على أن “ليس لديهم خيار سوى الرد”.
ودعا تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز الولايات المتحدة إلى اتباع سياسة “التهديد لطهران والضغط على إسرائيل” لمنع نشوب حرب إسرائيلية إيرانية.

وتابع أن الصراع الإيراني الإسرائيلي غير المباشر خلال الأشهر الماضي والذي انتهى بهجمات إيرانية مباشرة والظروف الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، تسبب في حالة من الإجهاد للسياسة الداخلية الأميركية، وهو ما دفع بالرئيس الأميركي، جو بايدن إلى حث إسرائيل على “أخذ النصر” بعد الهجمات الإيرانية “الفاشلة” والتفكير “مليا” في أي عمل انتقامي قد يؤدي إلى حرب أوسع نطاقا في الشرق الأوسط.

وتخوف التحليل من أن أي صراع مفتوح في الشرق الأوسط قد يؤدي إلى “سلسلة عواقب مدمرة على العالم” إذ سيدفع “بتفاقم العنف، وموجات من النزوح، ونسف أي تقدم نحو التطبيع العربي الإسرائيلي، واضطرابات اقتصادية بعيدة المدى”.

وحث التحليل واشنطن لتجنب “تصعيد كارثي” بالضغط من أجل “وقف القتال في غزة، ما يحرم إيران ووكلائها من ذرائع مهاجمة إسرائيل”، وعلى الصعيد الأخر “تحذير إيران بشكل جدي” بأن أفعالها “ستولد المزيد من الانتقام”.

كشف البيت الأبيض تفاصيل اللقاء الذي أعرب فيه مسؤولون أميركيون لنظرائهم الإسرائيليين عن مخاوفهم بشأن مسارات المختلفة بشأن “رفح”.
المحلل السياسي، السبايلة يرى أن “عدم حسم الكثير من ملفات الأزمات من قبل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، هو ما أوصل المنطقة إلى ما وصلت عليه من توتر”.

وقال إن “واشنطن يمكنها التركيز على الحد من التصعيد في المنطقة، والدفع بتعزيز أنظمة الدفاع، بضبط إيقاع التوترات بشكل حاسم خاصة في البحر الأحمر ومنع تمادي الميلشيات المسلحة التي تتواجد بعدة دول في المنطقة، ودعوة الجميع إلى ضبط النفس والتهدئة بشكل حقيقي، وعدم تحفيز المنطقة لنشوب حرب مفتوحة قد تطال الجميع”.

وأعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا، الخميس، فرض عقوبات واسعة النطاق على برنامج إيران العسكري للطائرات المسيرة، وذلك ردا على الهجوم الإيراني ضد إسرائيل.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، في بيان الخميس، “نحمل إيران المسؤولية، ونفرض عقوبات جديدة وقيودا على الصادرات”.

وتابع بايدن “حلفاؤنا وشركاؤنا أصدروا أو سيصدرون عقوبات وإجراءات إضافية تهدف إلى الحد من برامج إيران العسكرية المزعزعة للاستقرار”.

محمد الباشا، كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة “نافانتي” الاستشارية الأميركية قال إن ما يحدث في المنطقة يدفع بطرح العديد من التساؤلات أهمها ما إذا كان الطرفان (إسرائيل وإيران) سيدخلان في صراع طويل الأمد؟، وهل تتوافر الإرادة السياسية والموارد لصراع عسكري طويل الأمد؟.

ويشرح في حديث لموقع “الحرة” إن “مسار التصعيد في الشرق الأوسط يعتمد على عزيمة شعوب هذه الدول، ودعم الحلفاء الدوليين، بحيث كل طرف يحتاج إلى التوصل لمعادلة قائمة على الحكمة والواقعية لتحديد تكاليف المزيد من التصعيد، والاستنزاف الذي سيصاحبه”.

وتابع الباشا إن “الصراع الذي يدور في أوكرانيا يجب أن يمثل تذكيرا صارخا لما يمكن أن يحصل، وما سيعنيه الأمر للأطراف المتحاربة والداعمين لهم”.

ورغم عدم اعتراف إسرائيل أنها تقف خلف الضربة للسفارة الإيرانية في دمشق مطلع أبريل الحالي، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم “لم يعتبروا الضربة على هدف إيراني رفيع المستوى في سوريا بمثابة استفزاز، ولم يعطوا واشنطن تنبيها بشأنها إلا قبل حدوثها مباشرة”.

ووصفت الصحيفة ما حدث بـ”سوء تقدير أدى إلى تصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران”.

ويوضح المحلل الباشا أن إيران قد يكون لديها القدرة على إنتاج ذخائر على نطاق واسع، ولكن بقدرة محدودة على تحمل صراع طويل الأمد، ما يجعل من قدرتها على التصنيع الحربي من دون جدوى، وفي الوقت ذاته، أثبتت الدفاعات الجوية الإسرائيلية قدرتها على مواجهة هجمات الصواريخ والمسيرات، والتي سببت إرباكا لإسرائيل رغم أن الهجوم استمر لعدة ساعات فقط، فكيف ستصمد هذه الدفاعات إذا استمرت الهجمات لعدة أيام أو أسابيع.

وأشار الباشا إلى أنه حتى لو كانت هذه الأطراف تحظى بدعم من جهات دولية أخرى، هل ستتحمل هذه الجهات الداعمة استمرار استنزاف هذه الحروب لمخزونها العسكري من الذخائر والأسلحة المختلفة؟، ما قد يعني أن تكلفة خفض التصعيد ستكون أقل بكثير من استمرار التصعيد بالمنطقة.

ولفت إلى أن معضلة إسرائيل لم تعد تتمثل في المواجهة المباشرة مع إيران، بل بالمواجهة مع وكلائها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وحتى في الأراضي الفلسطينية.

وخلال جلسة لمجلس الأمن، حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، الخميس، من أن “الشرق الأوسط على شفير الهاوية، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا خطرا، سواء بالأقوال أو بالأفعال”.

وأضاف أن “أي خطأ في التقدير، أو تواصل سيئ، أو هفوة، يمكن أن يؤدي إلى ما لا يمكن تصوره، إلى صراع إقليمي واسع النطاق سيكون مدمرا لجميع المعنيين”، داعيا إلى “أقصى درجات ضبط النفس”.

وأعرب الأمين العام عن إدانته في آن معا للغارة الجوية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبتها طهران إلى إسرائيل، وكذلك أيضا للهجوم غير المسبوق الذي شنته إيران على إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي ردا على تلك الغارة.

وشدد غوتيريش على أن “لحظة الخطر القصوى هذه يجب أن تكون لحظة ضبط نفس قصوى”.

وأضاف “لقد حان الوقت لإنهاء حلقة الأعمال الانتقامية الدموية… لقد حان الوقت للتوقف”.

وتابع “يتعين على الأسرة الدولية أن تعمل معا لمنع أي أعمال قد تدفع الشرق الأوسط برمته إلى حافة الهاوية، مع ما يترتب على ذلك من أثر مدمر على المدنيين. واسمحوا لي أن أكون واضحاً: المخاطر تتصاعد على العديد من الجبهات”.

وأضاف الأمين العام “نحن نتحمل سويا مسؤولية مواجهة هذه المخاطر وإبعاد المنطقة عن حافة الهاوية… بدء من غزة”.

قالت وزارة الدفاع الأميركية، في بيان إن الوزير، لويد أوستن، بحث هاتفيا، الخميس، مع نظيره الإسرائيلي، يوآف غالانت، ممارسات إيران في الشرق الأوسط، والتهديدات الإقليمية الأخرى، إلى جانب إيصال المساعدات إلى قطاع غزة.

وأعرب الأمين العام عن إدانته الشديدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مكررا دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإطلاق سراح جميع الرهائن.

وقال “أكرر دعوتي إلى وقف فوري لإطلاق النار لدواع إنسانية وإلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة”.

وأضاف “في غزة، أدت ستة أشهر ونصف من العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى خلق جحيم” على الصعيد الإنساني، مؤكدا أن مليوني فلسطيني يعانون في القطاع المدمر من “الموت والدمار والحرمان من المساعدات الإنسانية الحيوية” والجوع.

ولفت غوتيريش أيضا إلى أن “حصيلة القتلى هائلة وغير مسبوقة، من حيث الوتيرة والحجم، منذ أن أصبحت أمينا عاما” للأمم المتحدة في 2017.

وأعرب عن أسفه لأن “كل هذا يحدث في ظل قيود كبيرة تفرضها السلطات الإسرائيلية على إيصال المساعدات إلى سكان غزة الذين يواجهون الجوع على نطاق واسع”.

وإذ نوه الأمين العام بإحراز إسرائيل “تقدما محدودا” في سماحها بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع، دعاها إلى بذل مزيد من الجهود على هذا الصعيد.

وقال إن “عملياتنا الإغاثية بالكاد تعمل. لا يمكنها أن تعمل بطريقة منظمة ومنهجية. لا يمكنها سوى اغتنام الفرص لتقديم المساعدات كلما أتيح لها ذلك وحيثما أمكنها ذلك”.

وشدد على أن “تقديم مساعدات على نطاق واسع يتطلب من جانب إسرائيل تسهيلا كاملا وفعالا للعمليات الإنسانية”.

ودعا الأمين العام “إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء عنف المستوطنين غير المسبوق”.

واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم شنته حماس في إسرائيل في السابع من تشرين الاول وخلف نحو 1160 قتيلا، معظمهم من المدنيين، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وردت إسرائيل على هجوم حماس باجتياح القطاع مما أدى إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.