يستمر المشهد في لبنان على حاله منذ ما يقارب السنة رغم التطورات الحاصلة على الجبهة الجنوبية والتي أرخت بظلالها على المشهد الداخلي بحيث جعلت من الاستحقاقات الداخلية أمرا ثانوياً بانتظار نقطة النهاية لهذه الحرب.
ومن هذا المنطلق يوضح الكاتب والمحلل السياسي فادي بو ديه, في حديث إلىى “ليبانون ديبايت”, أن هناك انقسام عامودي حاد جداً بين القوى السياسية في لبنان، مع وجود فريق يطالب المقاومة بوقف جبهة المساندة لغزة تحت عنوان عدم توريط لبنان بالحرب، وهو بالحقيقة ينسجم مع موقف الموفدين الدوليين إلى لبنان ويطالبون الرئيس نبيه بري وحزب الله بوقف هذه الجبهة، وبالتالي موقف هذا الفريق لا يختلف عن موقف الموفدين بشيئ.
ويشير إلى ما يسمّيه النغمة الأخيرة التي تقول بتطبيق الـ1701، لكنه يسأل هل تجرؤ إسرائيل على تطبيق هذا القرار وهل يجرؤ هذا الفريق على إلزام اسرائيل بتطبيقه، وكأن لبنان والمقاومة هي من يعتدي بنظرهم على إسرائيل.
ويتنبّه إلى أمر لفته وهو أن المقاومة بالنسبة إلى هذا الفريق تأتي من كوكب آخر غير لبناني وأن دورهم هو دور “شيخ الصلح” بين الطرفين، وبأي حال من الأحوال لا يمكن تطبيق هذا القرار ما لم تطبّق إسرائيل بنوده أي أن توقف العمليات العسكرية وتنسحب من الأراضي المحتلة ووقف استخدام الأجواء اللبنانية لضرب سوريا إضافة إلى كافة الخروقات.
ويشدّد على أن المقاومة متمسّكة بجبهة الجنوب التي تحقق كل يوم عملية إرباك وقلق كبير لجيش العدو الإسرائيلي وبدليل أن الإسرائيلي يصرخ كل يوم لإيقاف هذه الجبهة لأنهم عاجزون عن إعادة المستوطين إلى منطقة الشمال وتوفير الأمن والأمان لهم.
ويؤكد أن المقاومة ترفع كل يوم من مستوى جهوزيتها واستخدام صواريخها ومن نوعية السلاح الذي تستخدمه في إشارة واضحة أنها تملك للحرب الكبرى الكثير من المفاجآت لا سيّما مع إسقاط مسيرات يعتبرها العدو فخر الصناعة الإسرائيلية، كما قدرة المقاومة على إصابة أهداف بطريقة دقيقة وبهجمات وتقنيات متطورة جداً، وهو يعطي إشارات واضحة بأن المقاومة تملك الكثير من المفاجآت للحرب الكبرى.
ويعتقد بأن الإسرائيلي الذي يهول بالحرب هو عاجز عن أن يدخل بها بدون الغطاء الأميركي، وحتى الآن الأميركي عاجز عن إعطائه غطاء علنيا وهو يحاول أن يبقى بعيداً حتى يتمكّن من إنقاذ إسرائيل في حال غرقت في وحال أي حرب.
وينتقد الأنظمة العربية التي لا زالت تتفرّج على المجزرة الكبيرة التي ترتكبها إسرائيل بحق سكان غزة من غزة إلى رفح، لذلك من المستبعد أن يقدم هؤلاء على إجراءات بحق إسرائيل في حال اجتياح رفح وما حصل بغزة وسط الصمت العربي هو أكبر دليل على ذلك، وحدها محركات المقاومة هي التي تشغل إسرائيل وتضغط عليها فيما الأنظمة العربية تتفرّج ولا حول لها ولا قوة، لا بل أن بعض هذه الأنظمة تطالب إسرائيل بسحق حماس.
وماذا عن تأثير هذا الواقع على الإستحقاق الرئاسي؟ يؤكد أنه حتى الآن هذا الإستحقاق موجود في ثلاجة لا أحد يحرك به أي ساكن ولا أحد قادر على إحداث أي خرق به، موضحاً أن المعارضة فشلت في توحيد جهودها لتقديم مرشح والخماسية الدولية فشلت في توحيد جهودها لتبني مرشح أو طرح مرشح ثالث، مشيرا إلى الخلاف السعودي القطري داخلها والأميركي الفرنسي داخلها أيضاً، وكل ذلك ينعكس على توحيد الجهود لذلك ليس هناك حقائق ملموسة على الأرض تنتجها هذه الخماسية.
أما عن ربط الإستحقاق بالإنتخابات الأميركية؟ فيذكر أنه عند انتخاب الرئيس ميشال عون قبل أسبوع من انتخاب دونالد ترامب، لذلك الرهان اليوم على هذا الأمر ولكن من قال أن ترامب سيفوز في الإنتخابات وأيضا تختلف الظروف اليوم عن ظروف انتخاب الرئيس عون لا سيّما في ظل الظروف الإقليمية والدولية والحرب الروسية الأوكرانية وتصاعد الصراع العسكري ما بين الغرب وروسيا بما له من تأثير على الشرق الأوسط، وينبّه أيضا إلى أمر أساسي هو كيف ستنتهي الأمور في غزة.