دو وال: ستبقى عودة السوريين الى بلادهم بأمان الهدف النهائي لنا

وزعت بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان كلمة سفيرة الاتحاد ساندرا دو وال بمناسبة “يوم أوروبا” وقالت :”نشكركم على مشاركتكم لنا هذه المناسبة الخاصة. كنّا نودُّ أن نحتفل بيوم أوروبا بحضور جميع شركائنا وأصدقائنا في البلاد، لكنَّ الاحتفال غير متاح في هذا الظرف المليء بالتحديات للبنان والمنطقة. مع ذلك، أردت أن أحيي هذا اليوم، وأعتقد أنَّه من المناسب فعل ذلك تحديداً بالتَّفكير في مشروع بناء السلام الذي كان عليه الاتحاد الأوروبي وما زال”.

واستكملت، “إنشئ الاتحاد الأوروبي بعد حربين همجيتين حصدتا ملايين الضحايا ومزَّقت قارتنا. ولم يكن أحد يتوقع في عام 1945 أنَّ البلدان التي سعيت إلى تدمير بعضها البعض ستشكِّل في نهاية المطاف اتحاداً اقتصادياً وسياسياً قوياً. إلا أنّها فعلت ذلك، حيث وُلِدَ المشروع الأوروبي لبناء السلام من رحم تصميم قوي على منع الحرب في قارتنا، وجعل الحرب “ليس فقط أمراً لا يمكن تصوره، وإنّما أمراً مستحيلاً ماديا”، وفق ما جاء في إعلان شومان”.

اضافت دو وال، “لا يزال هذا المشروع صالحاً اليوم كما كان دوماً. فهو يعطينا الأمل في أنَّه يمكن تحقيق السلام. كما أنّ السلام ضروري، فهو الأساس لمستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً. وفي هذه الزاوية من العالم، الحل الوحيد القابل للتطبيق الذي يمكن أن يجلب السلام للفلسطينيين، والأمن للإسرائيليين، والاستقرار للشرق الأوسط، هو حل الدولتين.

وأشار الى، ان “على مدى الأشهر القليلة الماضية، تابعنا عن كثب الظروف المأساوية في غزة وجنوب لبنان، واستخدمنا جميع القنوات الدبلوماسية للدعوة إلى إنهاء الأعمال العدائية والمعاناة الإنسانية. فلبنان هو على خط المواجهة في هذه الحرب منذ 8 تشرين الأول. ولا يمكن للبنان أن يتحمل الانجرار أكثر إلى ذلك. ويجب أن نتابع العمل من أجل تخفيف حدة النزاع والتوصل إلى تسوية دبلوماسية في الجنوب. وفي هذا السياق، أكرِّر دعوتنا إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 من قبل جميع الأطراف”.

وتابعت دو وال، “لم تؤدِّ الحرب في الجنوب إلا إلى تفاقم الوضع الهش أصلاً في لبنان. ولم يتم إحراز تقدُّم يذكر لوضع لبنان على طريق التعافي الاقتصادي. ولا تزال عملية صنع القرار معطَّلة، في غياب رئيس للجمهورية وحكومة غير حكومة تصريف اعمال. في هذا الإطار، زارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فونديرلاين بيروت الأسبوع الماضي للإعلان عن حزمة بقيمة مليار يورو لدعم لبنان. وهذه الحزمة الجديدة هي التزام سياسي بأنَّ الاتحاد الأوروبي سيقدم دعماً مالياً محددا مسبقاً للبنان حتى عام 2027.

وكشفت، “ستسمح لنا الحزمة بمواصلة تمويل القطاعات الرئيسية مثل الحماية الاجتماعية والصحة والمياه والتعليم، ودعم الحكومة في توفير الخدمات الأساسية للفئات الأكثر ضعفاً في البلاد. ولا يشمل هذا اللاجئين السوريين فحسب، بل أيضاً العديد من اللبنانيين الذين يستفيدون من برامج المساعدة الاجتماعية الممولة من الاتحاد الأوروبي، وخدمات الرعاية الصحية الأولية بتكلفة معقولة، والحصول على المياه النظيفة أو المدارس الرسمية التي أُعيد تأهيلها حديثاً. في الواقع، فإنَّ الجزء الأكبر من هذا الدعم يعود بفائدة مباشرة على المواطنين اللبنانيين. مع هذه الحزمة، سنواصل دعم هذه القطاعات الرئيسية، بالتنسيق الوثيق مع الحكومة اللبنانية”.

واردفت دو وال، “نحن لسنا صمّاً، بل إنّنا نسمع ونفهم بوضوح المخاوف التي يثيرها اللبنانيون بشأن وجود هذا العدد الكبير من السوريين. كما نقرُّ بالعبء الثقيل الناجم عن هذا الوضع. يرى الاتحاد الأوروبي أنَّ مستقبل السوريين هو في سوريا. وتبقى عودة السوريين إلى سوريا، بأمان، الهدف النهائي لنا جميعاً، ونأمل في أن نعمل معاً بطريقة بنّاءة لجعل هذا الأمر حقيقة واقعة. لذلك سنستثمر بشكل أكبر في المسارات القانونية للاجئين، حتى يتمكنوا من العثور على فرص عمل في أوروبا. ولهذا السبب، سنواصل إعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى أوروبا للمساعدة في تخفيف العبء.

وأشارت الى، ان “خلال الأشهر المقبلة، سنعمل أيضاً مع مفوضية اللاجئين لتطوير نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى سوريا. وفي هذا السياق، سندعم الجيش اللبناني والأمن العام وقوى الأمن الداخلي من خلال تزويدهم بالمعدات والخبرات اللازمة لإدارة الحدود البرية والبحرية اللبنانية بشكل أفضل. كما نتطلع إلى العمل مع شركائنا اللبنانيين لإيجاد حل لهذه المسألة. ونحن نفهم مدى أهمية هذا الأمر. ومع ذلك، يتعيَّن علينا جميعاً أن نكون واقعيين بالإقرار بأنَّ هذه العملية ستستغرق وقتاً. وستتطلب تعاون المزيد من الأطراف، إلى جانب لبنان وأوروبا”.

وختمت دو وال، “لم تبدأ علاقات أوروبا مع لبنان في عام 2011 مع الأزمة السورية، ولن تنتهي معها.كما أنّها لم تبدأ مع افتتاح أول بعثة للاتحاد الأوروبي في لبنان في عام 1979.ما يربطنا أقوى بكثير. أنّه تاريخ وثقافة نتشاطرهما. إنّه أريج البحر الأبيض المتوسط ونكهاته، والمناظر الطبيعية المألوفة، والتنوع في اللغات والأديان، والشعور بالحرية التي نختبرها جميعاً هنا. إنّنا عازمون كما أنتم على ضمان استمرار هذه الروابط”.