“يهدد أمنها القومي”… خيارات عدّة لمصر للتعامل مع هجوم رفح

في الوقت الذي أكدت به مصر رفضها القاطع للتصعيد الإسرائيلي في رفح، تبرز خيارات عدة للقاهرة في التعامل مع الموقف الراهن الذي اعتبره عسكريون ودبلوماسيون “يهدد أمنها القومي”.

وصعّدت مصر لهجة خطابها ضد العملية الإسرائيلية في رفح، بالتزامن مع انهيار مفاوضات الهدنة التي احتضنتها القاهرة لوقف إطلاق النار في غزة، حيث أعلنت حركة حماس موافقتها على الورقة المصرية المقدمة في حين اعتبرتها تل أبيب “لا تُلبّي طلباتها”.

أعلنت مصر رسميا دعم الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

كشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن مسؤولين عسكريين مصريين ألغوا بشكل مفاجئ اجتماعا مع نظرائهم الإسرائيليين، في إشارة لتفاقم الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

نقل موقع “واللا” الإسرائيلي عن مصادر قولها إن مصر تراجعت عن كل التفاهمات حول عملية معبر رفح، بعد رفع العلم الإسرائيلي في جانبه الفلسطيني، لافتا إلى أن تل أبيب لم تنسق مع القاهرة العملية التي تنفذها في رفح الفلسطينية.

شدد مصدر مصري رفيع المستوى على أن القاهرة رفضت التنسيق مع تل أبيب بشأن معبر رفح “بسبب التصعيد الإسرائيلي غير المقبول”.

يقول عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري اللواء يحيى كدواني، في حديثه لـ”سكاي نيوز عربية”، إن مصر على اختلاف مستوياتها السياسية والأمنية تعمل منذ السابع من تشرين الأول على تفادي التصعيد ووقف الحرب في غزة حفاظا على الأمن والسلم الإقليمي والدولي.

وعن الخيارات المصرية إزاء اجتياح إسرائيل رفح، أوضح النائب أن “مصر متمسكة بالحفاظ على أمنها القومي كحد فاصل بين ما تتعرض له من افتراءات، وما يمكن أن يحدث من تصعيد، وتعمل على المحاور إقليميا ودوليا للتأكيد على ذلك”.

ومع ذلك، شدد كدواني على التزام مصر باتفاقية السلام مع الجانب الإسرائيلي.

وعما يمكن أن تفعله القاهرة إزاء تطور العمليات العسكرية في رفح، أشار كدواني الى أنّ “لكل حادث حديث، والمحدد الأساسي لكل إجراء هو مدى المساس بالأمن القومي المصري”.

اعتبر المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية في مصر اللواء حمدي بخيت، أن “كل الخيارات المصرية متاحة للتعامل مع العمليات العدائية الإسرائيلية في رفح، باعتبار أن الاحتلال يتجاوز اتفاقية السلام”.

وأوضح بخيت لـ”سكاي نيوز عربية”، أن مصر تنوع خياراتها للتحذير من مغبة ما تقوم به إسرائيل خلال الفترة الماضية، إذ “استخدمت الخيارات الدبلوماسية في التحذير والتنديد بالإجراءات الأحادية العداونية، وكذلك الخيارات الأمنية في الوساطة بين حماس والجانب الإسرائيلي”، لكنه مع ذلك أشار إلى أن “إسرائيل لا ترضخ إلا لسياسة الأمر الواقع، وبالتالي فاللجهة المصرية أصبحت عنيفة مؤخرا في التعامل مع ذلك”.

كما لفت إلى أن “إسرائيل حاولت أن تجر مصر لجعلها طرفا في الأزمة، لا كوسيط محايد”.

وعاد بخيت للتأكيد على أنه “فيما يتعلق بحماية الحدود المصرية فهذا واجب مقدس لا جدال فيه أو إخلال به، إذ أن تهديد الحدود المصرية طبقا للملحق العسكري لاتفاقية السلام يضع مصر في دور آخر لحماية أمنها القومي، وبالتالي فكل الخيارات مفتوحة للدفاع عن قيم الأمن القومي المصري”.

و”قرار اللجوء إلى أي خيار هو رهن التفكير العقلاني والحسابات الدقيقة، فالموقف المصري يوصف بالصبر الاستراتيجي، كما أن القاهرة تبتعد عن الانفعال مع إعطاء الأطراف فرصة للتفاهم طالما كانت هناك فرصة لاحتواء الأزمة”، وفق تقدير المستشار بالأكاديمية العسكرية، الذي مضى قائلا: “هناك حدود معينة للصبر”.

وفي السياق ذاته، قال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، لـ”سكاي نيوز عربية”، إن مصر تركز خلال الفترة الراهنة على استخدام “القوى الناعمة” سياسيا ودبلوماسيا، لكنه شدد على أن “الخيار العسكري أمر غير وارد في هذه المرحلة، لأنه لم يحدث أي اعتداء على الأراضي المصرية”.

وأكد حسن على تمسك مصر باتفاقية السلام باعتبارها “خيارا استراتيجيا للمنطقة برمتها”.

واعتبر تدخل مصر دعما لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، إحدى الخيارات التي تطور بها مصر من رد فعلها إزاء الانتهاكات الإسرائيلية في رفح.

ولفت الدبلوماسي السابق الى أنّ “هناك وسائل أخرى لممارسة الضغوط بالقوى الناعمة سواء سياسية أو دبلوماسية أو استخباراتية مع الدول الأخرى، ومن المهم ممارسة أقصى ضغوط على الحكومة الإسرائيلية لوقف هذه الحرب التي لا هدف لها إلا إبادة الشعب الفلسطيني”.