مع تصاعد الغضب الإسرائيلي تجاهها… إسبانيا تعد رداً “حازماً”!

رغم اعتراف كل من إسبانيا وأيرلندا والنرويج بدولة فلسطينية مستقلة، وتوقع اتخاذ دول أوروبية نفس الموقف، فإن تعاطي إسرائيل مع مدريد بالتحديد كان أكثر حدة.

فقد أمرت إسرائيل إسبانيا، امس الإثنين، بوقف الخدمات القنصلية المقدمة لفلسطينيي الضفة الغربية اعتبارا من 1 حزيران، بينما لم تتخذ الإجراء ذاته مع البلدين الآخرين.

كما أن إسرائيل أطلقت تهديدات تجاه النرويج وأيرلندا، إلا أن الموقف من إسبانيا حاز على اهتمام أكبر من جانب القائمين على السياسة الخارجية الإسرائيلية، الذين هددوا بتصعيد الإجراءات ضدها.

الموقف الإسباني المتقدم الذي تلتزم به تجاه القضية الفلسطينية شعبيا وسياسيا، حيث يميل الإسبان تقليديا إلى الفلسطينيين.

فقد أعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس أن بلاده، وكلا من أيرلندا، والنرويج، ستقدم ردا “حازما” على الهجمات الدبلوماسية الإسرائيلية عليها، بعد أن أثار اعترافها المتزامن بدولة فلسطين أمس الاثنين غضب تل أبيب.

وقال ألباريس للصحفيين في مدريد اليوم الثلاثاء، “سنقدم ردا منسقا مع النرويج وأيرلندا اللتين تتعرضان للنوع نفسه من التضليل الإعلامي الدنيء، والهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي” متحدثا عن “رد حازم وهادئ على هذه الاستفزازات”، بحسب ما نقلت “الجزيرة”.

وأضاف في ختام جلسة مجلس الوزراء بعد اعتماد المرسوم الذي يعترف بدولة فلسطين رسميا “لا أحد يمكنه أن يخيفنا، نحن لا نصنع سياستنا الخارجية عبر الرد بالتغريدات، لدينا أفكار واضحة حول المسار الذي يجب أن نسلكه”. مؤكدا أن رد دبلن، ومدريد، وأوسلو، “سيأتي في الوقت المناسب”.

وقال ألباريس إن الخارجية الإسرائيلية “مهتمة بالحديث عن التغريدات، أكثر من اهتمامها بقرارات محكمة العدل الدولية”، أعلى هيئة قضائية لدى الأمم المتحدة، التي أمرت إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح في جنوب قطاع غزة.

وفي رد غاضب على قرار مدريد ودبلن وأوسلو الاعتراف بدولة فلسطين، كثف وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الرسائل الغاضبة ضد هذه الدول الثلاث على مدى أيام على منصة إكس.

واتهم كاتس رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بأنه “متواطئ في الدعوات لإبادة الشعب اليهودي” من خلال الاعتراف بدولة فلسطين والإبقاء على المسؤولة الثالثة في الحكومة الإسبانية يولاندا دياز في منصبها بعدما دعت في الآونة الأخيرة إلى تحرير فلسطين “من النهر إلى البحر”.

ونشر كاتس أيضا مقطع فيديو على الإنترنت يوم الأحد الماضي يجمع بين صور هجوم طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول الماضي، وصور راقصي فلامنكو، مؤكدا أن حماس كانت تقول “شكرا على الخدمات” لبيدرو سانشيز. كما نشر وزير الخارجية الإسرائيلي مقاطع فيديو أخرى تستهدف قادة أيرلندا والنرويج.

وبحسب “سكاي نيووز”، فهناك عوامل واسباب عدة تدفع إسرائيل لاتخاذ موقفا أكثر حدة تجاه إسبانيا بالتحديد، ومنها، انه منذ بدأت إسرائيل هجومها على غزة، ارتفع عدد الإسبان المؤيدين لحل الدولتين إلى 60 بالمئة في نيسان، من 40 بالمئة عام 2021، بحسب استطلاع أجراه معهد إلكانو الملكي الإسباني للدراسات الدولية والاستراتيجية.

وسياسة إسبانيا المناصرة للقضية الفلسطينية ازدادت حدة بعد أحداث 7 تشرين الاول، بضغط من “شبكة التضامن ضد احتلال فلسطين” التي تضم أكثر من 40 منظمة اجتماعية وحركة شعبية.

وقادت الشبكة احتجاجات شعيبة جابت معظم المدن الإسبانية، مما شكل رأيا عاما قويا يطالب بقطع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل وحظر توجيه الأسلحة إليها.

وتجدر الاسارة الى ان إسبانيا تتميز بأنها لا تخضع للأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة التي تنتشر في أوروبا وتدعم إسرائيل.

وتسعى مدريد لإنهاء ما تعتبره تواطؤا يسمح لإسرائيل بارتكاب جرائمها دون عقاب.

اما الحكومة الإسبانية، فتعمل على تقديم نفسها باعتبارها جهة رائدة في سياسة الاتحاد الأوروبي وتعمل على تغيير مواقفه الخارجية، مما يجعل إسرائيل تخشى فكرة تبدل علاقتها القوية بدول التكتل بتأثير الدومينو، التي قد تجعلها تخسر الثقل السياسي للقارة عالميا.

والحالة المزاجية للناخبين في إسبانيا تناهض إسرائيل بشكل كبير وتؤيد القضية الفسطينية، مما يوحي باستمرار السياسة الخارجية لمدريد على هذا النحو وقد تزداد شدة.

والتصريحات الإسبانية كانت شديدة للغاية تجاه إسرائيل ومن مسؤولين رسميين، مثل وزيرة العمل يولاندا دياز التي طالبت بـ”تحرير فلسطين من النهر إلى البحر”، وهو ما يعني ضمنيا إنهاء وجود دولة إسرائيل.

وايضاً الخلفية التاريخية لإسبانيا التي عقدت ما يعرف بمحاكم التفتيش في عهد الملك فرديناند والملكة إيزابيلا، التي عملت على “تطهير” إسبانيا من اليهود -إلى جانب المسلمين- من خلال قتلهم وتعذيبهم وإجبارهم على التحول الديني أو مغادرة البلاد.

فإسبانيا لديها أكثر من حركة انفصالية، مما يعزز “النزعة التحررية” داخل المجتمعات في مناطق معينة.