التطبيع مع السعودية يُخرج إسرائيل من المأزق!

في الوقت الذي تتواصل فيه الجهود الأميركية لإنجاز اتفاق تطبيع إقليمي بين السعودية وإسرائيل، تتخوف أوساط من أن الفرصة الزمنية التي يمكن بها أن تخرج خلالها من المأزق المتورطة فيه الحكومة الإسرائيلية حالياً آخذة في الانغلاق، ورغم مزاعمها بأن الثمن لهذا التطبيع ليس سهلا، خاصة من النواحي السياسية، فإن التغيير ضروري، وهي مطالبة باتخاذ قرارات تخرج الإسرائيليين من هذا الوضع المزري الذي يجدون أنفسهم فيه، وإلا فإنهم سينتقلون من مأزق إلى آخر، وإلى أجل غير مسمى.

الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، ومؤسس منظمة “مايند إسرائيل”، وجه نداء عاجلا للقيادة الإسرائيلية، جاء فيه أن “الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، لإسرائيل، أوضحت لها بوضوح أنها تتسابق نحو تقاطع “T” الاستراتيجي، وأن الفرصة متاحة لتقرير أي الاتجاهين يجب أن تسلك، لأن واشنطن تتجه نحو الإغلاق بسرعة مع اقتراب الانتخابات الأميركية، ما يستدعي من صناع القرار لديه القيام بعملهم، واتخاذ القرارات، بدلاً من الاستمرار في التأجيل والتعثر، وتجنب القرارات الأساسية، بل إن عليهم القيام بخطوة استراتيجية ذات طابع تاريخي”.

وأضاف في مقال نشرته “القناة 12″، وترجمته “عربي21” أن “القرار يكمن في الموافقة على صفقة التبادل مع “حماس” وإبرام اتفاق تطبيع مع السعودية ودول إسلامية أخرى، ما سيسمح بإثبات شرعية وجود إسرائيل في قلب الشرق الأوسط، والحفاظ على الدعم الإقليمي والدولي للعمل ضد تقوية “حماس” وإنعاشها، وتجفيف مصادر دخلها، وتصميم وترسيخ تحالف ضد إيران، وكبح الإجراءات القانونية ضد إسرائيل، وهي منجزات جديرة بالاهتمام، ومفضلة على تعريض أمن إسرائيل للخطر، لأن استمرار القتال العبثي في غزة دون هدف سياسي يزيد احتمالات التصعيد على الجبهة الشمالية، والمخاطرة بأن يفرض العالم في النهاية قراره”.

وأشار إلى أنه “كأولوية قصوى، فقد تكون الأسابيع المقبلة الفرصة الأخيرة لإعادة المختطفين بدل أن يموتوا في أنفاق غزة، قبل أن تصبح هذه المأساة دائمة، وتستمر لسنوات، لأن إسرائيل أنشئت بالأساس للسماح لليهود بالعيش في أمان، وقد فشلت في هذه المهمة في السابع من تشرين الأول، ونحن ملزمون بأن نقطع شوطا طويلا، طريقا طويلا جدا، لإعادتهم، مع قناعة الجهاز الأمني بكيفية التعامل مع نتائج الصفقة مع حركة حماس، لكن طالما لم يتم إطلاق سراحهم من الأسر، فإن ظلاً ثقيلاً سيرافق المجتمع الإسرائيلي، ما سيحجب قدرته على التغلب على الصدمة الجماعية، واستعادة تماسكه وصموده الوطني”.

وأوضح أن “صفقة الرهائن ليست مجرد ضرورة أخلاقية عليا للدولة تجاه مواطنيها فحسب، بل هي أيضًا أهم عمل سياسي من المتوقع أن ينقذ إسرائيل من المأزق، ويفتح الباب أمام التحركات السياسية التالية، وعلى رأسها التطبيع، وإنقاذها من دوامة التصعيد على الحدود الشمالية، وسيكون مطلوباً الاعتراف بحل الدولتين من حيث المبدأ، لأنه المفتاح لتعزيز التطبيع، وهذا في الحقيقة ليس خياراً بين “حماسستان وفتحستان” كما يحاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأطيره لأسباب شخصية، وقد تبين لجميع الأطراف أنه لا توجد إمكانية أمنية لتحقيق الهدفين معاً”.

يكشف هذا الربط الغريب بين إبرام التطبيع مع السعودية وإنجاز صفقة التبادل مع “حماس”، عن خشية إسرائيلية من استمرار تدهور أمن إسرائيل، وما يعنيه ذلك لاقتصادها وعلاقاتها الخارجية، والإضرار بالتحالف مع الولايات المتحدة، الذي أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، بجانب إبرام المزيد من التحالفات الإقليمية والدولية للوقوف ضد المحور المعادي في المنطقة، ما يستدعي من القيادة الإسرائيلية، وفق هذا النداء أعلاه، اتخاذ قرارات بشأن صفقة التبادل، حتى لو كانت التكاليف مؤلمة، والخروج من المضيق الاستراتيجي الذي يواصلون التحرك فيه، وإلا فينبغي للقادة الذين لا يستطيعون إظهار القيادة أو اتخاذ القرارات التي تخدم مصلحة الدولة، أن يعلقوا المفاتيح، ويختفوا من الحياة العامة، وفق الصيغة الإسرائيلية.