في خضم المعارك بقطاع غزة، بين إسرائيل وحركة حماس، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، بيني غانتس، ورئيس الأركان السابق، غادي آيزنكوت، استقالتهما من حكومة الحرب الإسرائيلية، فما تأثير ذلك على مجريات العمليات العسكرية؟ وهل سيكون هناك بديلا لهما؟
بعد أيام على بدء الحرب في قطاع غزة، انضم غانتس إلى حكومة الحرب التي سميت “حكومة الوحدة”، برئاسة منافسه، بنيامين نتنياهو، وأصبح وزيرا “من دون حقيبة”.
وفي مايو، هدد غانتس الذي شغل سابقا منصب قائد الجيش ووزير الدفاع، بالانسحاب من الحكومة لـ”غياب استراتيجية لفترة ما بعد الحرب في قطاع غزة”.
والأحد، أعلن غانتس الذي بلغ الخامسة والستين، استقالته من حكومة الحرب، بعد ثلاثة أسابيع من منحه نتنياهو “مهلة من أجل التوصل إلى استراتيجية واضحة لما بعد الحرب في غزة”.
واستقال أيضا الوزير غادي آيزنكوت، عضو حزب غانتس، تاركا حكومة الحرب بثلاثة أعضاء فقط.
لكن رحيل غانتس و آيزنكوت لن يؤثر على سيطرة ائتلاف نتنياهو الذي يضم أحزابا قومية ودينية على الكنيست، حيث يحظى بأغلبية 64 مقعدا من أصل 120.
يرأس غانتس، حزب الوحدة الوطنية المنتمي لتيار الوسط والذي يشغل ثمانية مقاعد داخل الكنيست، وبصفته عضوا في مجلس الحرب ساعد في إدارة الهجوم الإسرائيلي على غزة قبل ظهور التوتر مع مضي العملية العسكرية.
والتحق غانتس في شبابه بالجيش كمجند، العام 1977 في سن الثامنة عشرة.
وكان غانتس جنديا في سلاح المظلات وقاد وحدة القوات الخاصة المعروفة باسم “شالداغ”، وتمت ترقيته ليصير جنرالا عام 2001، قبل أن يعين رئيسا للأركان عام 2011 وحتى 2015، وشغل منصب وزير الدفاع في الحكومة السابقة.
أما آيزنكوت فقد شغل منصب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بين 2015 و2019.
ولذلك، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، إلى أن غانتس وآيزنكوت لديهما “خبرة عسكرية كبيرة، وساهما في إعطاء نصائح لمجلس الحرب”، لكن استقالتهما لن تؤثر على مسار الحرب في قطاع غزة.
وفي مجلس الحرب “كانت الأمور تسير كما يحددها نتنياهو بمشاركة وزير الدفاع، يوآف غالانت، ورئيس الأركان، هرتسي هاليفي”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ولدى غالانت وهاليفي “خبرة عسكرية طويلة”، ولذلك فاستقالة غانتس وآيزنكوت “لن تؤثر على الاستراتيجيات الحربية خلال الحرب في غزة”، حسبما يشدد نيسان.
وفي سياق متصل، يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، ايدي كوهين، أن تأثير استقالة غانتس وآيزنكوت على الحرب في غزة “رمزي ومعنوي فقط”.
واستقالة غانتس وآيزنكوت تعني أن “الحكومة فقدت جزء من شرعتيها لكن ذلك لا يؤثر على ميدان المعركة في قطاع غزة”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ولذلك فالاستقالة “لن تمثل ضربة موجعة لمسار العمليات العسكرية في قطاع غزة والحرب ضد حماس”، حسبما يؤكد كوهين.
أما المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، فيؤكد أن ” نتنياهو (كان ينفرد) باتخاذ القرارات في مجلس الحرب حتى في وجود غانتس وآيزنكوت”.
ومع خروجهما سوف “يستمر نتنياهو في الانفراد باتخاذ القرارات والحفاظ على سيطرة كاملة على مجلس الحرب”، حسبما يشير في حديثه لموقع “الحرة”.
ومن جانبه، لا يعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي، الحنان ميلر، أن استقالة غانتس وآيزنكوت ستؤثر “بشكل مباشر وفوري” على مجريات الحرب في قطاع غزة.
لكن الاستقالة سوف “تزيد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية، وتضاعف الانتقادات الدولية الموجهة لحكومة نتنياهو اليمينية، وتساعد على ظهور مشاريع قرارات أممية تدعو لوقف الحرب في غزة، بالإضافة إلى حشد المزيد من المتظاهرين الإسرائيليين المطالبين بالذهاب إلى انتخابات مبكرة”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
تضم حكومة الحرب في إسرائيل 5 أعضاء وهم نتنياهو وغانتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر.
وحكومة الحرب تتخذ جميع القرارات الرئيسية بشأن الحرب ضد حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
وفي أعقاب استقالة غانتس وآيزنكوت، أعلن وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، أنه طالب نتنياهو بضمه إلى حكومة الحرب.
وقال بن غفير في رسالة عبر حسابه بمنصة أكس “لقد قدمت طلبا لرئيس الوزراء، للانضمام إلى حكومة الحرب”.
ومن جانبه، يرجح كوهين “موافقة نتنياهو على دخول بن غفير وكذلك وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، إلى مجلس الحرب”.
ويقول:” من الممكن إدخال سموتريتش وبن غفير لمجلس الحرب وهذا الأمر ليس مستبعدا”.
لكن على جانب آخر، يعتقد نيسان أن نتنياهو “لن يوافق” على ضم بن غفير وسوف “يلغي مجلس الحرب وينقل كافة الصلاحيات لمجلس الأمن للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت الموسع)”.
ووقتها ستكون هناك أغلبية لحزب الليكود وأي مقترحات أو طروحات يطرحها بن غفير أو سموتريتش تكون “ضمن الأقلية وبلا تأثير على مجريات الأمور وما يدور بشكل خاص في قطاع غزة”، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، لا يعتقد ميلر أن نتنياهو “سوف يقبل انضمام بن غفير لحكومة الحرب”.
لكنه يرى أن مجلس الحرب سيبقى بتشكيله الحالي دون وجود غانتس وآيزنكوت، بحيث تضم ثلاثة أعضاء فقط.
ومن جانبه، يرجح شتيرن أن “يضم نتنياهو أحد المقربين له إلى مجلس الحرب، وقد يكون العضو الجديد أحد أعضاء الليكود”.
في حديثه لموقع “الحرة”، لا يرى المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، أن استقالة غانتس وآيزنكوت تمثل “مشكلة حقيقية”، لكنه يتحدث عن “أزمة جديدة سوف تواجه حكومة الحرب والائتلاف الحكومي بسبب (قانون التجنيد)”.
وسيكون هناك مشكلة حقيقية داخل الائتلاف الحكومي عامة وحزب الليكود خاصة بسبب “قانون التجنيد وإعفاء (الحريديم) من الخدمة العسكرية الإلزامية”، حسبما يؤكد كيدار.
وهناك “خلافات وتجاذبات داخل الائتلاف الحكومي في ظل رفض غالانت بصفته وزيرا للدفاع الموافقة على إعفاء (الحريديم) من الخدمة العسكرية”، حسبما يوضح المحلل السياسي الإسرائيلي.
واليوم الاثنين، تصوت الهيئة العامة للكنيست، على اقتراح نتنياهو، بـ”تطبيق قانون الاستمرارية على قانون التجنيد”.
ويتضمن مشروع القانون خفض سن الإعفاء من التجنيد لـ”الحريديم” إلى 21 عاما لمدة عامين فقط، والذي يبلغ حاليا 26 عاما.
وبحسب المقترح، فإن سن الإعفاء يرتفع بعد عامين إلى 22، وبعد سنة إلى 23، للسماح لـ”الحريديم” بالاندماج في سوق العمل، وكذلك زيادة عدد المجندين منهم.
والخدمة العسكرية إلزامية في إسرائيل، لكن اليهود المتشددين المتزمتين “الحريديم” وتُطلق عليهم أحيانا تسمية اليهود الأرثوذكس يمكنهم تجنب التجنيد الإجباري إذا كرسوا وقتهم لدراسة الشريعة والتوراة.
ويشكل اليهود المتشددون حوالي 14 في المئة من السكان اليهود في إسرائيل، وفقا لمعهد الديمقراطية الإسرائيلي، أو ما يقرب من 1.3 مليون شخص، ويستفيد نحو 66 ألف شاب يهودي متدين في سن الخدمة العسكرية من هذا التأجيل، بحسب أرقام الجيش.
ومن المتوقع ألا يدعم غالانت، مشروع القانون بحسب مصادر نقلت عنها إذاعة “ريشت بيت”.
ولوح عدد من أعضاء الائتلاف الحكومي بإمكانية “عدم التصويت لصالح القانون”.
ولذلك، يؤكد كيدار أن عدم تصويت غالانت لصالح مشروع قانون التجنيد والتصويت ضد الائتلاف الحكومي يجعل “وزير الدفاع في حكم المستقيل، أو قد يضطر نتنياهو لإقالته”.
وحدوث ذلك هو “الخطر الأكبر على الحكومة الحالية ويعني انهيار الائتلاف الحكومي”، وسيكون لذلك “تأثير على مجريات الحرب” لأن “الدولة ستكون مشغولة بمعركة الانتخابات”، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس، إثر هجوم الحركة “غير المسبوق” على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من تشرين الاول، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.