نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، مقالاً لعلي هاشم بعنوان “لن يفضي الأمر بين إسرائيل وحزب الله إلى اندلاع حرب”، ويستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى تصاعد حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل وسط مخاوف من اندلاع حرب شاملة بين الطرفين.
ويقول الكاتب إنه لم يتبق سوى عدد قليل من القرى السليمة في جنوب لبنان، مضيفا أن أحياء واسعة في البلدات التي لا تزال قائمة، مثل مروحين، باتت مدمّرة بالكامل، لافتا إلى أن ما بين مروحين وحيفا توجد مجتمعات إسرائيلية ومواقع عسكرية تتعرض يوميا لنيران حزب الله.
ويضيف هاشم أنه على مدى الأشهر الثمانية الماضية، غادر ما يزيد على 150 ألف شخص في المنطقة الحدودية مدنهم وقراهم بسبب الحرب المستمرة التي أسفرت عن مقتل نحو 400 شخص على الجانب اللبناني، ونحو 30 على الجانب الإسرائيلي.
ويقول الكاتب إن منطقة الحدود باتت منطقة ساخنة يؤججها العنف المتبادل بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، واصفا الوضع بأنه تصاعد مؤخرا، وأثار دعوات في إسرائيل إلى شن حرب موسعة، بيد أن الكاتب يرى عدم وجود ما يدعو للاعتقاد بأن المواجهات بين إسرائيل وحزب الله ستتحول إلى حرب شاملة.
ويوضح الكاتب أن حزب الله دخل في صراع مع إسرائيل بعد الهجمات التي شنتها حماس على جنوبي إسرائيل في السابع من تشرين الأول الماضي، بيد أنه أشار إلى أن الصراع الأوسع بين حزب الله وإسرائيل اتخذ عدة أشكال قبل هذا التاريخ، منذ أن شكلت مجموعات من المقاتلين الشيعة في جنوب لبنان “المقاومة الإسلامية” في لبنان عام 1982، بعد الاجتياح الإسرائيلي في ذلك الصيف.
وأضاف هاشم أن المواجهة الأهم بين الطرفين كانت في عام 2006، عندما اختطف حزب الله جنديين إسرائيليين من المنطقة الحدودية بهدف تبادلهما مع سجناء له في السجون الإسرائيلية، وردت إسرائيل بحرب مدمرة في تموز وآب من ذلك العام، بهدف القضاء على حزب الله، وهو هدف مشابه لهدف إسرائيل في حربها الحالية ضد حماس.
ويلفت الكاتب إلى وجود فارق بين المواجهتين، وهو أن حزب الله امتلك قدرات عسكرية كافية خلال العقد الماضي ليشكل الآن “تهديدا استراتيجيا” لإسرائيل.
كما صرح مسؤول في فيلق القدس الإيراني، الذي يشرف على حزب الله وفصائل أخرى مرتبطة بإيران في الشرق الأوسط لـ “فورين بوليسي”، بأن حزب الله “يمتلك الآن ما يربو على مليون صاروخ من مختلف الأنواع، بما في ذلك صواريخ موجهة بدقة وصواريخ كاتيوشا معدلة لزيادة الدقة، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للدبابات”.
كما تتضمن ترسانة حزب الله طائرات مسيّرة مجهزة بصواريخ روسية الصنع، بالإضافة إلى نوع من الصواريخ الإيرانية يسمى “ألماس” مزود بكاميرا، مشابه للصاروخ الإسرائيلي “سبايك”، هذا العتاد يغير قواعد اللعبة، بحسب رأي الكاتب، لأنه يجعل المقاتلين أقل عرضة للهجمات الإسرائيلية على مواقع الإطلاق.
وأكد الكاتب أن الطرفين يحددان حربهما بشكل رئيسي في الأهداف العسكرية، كما يتضح من التصريحات اليومية الدقيقة للأنشطة العسكرية، مشيرا إلى أن حزب الله وإسرائيل يسعيان حتى الآن إلى تجنب وقوع ضحايا مدنيين قدر الإمكان، بتبادل الرسائل عبر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وهما يشاركان في نوع مختلف من الحرب، يركزان فيه أكثر على الأهداف الاستراتيجية بدلا من السيطرة الإقليمية.
ويقول الكاتب إن هدف إسرائيل هو الضغط على حزب الله لكشف مواقعه الاستراتيجية أو التراجع إلى مواقع أقل تحصينا، مضيفا أن حرب عام 2006 حملت نتائج سلبية لإسرائيل، لأنها سمحت لحزب الله ليس بزيادة ترسانته في أعقابها فحسب، بل أيضا باستخلاص الدروس من القتال لتحديث تكتيكاته لمواكبة قدرات الجيش الإسرائيلي.
ويختتم الكاتب مقاله مؤكدا أنه بعد نحو ثمانية أشهر من المعارك المستمرة، أصبح من الواضح الآن أن حزب الله وإسرائيل يدركان أن أي حرب شاملة بينهما ستكون مدمرة، كما يعرف حزب الله أن لبنان سيتم تدميره، مع وقوع آلاف الضحايا، كما تدرك إسرائيل أن ما واجهته في غزة خلال الأشهر الماضية، من دون تحقيق أهدافها الكاملة، سيكون لا شيء مقارنة بحرب محتملة مع حزب الله.
ننتقل إلى صحيفة “الغارديان” ومقال للكاتب كينيث روث بعنوان “ينبغي للمحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق في الغارة الإسرائيلية لإنقاذ الرهائن”.
ويقول الكاتب في مستهل مقاله إنه “إذا صح أن ما يزيد على 100 امرأة وطفل قُتلوا أثناء إنقاذ الجيش الإسرائيلي لأربعة رهائن، فإن إسرائيل قد انتهكت القانون الدولي”.
ويقول الكاتب إن الخسارة الفادحة في الأرواح الفلسطينية التي رافقت عملية إنقاذ الجيش الإسرائيلي، في الثامن من حزيران، لأربعة رهائن كانت حماس تحتجزهم، تستدعي فتح تحقيق، مؤكدا أن حماس اختطفت واحتجزت هؤلاء المدنيين الأربعة وهو ما يعد “جريمة حرب واضحة”، لكن هذا “لا يعفي الجيش الإسرائيلي من واجب الالتزام بالقانون الإنساني الدولي في عملية الإنقاذ”.
ويلفت الكاتب إلى أن وزارة الصحة في غزة قالت إن 274 فلسطينيا على الأقل قُتلوا في العملية وأصيب ما يزيد على 600 آخرين، وأضافت أن القتلى بينهم 64 طفلا و57 امرأة، أي 44 في المئة من العدد الإجمالي للضحايا، ونظرا لأن العديد من الرجال الذين قُتلوا أثناء العملية كانوا في سوق قريبة، فلابد أن نفترض أن نسبة كبيرة منهم كانوا من المدنيين أيضا، وهذه حصيلة مروعة للمدنيين.
ويضيف كينيث روث أن القانون الإنساني الدولي ينص على ضرورة امتناع الجيش عن شن هجوم إذا كانت الخسائر المتوقعة في صفوف المدنيين “مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة”.
ويقول الكاتب إن إسرائيل قالت إن حماس عرّضت المدنيين للخطر من خلال احتجاز الرهائن في حي مكتظ بالسكان في النصيرات وسط غزة، ويُلزم القانون الإنساني الدولي الجيوش باتخاذ “جميع الاحتياطات الممكنة” لتجنب سقوط مدنيين قتلى، وهو ما خرقته حماس باحتجاز الرهائن في مبنيين سكنيين في النصيرات، لكن هذا “لا يعفي إسرائيل من واجبها المنفصل المتمثل في تجنب شن هجوم يسبب ضررا غير متناسب للمدنيين”، بحسب قوله.
ويضيف الكاتب أن الجيش الإسرائيلي أطلق عملية الإنقاذ قبل وقت قصير من الظهر، على أمل مفاجأة حماس، التي كانت تتوقع عملية ليلية، وهو ما جعل العملية أكثر أمانا للجنود الإسرائيليين المشاركين، لكنه نقل الخطر إلى العديد من المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يتجولون في منتصف النهار، خاصة في السوق القريبة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد القتلى.
ويطرح الكاتب تساؤلا: ما الذي يمكن عمله الآن؟ ويجيب عليه بالقول إن الجيش الإسرائيلي لا يمتلك تاريخا في التحقيق مع كبار مسؤولي الجيش بتهمة ارتكاب جرائم حرب، ناهيك عن فحص قواعد الاشتباك التي يصدرها للعمليات العسكرية، ولهذا السبب هناك حاجة إلى فتح تحقيق من جانب المحكمة الجنائية الدولية.
ويختتم كينيث روث مقاله مؤكدا على ضرورة “ممارسة ضغط سياسي على إسرائيل”، بعد أن رحبت حكومة الولايات المتحدة بالإفراج عن الرهائن الأربعة، دون ذكر الخسارة الفادحة في أرواح المدنيين الفلسطينيين، مشيرا إلى أن الحكومة الأمريكية إذا أعطت الضوء الأخضر لمثل هذه العمليات القاتلة على الرغم من التساؤلات الجادة حول شرعيتها، فإنها “لن تؤدي إلا إلى تشجيع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على التمادي فيها”، بحسب الكاتب.
ونختتم جولتنا من صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية ومقال رأي كتبه جاكوب ناغل وجاكوب باردوغو بعنوان “الذكاء الاصطناعي في التطبيقات العسكرية، هل يمكن للآلة أن تتخذ قرارات الحياة والموت؟”.
يستهل الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة الجيش الإسرائيلي يتميز بمنهجيات تشغيل دقيقة للغاية ومن المهم جدا الحفاظ على هذا النهج، ويصنفان الذكاء الاصطناعي في التطبيقات العسكرية إلى فئتين رئيسيتين:
الفئة الأولى وتتضمن الأدوات المساعدة في العمل التقني والتكتيكي، والترجمة الآلية، واستخراج المعلومات وإنشائها، والتعرف على المتحدث، والتعرف على الكلام وتحويل الكلام إلى نص ومسح المناطق واكتشاف أي تغيير، ومعالجة البيانات الكبيرة، وغير ذلك.
أما الفئة الثانية فتتضمن أدوات مساعدة لتحسين عمليات صنع القرار، وليست عملية صنع القرار نفسه.
ويقول الكاتبان إن معظم الاهتمام، بطبيعة الحال، ينصب على استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار داخل المؤسسة الدفاعية والعمل اليومي، والذي تطور بشكل كبير خلال السنوات الماضية، كما تنص الأوامر والإجراءات الحالية “بشكل لا لبس فيه” على عدم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحالات التي تنطوي على قضايا الموت والحياة، دون تدخل بشري.
بمعنى آخر، بحسب المقال، لم يتم اتخاذ قرار شن هجوم، وربما لن يتم اتخاذه في المستقبل القريب فقط من خلال الخوارزميات المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، كما لن يتم اتخاذ القرار إلا بواسطة كيانات بشرية مختصة، بما في ذلك الدعم القانوني الوثيق، تماما كما يحدث، على سبيل المثال، في تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تنطوي على حياة الإنسان في الطب.
ويؤكد الكاتبان أن صنّاع القرار يستخدمون الذكاء الاصطناعي لاستخراج أفضل المعلومات والتوصيات، من أجل اتخاذ أفضل قرار سليم، ولكن على الرغم من أن الأمر يبدو مغريا، إلا أن أنظمة الذكاء الاصطناعي ليست مصممة لتحل محل المتخصصين في مجال الدفاع والقانون.
ويضيف المقال أن التحقق والقرار الذي قد يؤدي إلى شن هجوم يجب أن يتضمن على أية حال عناصر من مصادر مستقلة لا تجرى إلا بواسطة عنصر بشري.
ويختتم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أن تطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في الأنظمة العسكرية، وخاصة في بيئة تؤثر على حياة الإنسان، أمر معقد وصعب للغاية، ولهذا السبب يتخذ القرار عنصر بشري فقط باعتباره “خبير المحتوى”، ولا تحدد خوارزميات برامج الذكاء الاصطناعي أي شيء بمفردها.