نشر موقع “n12” الإسرائيلي تحليلاً لتامير هيرمان، رئيس الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، وقال فيه إن “حرباً شاملة مع لبنان لن تكون مثل أي حدث تعيشه الجبهة الداخلية في إسرائيل”، مشيراً إلى أنه قبل الشروع في مثل هذه الحرب، لا بُدّ من فهم التحديات والدروس المستفادة والمخاوف.
واشترط هيرمان على المستوى السياسي الإسرائيلي قبل أن تبدأ الحرب أن “تحدد الوضع النهائي وآلية النهاية، وألا تدخل فيها إلا في ظل ظروف تضمن النصر”، حتى لا تكرر “الخطأ الكبير الذي ارتكبته إسرائيل في حرب غزة”.
ومن أجل البت في مسألة الرد على تحدي “حزب الله” وكيفية إعادة الأمن إلى الحدود الشمالية، قال هيرمان: “المطلوب منا أولاً أن نفهم السياق الخارجي والداخلي لاتخاذ القرار والتحديات التي تنتظرنا، وأن نتعامل مع هذا الأمر. كذلك، علينا دراسة ما تعلمناه من الحرب حتى الآن، ما سيسمح لنا بتحقيق الهدف في الشمال والوصول إلى أقصى إنجاز بأقل تكلفة ووقت”.
هيرمان لفت أيضاً إلى أنه “بعد 7 تشرين الأول الماضي، يجبُ الافتراض أن استعادة ثقة سكان شمال إسرائيل بالجهاز الأمني مهمة أكثر صعوبة”، وقال: “الثقة بالاستخبارات والإنذار المبكر تتآكل، كما أن الثقة بالقدرة الدفاعية للجيش الإسرائيلي محدودة، والشعور العام المتأثر بالسياق الداخلي والخارجي المذكور هو أن الردع الإسرائيلي للخارج يتآكل أيضاً، لذلك قبل الذهاب إلى الحرب في لبنان علينا أن نفهم التحديات والمعاني والدروس التي يجب تطبيقها لنقرر ما هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله الآن”.
ولفت هيرمان إلى أن “إسرائيل تعتمد على سلاسل التوريد العالمية لدعم الاقتصاد والمجهود الحربي”، مشيراً إلى أن “أي تعطيل لها قد يكون له تأثير سلبي على القدرة القتالية، ويتطلب هذا الوضع الهش وعداً وضمانة بالحفاظ على خطوط إمداد مستقرة للأسلحة والمنتجات الضرورية لبقاء الاقتصاد الإسرائيلي وصموده طوال فترة الحرب في لبنان”.
وأردف: “الدولة الأكثر أهمية لتأمين مثل هذا الضمان هي الولايات المتحدة، ولا بد من التأكيد على أن إسرائيل قادرة على شن حملة محدودة في لبنان دون هذا الشرط. لكن إذا اتسعت الحرب واستمرت فإن هذا الشرط سيصبح ضرورياً، وبالتالي فهو ضرورة يجب تأمينها في وقت مبكر”.
ورأى هيرمان أيضاً أن “الحرب في لبنان تتطلب احتياطياً كبيراً”، وقال: “إذا طال أمد الحرب فمن المتوقع أن يتضرر الاقتصاد الإسرائيلي والاحتياط من الرجال والنساء بشكل خاص، وقد ينكسر الدعم المحلي لجنود الاحتياط، وقد يجد الجيش الإسرائيلي نفسه في مواجهة أزمة خطيرة”.
وأشار إلى أن “الحل هنا يكمن في تقصير مدة الحرب، والتخطيط للحرب في الشمال يجب أن يتضمن هذا العنصر كمبدأ أساسي”.
ولفت إلى أنه “لتقصير مدة الحرب يمكن التصرف بطريقتين: استخدام أقصى قدر من القوة في أقل وقت ممكن وعلى حين غرة في بداية الحملة، أو تحديد أهداف حربية متواضعة للغاية”.
من الناحية العسكرية الخيار الأول هو الأفضل، ومن الناحية السياسية وفي السياق الحالي ربما يكون الخيار الثاني هو الأفضل، بحسب هيرمان.
ومن ناحية أخرى، فإن “استخدام أقصى قدر من القوة في بداية الحملة وتحديد أهداف طموحة من المتوقع أن يؤدي إلى عدد كبير من الضحايا غير المتورطين في الجانب اللبناني وأضرار جسيمة لدولة لبنان، ومن المشكوك فيه إذا كانت إسرائيل لديها دعم دولي أم لا لتمكين ذلك”، حسب هيرمان.
واستدرك: “قبل أن نقرر شن حرب شاملة ضد حزب الله علينا أن نحدد كيف ستنتهي: ما الذي سيدفع المنظمة اللبنانية إلى قبول وقف إطلاق النار؟ وتحت أي ظروف؟ وما هو الوضع العسكري الذي سيجبر التنظيم بقيادة حسن نصرالله على ذلك؟ من هم الحلفاء الدوليون الذين سيساعدوننا في تحقيق النتيجة النهائية؟».
وتابع: “وكجزء من هذا، ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت حملة واسعة النطاق في لبنان ستنجح في التوصل إلى شروط لوقف إطلاق النار أفضل أو مختلفة جذرياً عن تلك التي اقترحتها فرنسا والولايات المتحدة.. إن هذه الأسئلة الصعبة يجب أن يتم البت فيها حتى قبل عبور الدبابة الأولى الخط الحدودي من الشمال”.
كذلك، رأى هيرمان أنه “قبل شن حرب شاملة في لبنان، لا بد من إصلاح القيادة العسكرية والسياسية من أجل تعزيز شرعية الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي لقيادة مثل هذه الخطوة الصعبة”.
وبين أنه “من المشكوك فيه أن يستمر هذا الأمر في الوقت الحاضر، لكن الاعتراف بأهمية تجديد صفوف القيادة هو شرط أساسي لهزيمة حزب الله في لبنان”.
واستكمل: “على الرغم من الفوائد الهائلة لإزالة تهديد حزب الله في حرب واسعة النطاق وحاسمة، فإن لذلك عواقب كثيرة وقيودا كثيرة. صحيحٌ أن إزالة هذا التهديد وحده هو الذي سيعيد الأمن بشكل كامل إلى المستوطنات الشمالية، ويحسن موقفنا الاستراتيجي في عيون أعدائنا، لكن يجب أن ندرس هذا الاحتمال بعناية. وفي نهاية المطاف، فإن الفشل في مثل هذه الحرب من شأنه أن يضع إسرائيل في وضع أسوأ من الوضع الحالي، لذلك فإن توقيت الحرب أقل أهمية من الإنجاز فيها، ولا يجوز الدخول فيها إلا في ظل الظروف التي تضمن النصر”.
وتابع: “من دون تطبيق الدروس المستفادة ومن دون التغلب على التحديات، فقد تجد إسرائيل نفسها في وضع إشكالي أكثر تعقيداً بكثير من الوضع الحالي، الردع الإسرائيلي سوف يتآكل أكثر، وسوف يتضرر الاقتصاد بشكل كبير، وسوف تصبح إسرائيل دولة مريضة في نظر العالم الغربي، والعلاقات مع المحيط العربي ودول السلام قد تستمر في التدهور”.
وختم: “لهذا السبب نحتاج إلى الصبر الاستراتيجي، وكما هو الحال في الشرق الأوسط فإن يوم حزب الله سيأتي، ولكنه ليس اليوم. سندخل هذه الحرب بعد أن نوقف دوامة الإخفاقات، ونعمل على استقرار الأنظمة في إسرائيل، واستبدال القيادة الأمنية والسياسية، وتحسين مكانة إسرائيل الإقليمية. اليوم.. نحن مطالبون بالجمع بين صبر الشرق الأوسط والتخطيط الغربي الأساسي، قبل أن نبدأ الحرب الحاسمة ضد حزب الله”.
(العين الإخبارية – n12)