من بين المناطق التي ارتبطت بقصص غريبة وأحداث غير مألوفة في العالم العربي؛ تتفرد منطقة «عين السرو» التي تقع في الصحراء الغربية بمصر بسحر من نوع خاص، وهو سحر لا يقتصر على جمال المكان والمناظر الطبيعية فيه، لكنه مرتبط بالماء الموجود في العين، والذي يرتفع لمن يحتاجه حتى يشرب ويحصل على حاجته منه ثم يختفي مرة أخرى.
وتمثل «عين السرو» التي تقع في محمية الصحراء البيضاء، شمال مدينة الفرافرة، بمحافظة الوادي الجديد، وعلى بعد نحو 45 كيلومتراً شمال مدينة الفرافرة، مادة للكثير من القصص التي نسجت حول السحر الذي تتمتع به، وهو ما يجعلها معلماً سياحياً بارزاً يستقطب السائحين من مختلف دول العالم، الذين يحرصون على مشاهدتها على الطبيعة والتعرف الى سر مياهها.
وتختلف «عين السرو»، وهي عين جوفية تضم مياهاً عذبة، عن غيرها من العيون الجوفية المماثلة، حيث تظل العين جافة ولا يظهر ماؤها، إلى أن يقترب منها أي كائن، سواء كان انساناً أو حيواناً أو طائراً، فيبدأ الماء في الظهور والارتفاع حتى يتمكن القادم من الشرب والاغتسال والحصول على حاجته من الماء، وبعد أن ينصرف مبتعداً يعود الماء إلى جوف الأرض مرة أخرى لتبدو العين جافة وتستمر على هذا الحال حتى يقترب منها شخص أو حيوان من جديد فتعاود الظهور. ولذلك اعتبر كثيرون أن العين «مسحورة»، فالعيون الجوفية الأخرى يتدفق الماء منها بشكل متواصل لفترات زمنية معينة ربما تصل إلى 50 عاماً أو تزيد، ثم تجف للأبد.
واستقطبت «عين السرو»، إلى جانب السياح الذين أثارت القصص المتداولة حول ما بها من سحر فضولهم، علماء في الجيولوجيا وعلوم الأرض، محاولين إيجاد تفسير علمي لهذه الظاهرة الفريدة، وتوصلوا إلى أن الأرض في تلك المنطقة تتمتع بطبيعة خاصة تجعلها أشبه بالإسفنج التي تضم في باطنها مخزن مياه جوفية وكلما تم الضغط على الأرض والمشي حول العين السحرية تخرج المياه المخزنة في باطنها تدريجياً، وهكذا.
وقد تم إعلان الصحراء البيضاء في محافظة الوادي الجديد المصرية محمية طبيعية في عام 2002، وسميت بالصحراء البيضاء لأنها تمثل مساحة شاسعة يغطي اللون الأبيض معظم أرجائها، وتبلغ مساحتها الإجمالية 3010 كيلومترات مربعة، وتحتوي الصحراء على العديد من التشكيلات التي حدثت نتيجة لعاصفة رملية عرضية في المنطقة، من أبرزها صخرة ضخمة طباشيرية تشبه الانفجار النووي، وتكوينات أخرى على شكل فطر «عش الغراب»، وغيرها من الأشكال الأخرى.