مهاتما غاندي يُعَدُّ المهاتما غاندي -وهو رجل هنديّ الأصل- من أوائل الداعمين للثقافة التي تنبذ العنف، كما أنّه يُعَدُّ من أوائل المُشجِّعين، والمُؤيِّدين للمُقاومة، ولكن بشكل سلميّ، بالإضافة إلى أنّه عُرِف بمُناصرة المنبوذين في دولته، وكان من الأشخاص الذين بذلوا جهدهم كلّه؛ في سبيل حماية وطنهم بشكل سلميّ، ومقاومة الاحتلال البريطانيّ، إلّا أنّه في السنوات الأخيرة التي عاشها توجَّه نحو دعوة الهندوسيِّين القاطنين في الهند إلى احترام الديانات الأخرى الموجودة هناك، ومن هذه الديانات ديانة الإسلام؛ حيث دعاهم إلى احترام حقوق هؤلاء المسلمين، إلّا أنّ ذلك الطلب أدّى إلى استشاطة غضب الهندوسيّين المُتعصِّبين، فاتّهموه بالخيانة، ثمّ اغتالوه.[١] فيديو قد يعجبك: مولد المهاتما غاندي ونشأته وُلِد موهانداس كرمشاند غاندي، المشهور بلقب المهاتما، والذي يعني: الشخص الذي يتمتَّع بنفسٍ عظيمة، أو الشخص القدِّيس، في اليوم الثاني من شهر تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 1869م في الهند، وتحديداً في مدينة بوربندر الواقعة في مقاطعة كجرات،[٢] حيث تقع بين مدينة السند، ومدينة بومبي، ويُشار هنا إلى أنّ لغة هذا الإقليم، وبعض العادات السائدة بين أهله، تختلف عن الأقاليم الأخرى في الهند. وبالنظر إلى نشأة غاندي، نجد أنّه قد نشأ ضمن عائلة لها تاريخ طويل في العمل السياسيّ؛ حيث إنّ جدّه تولّى رئاسة الوزراء في بوربندر، بالإضافة إلى أنّ والده كان وزيراً في الحكومة، كما كانت أسرته من الأُسَر الصالحة جدّاً، وذات الأخلاق الرفيعة، وقد كان لنشأته في أسرة تحمل هذه الصفات الحميدة كلّها دوراً كبيراً في الوصول إلى المكانة التي وصل إليها، وكانت والدته على وجه الخصوص أحد الأسباب الرئيسيّة في نشوئه بهذا القَدر من الأخلاق، والعَظَمة؛ حيث إنّ كلّ مَن عَرَفها، وعرف سيرتها، وصفاتها، يعي تماماً بأنّه اكتسب منها تلك الصفات الحميدة كلّها، كما أنّ جدّه أيضاً (أوتا غاندي) كان رجلاً ذا أخلاق، وسِمات رفيعة، على الرغم من كثرة انشغالاته السياسيّة.[٣] أمضى غاندي طفولة عاديّة، وطبيعيّة جدّاً في صِغره، وعندما بلغ الثالثة عشرة من عمره تزوَّج؛ نظراً لأنّ العادات الهنديّة تنصُّ على ذلك، وكانت حصيلة هذا الزواج أربعة أطفال،[٢] إلّا أنّ غاندي -كما ذُكِر- لم يكن راضياً عن زواجه؛ بسبب صغر سِنّه، علماً بأنّه كتبَ في سيرة حياته أنّه قد أُجبِرَ من قِبَل أهله على هذا الزواج في هذا السنّ الصغيرة، هو، وأخوه، وابن عمّه، وفي اليوم ذاته.[٣] حياة غاندي التعليميّة تُوفِّي والد غاندي وهو في سِنّ السابعة عشر، فتولّاه أخوه الكبير، ثمّ رشَّحه؛ لتولّي رئاسة أسرتهم، والترقِّي ليحتلَّ مركزاً في الوزارة، مثل والده؛ وذلك لأنّه لاحظ فيه الذكاء، والمقدرة على العمل، والاجتهاد، حيث كان لا بُدّ له من أن يتعلَّم في جامعة في الهند، أو في الخارج؛ ليصبح جاهزاً لتولّي هذا المنصب، وكان لديه خياران للدراسة؛ إمّا في جامعة بافنجار، أو جامعة بومبي التي كانت تتطلَّب نفقة كبيرة، ممّا أدّى إلى اختياره للجامعة الأولى، وتحديداً كُلّية ساملداس فيها، وما إن حلّت نهاية السنة الأولى حتى عاد إلى منزله، علماً بأنّ صديقاً لعائلته نصحه بأن يسافر إلى الأقطار الأجنبيّة؛ لدراسة القانون، وعلى الرغم من أنّه كان يُحبِّذ دراسة الطبّ أكثر، إلّا أنّ أخاه ذكَّره بأنّ والدهما كان لا يُفضِّل هذا التخصُّص، ولا يُحبُّ الجُثَث، أو تشريحها، بالإضافة إلى أنّ هذه المهنة كانت لا تُؤدّي إلى تنصيبه؛ لرئاسة الوزارة، وبالتالي اختار دراسة القانون؛ تكريماً، واحتراماً لوالده.[٣] نبذة حول مسيرة غاندي مارس غاندي مهنة المحاماة مدّة سنتَين في الهند، إلّا أنّ محاولاته فيها باءت بالفشل؛ إذ كانت أولى تجاربه، كما أنّ الحظّ لم يُحالفه لدى محاولته تكرار هذه التجربة، بالإضافة إلى أنّ كيفيّة عمله في هذه المهنة لم تكن مُرضيةً له؛ حيث آثر على نفسه أن يمارسها بصدق، بحيث يبتعد كلّ البُعد عن محاولة كسب القضايا بالحِيَل. ومن الجدير بالذكر أنّ غاندي سافر بعد ذلك إلى مناطق جنوب أفريقيا؛ لتقديم المساعدة إلى مُحامِين كبار من الأجانب، وليس لمُمارستها، ومن خلال هذه الرحلة، عرف القضيّة التي يجب أن يُفنيَ حياته في سبيلها، ووضعَ قَدَمه على بداية الطريق، حيث انتهى به ذلك بترأُّسه للهند كاملة، ثمّ وضع دستور البلاد عام 1908م، والذي أدّى إلى استقلال الهند.[٣] ومن المهمّ بمكان ذِكر أنّ غاندي كان يُقيم حملات؛ للمُقاومة السلميّة في الهند، حيث تبعه بعض الهنود في هذه الحملات؛ بسبب إيمانهم الشديد به، وبمُعتقداته التي تدعو إلى نَبذ العنف، واجتنابه، بالإضافة إلى أنّ بعض العُمّال الذين يسكنون في الجنوب، ومنهم: صينيّون، وإندونيسيّون، وهنود، ووثنيّون، وزنوج لم يكونوا مؤمنين بمبادئ زعمائهم، كانوا جميعهم يتبعون غاندي؛ وذلك لأنّهم يعلمون مقدار إخلاصه، وموثوقيّته، وممّا يجدر ذِكره أنّ غاندي كان يترك الأعمال التي تؤول إلى الربح المادّي كلّها، حيث وهب ماله؛ في سبيل إعانة المُحتاجين، والمظلومين، فكان يسكن معهم، ويأكل من طعامهم، كما أنّه تخلّى عن مظاهر الحضارة كلّها، فتبعه الجميع دون أدنى شَكٍّ منهم.[٣] إنجازات غاندي لقد كانت لغاندي إنجازات عديدة في الهند، وفي البلاد الأخرى التي زارها، ومن هذه الإنجازات:[٢] السعي؛ في سبيل تعزيز ثقة الهنود المُهاجرين، وزيادة أمانهم، وتعزيز أخلاقهم. إنشاء صحيفة تحمل اسم (الرأي الهنديّ)، حيث عبَّر من خلالها عن مبادئه الداعية لمبدأ اللاعُنف. السعي إلى تأسيس حزب يحمل اسم (المُؤتمر الهنديّ لنتال)؛ ليستطيع من خلاله الدفاع عن العُمّال الهنود، ومناصرتهم. محاولة تغيير القانون الذي ينصُّ على أنّ الهنود لا حقَّ لهم بالتصويت. جَعل الحكومة البريطانيّة تتراجع عن قرارها في تحديد وجهة الهجرة الهنديّة إلى الجنوب الأفريقيّ فقط. السعي إلى إلغاء القانون الذي ينصُّ على عدم تنظيم عقود زواج لغير المسيحيّين. وفاة غاندي اغتِيلَ المهاتما غاندي على يد بعض الهندوسيّين الذين اشتدَّ غضبهم؛ نتيجة دعوته لاحترام المسلمين، واحترام حقوقهم، واعتبروا دعوته تلك بمثابة خيانة، فقرَّروا اغتياله، والتخلُّص منه -كما ذُكِر سابقاً-، ممّا أدّى إلى إطلاقهم ثلاث رصاصات عليه، فتُوفِّيَ في الثلاثين من كانون الثاني/يناير من عام 1948م،[١] عن عُمر يُناهز 78 سنة.[٤]
إقرأ المزيد على موضوع.كوم: https://mawdoo3.com/%D9%85%D9%86_%D9%87%D9%88_%D8%BA%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%8A