راشد حمادة
الكاتب امين معلوف منذ عدة سنين في كتابه “””اختلال العالم “”” تحدث عن نظام اخلافي جديد ، لأن السائد حاليا من آداب واخلاق لم يعد كافيا للسلام وخير البشرية .
ونحن اليوم وحتى في بلدان الغرب الراقية يحس السواد الاعظم من الناس بالغبن ، ومرد ذلك دائما لوضع اقتصادي او بطالة قاهرة ، وكل مواطن متعلم ومؤهل يستطيع تقييم وضعه بحسب اوجه متعددة ، قد يكون هنالك اسباب لكونه من لون او عرق او شكل هو غير مسئول عنه ولذلك هو يشعر بالظلم ، وان كان هنالك وضع اقتصادي سيء على مستوى البلاد ، يوجه المواطن نفسه نحو سياسة فحواها ارادة التغيير لكي تعتمد دولته سياسة اقتصادية مختلفة تؤمن له بعضا من تمنياته.
ان تعاون السلطة مع المال والحياة الايبيكيورية الرائجة التي يقتبسها البعض من خلال العولمة الاعلامية المتوفرة في كل البلدان ، خاصة في المتطورة منها ، جعلت من المسئول كالحصان الجامح لا يردعه دين ولا اخلاق فينغمس بالفساد ويتكاثر حوله مريدين طامعين فتنتشر الرشوة والسرقة ويقل الخير وهكذا لا يحصل السواد الاعظم من الشعوب الا على نسبة زهيدة من مداخيل الانتاج في تلك الدول وتظهر طبقة منفرة من المحظيين الذين لا تليق عليهم النعم .
تلك الدول عاجلا ام آجلا ستتعرض لهزات واضطرابات من اجل التغيير ، فالحالة الاقتصادية وارادة الناس بتحسين اوضاعها وقلة الموارد مع ازدياد عدد السكان ، كلها اسباب ستقد استقرار كل الدول حين يشعرالمواطن باسباب وسبل للتغيير .
لذلك الربيع العربي سيصبح ربيعا دوليا في اي وقت وفي كل الدول الا تلك التي انظمتها تتعايش مع مواطنيها بصدق ووحدة حال ضمن ديموقراطيات تلامس المواطن بكل حاجاته واهتماماته .
قد تكون عقلية التحفيز على الانتاج لدى الدول المتطورة وطريقة الحياة هي علة العلل ، لأن المواطن يساق في هذه الدول بوقته وعضلاته واعصابه نحو الجهد الجهيد وما يناله من تعبه محسوب عليه ينفقه برتابة مرسومة له كعليق البهائم في الحظائر الحديثة حيث لا انسانية ولا عاطفة ولا تقدير.
الاخلاق الاضافية التي قصدها الاستاذ معلوف في كتابه ، هي ان تقيد جماح جشع الطامعين بالثروة من تعب الاخرين بحيث يكون هنالك مشاركة عادلة على قدر الجهد الانساني الذي يبذل على ان يقيم هذا الجهد كما ونوعا بصورة محقة ومنصفة .
تلك حقوق مكتسبة مع تطور العلم والمعرفة والكفاءات ، وجوهر العمل في تحقيقها يحتاج الى اخلاقيات تتعود عليها الناس اراديا وبالفرض على اساسها يسن التشريعات الضرورية لتوزيع الثروة الوطنية وفق العدالة الوطنية والاخلاقيات المستحدثة .
هذا في البلدان المتطورة ، اما في بلادنا فالربيع العربي وبدل ان نتجاوب فيه مع ارادة الناس لتحقيق العدالة والكرامة والبحبوحة ، جاءنا من يدخلنا بصناعة حقوق جديدة تخطاها الزمن ، يدعي اننا خسرناها مع الخلافة والاستعمار وهذه الحقوق هي في الحقيقة مضافة للحق في الكرامة والرفاهية اللتين يدعي المبشرون السلفيون ان الاسلام يؤمنها بجميعها ضمن شريعة الاسلام والمسلمون وهم بدورهم يزيدون عليها ان لله حق علينا وهو الجهاد في سبيل نشر الدعوة السمحاء، مما يتطلب حروبا لانشا دولة الاسلام التي يتصوروا حدودها وشعبها وانظمتها في عقولهم وقلوبهم كما يدعون .
لا يمكنني ان احكم على مشروعهم لأنه في نظرهم مستند الى تصديق السلف الصالح على انه المؤمن الذي كشف له الغطاء عن معظم المعارف وبالتالي هو الحق ونهجه هو الامثل .
وفي فترة اختلال العالم بحسب الكاتب امين معلوف نجدنا في منطقة الشرق الاوسط امام مشروعين اممين اسلامين لكن مختلفين بالمذهب وفي السياسة حتى القتال ما بينهما ، يريدان الغاء ما تأسس من اوطان وسياسات وافكار حتى حول الوحدة العربية التي امضينا عمرنا السياسي في خدمتها ، هذا بالاضافة لألغاء ورفض كل ما ادرج من فكر سياسي حول القومية و الديموقراطية على انواعها .
الفكر الاول اممي سلفي جهادي تكفيري انبثق من فكر ابن تيمية ومعه السيد قطب حيث ادلج هذا الفكر في افغانستان على هوى المللا عمر ومن ثم ايمن الظواهري الى ابو بكر البغدادي اما الحالات العسكرية فمن يد اسامة بن لادن الى ابو مصعب الزرقاوي الى قادة اخرين يتفننون باساليب القتل والقتال ،وهذه السياسة فيها الكثير من الاكراه والقليل من الاقناع .
والفكر الثاني اممي ظاهريا لكنه فارسي واقعيا ، يتوسع بالسياسة والديبلوماسية اكثر منها في القتال ، يحمل معه كما السالف اغراءات المال ، اما في الاقناع فهو ينسج في العقول خيالات والوان تبهر المتلقي وكانه امام تحفة رسمت الوانها محبة لأهل البيت وتجسد قصة مأساتهم ،مشحونة بأيمان توحيدي اسلامي ، لكنه اليوم بحياكة حذقة فتشعر وكأنك بين يدي الرسول وفي حضرة مأساة كربلاء وكأنك ساعتها شاهد لحقهم كونهم مظلومين ، كل ذلك نسج بخيوط وفن ومهارة فارسية تحفة من تحفهم بالسجاد ، الذي نعلم عنه القليل من ما يعلمون ، وقد يكون الخير في ما نعلم والشر في ما يعلمون .
هاذان المشروعان يناسبان عدونا الاوحد اسرائيل ، ويدخلوننا في متاهات الجاهلية خدمة لكل الناس على حساب الامة العربية والاسلامية .