مع الأداء الكارثي لجو بادين في مناظرته الرئاسية أمام دونالد ترامب وتقدمه بالعمر، طالب العديد من الديمقراطيين والصحف الأميركية الرئيس الأميركي الحالي إلى استحضار قصة الرئيس الأسبق ليندون جونسون الذي أعلن عدم ترشحه للرئاسة من أجل مصلحة أميركا وفتح المجال لمرشحين جدد لإدارة البلاد.
وفي 31 آذار 1968 أصدر الرئيس الأميركي السادس والثلاثون إعلاناً تاريخياً بأنه لن يسعى لإعادة انتخابه. وقد تأثر قراره بعدة عوامل، بما في ذلك حرب فيتنام المتصاعدة، والاضطرابات الداخلية، وانخفاض الدعم الشعبي. وكان إعلان جونسون بمثابة لحظة محورية في التاريخ السياسي الأميركي ما زالت تُدرس حتى اليوم، وكانت مدفوعة بضغوط متعددة وأحداث ذات أهمية سياقية قد تتشابه مع ما يحدث اليوم. كانت حرب فيتنام قضية مركزية خلال رئاسة جونسون حيث تحوّل الرأي العام بشكل حاد ضد الحرب، خاصة بعد هجوم تيت في حزيران 1968 والذي نفذه الثوار في 100 مدينة فيتنامية وتسبب بخسائر كبيرة في صفوف الجنود الأميركيين حيث تناقض الهجوم مع مزاعم الحكومة بإحراز تقدم. وواجه جونسون انتقادات لاذعة بسبب تعامله مع الحرب، مع تزايد الخسائر في صفوف الأميركيين، والتجنيد الذي أثر على حياة الكثير من الأميركيين.
وفي أوائل عام 1968، تحدى السيناتور يوجين مكارثي الرئيس جونسون داخل الحزب الديمقراطي ببرنامج مناهض للحرب، وكان أداؤه جيداً بشكل مدهش في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير. ثم دخل روبرت كينيدي السباق أيضاً، مقدماً تحدياً قوياً بجاذبيته الكاريزمية وموقفه المناهض للحرب. وكان من المقرر في البداية أن يتناول خطاب جونسون حرب فيتنام والسياسات الداخلية. وظلت إضافة قراره بعدم الترشح في اللحظة الأخيرة سرية حتى البث المباشر. وبدأ بتوضيح جهود إدارته والوضع الحالي لمحادثات السلام مع فيتنام الشمالية. وفي الدقائق الأخيرة من الخطاب، أعلن جونسون قائلاً: “مع وجود أبناء أميركا في الحقول البعيدة، ومع تعرض مستقبل أميركا للتحدي هنا في الوطن.. لن أسعى، ولن أقبل، ترشيح حزبي لفترة أخرى كرئيس لأميركا”. واستشعر جونسون انخفاض مستوى شعبيته، حيث أدى الصراع المستمر في فيتنام إلى استنفاد الدعم الشعبي له بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث تحمل جونسون العبء الأكبر من اللوم. وكان جونسون يهدف من خلال تنحيه إلى توحيد الحزب الديمقراطي الذي كان يتصدع تحت وطأة الانقسامات الداخلية. بالإضافة إلى أن صحة جونسون كانت تتدهور تحت الضغط الهائل. وكان إعلان جونسون بمثابة صدمة للأمة الأميركية، وكان يُنظر إليه على أنه عمل من نكران الذات للسماح بتماسك الحزب ونهج جديد للرئاسة. وأعاد الإعلان تشكيل السباق الديمقراطي التمهيدي، ووضع نائب الرئيس هيوبرت همفري في المقدمة. وغالباً ما يُنظر إلى قرار جونسون بعدم الترشح على أنه لحظة حاسمة في التاريخ، مما يسلط الضوء على التأثير العميق لحرب فيتنام على السياسة الأميركية. كما أظهر القرار أيضاً القوة المتنامية للرأي العام وتأثير وسائل الإعلام في تشكيل النتائج السياسية. |