شاطحةً في بليغِ الصمت

شعر د. غادة الخرسا

شاطحةً في بليغِ الصمت

يا صمتُ إني في غياهبك، أتأدْ

دعني، أغوصُ … ففي حناياك النزيلْ

وادفقْ أشعتكَ التي بسكونها

أهتدي للنورِ في الليلِ الطويلْ

في انطلاقِ النفسِ نحو صفائها

طهرُ القلوبِ بحسنها العالي تميلْ

من قالَ غورُ الروحِ غيرُ تأملٍ

وتوحدٍ حتى اختراق المستحيلْ !

ترنيمةُ الأشجارِ نغمتها شجى

والقلُّ رامَ سماعَها في كلِّ جيلْ

ليكونَ سرُّ الكونِ رهنَ بنانهِ

في كشفهِ كُنهَ الوجودِ مع الدَّليلْ

في الصَّمتِ أفهمُ سرَّ تفتيحِ الزهورْ

أجلو حياةَ العطرِ في عبقِ الأصيلْ

هو في تُرابِ الأرضِ نبضٌ دائمٌ

هو في الفضا قيثارةُ اللحنِ الجميلْ

إن الحياة ، زهورها إيمانها

وبخور حكمتها شدائدُ تستميلْ

هِمماً لتبني في مداميك السلامْ

لروحنا… تلغي معوقها الذليلْ

إن السلامَ لحالةٌ نشتاقها

إمَّا تُنقي النفسَ من غُرٍّ دخيلْ

مُفتاحُه هو في المحبة، شمسه

عرفانه، ونجومهُ هُدبٌ كحيلْ

وزيادةٌ في الغُنمِ نكسبُ حكمةً

هي مطلبُ العلماءِ والفكر الأصيلْ…

هي رايةٌ للعارفين، ودرعهم

هي ريشةُ الشعراءِ في الحرفِ الصقيلْ …

هي بلسمٌ للجرحِ، نورٌ للهُدى

يصغي لها حتى الأصمُّ ببعدِ ميلْ

تتفجرُ الكلماتُ شمسَ حقيقةٍ

نارٌ على النُّقاصِ … نورٌ للكميلْ

هي… زهرةٌ سكبَ الإلهُ رحيقها

ترنو لها الأعيادُ في سعفِ النخيلْ

هي بذرةُ تحتاج قصدَ نموها

للأرضِ تحضنها وماءٍ سلسبيلْ

وهواؤها وضياؤها وصفاؤها

أملٌ ومقدرةٌ … وما فيها صليلْ

الكلُّ دوماً صادعونَ تيمناً

فيها، وأحلاماً بأن عمراً تُطيل

إقبلْ صلاتي ربي كفّارةً

عن روح من قد ألحدوا، أنت المقيلْ

عن جاهلين معذَّبين بضعفهم

لا يسمعونَ ولا يرون ولو قليلْ

متعصبون استعبدتْ شهواتُهم

أحلامَهم، حتى غدت ظلَّاً ثقيلْ

ربِّ.. أصلي بالدموع سخيةً

فدخيلُ إسمك رباه إني دخيلْ

***