مجلس الأمن حائط مبكى في ظل غياب التضامن العربي.

عدنان برجي/ مدير المركز الوطني للدراسات/ لبنان

تابعنا، كما كل عربي ملتزم قضايا أمّته، مجريات جلسة مجلس الأمن حول سد النهضة الأثيوبي، والنتيجة التي وصل اليها برمي الكرة مجددا في ملعب الاتحاد الإفريقي الذي لم ينجح بمهمتّه التفاوضيّة على مدى عام كامل نتيجة التعنّت الأثيوبي.
ان من فوائد هذه الجلسة أن قدمت وزيرة خارجيّة السودان السيدة مريم الصادق المهدي، مطالعة علميّة معززة بالوقائع والأرقام، ومستندة الى القانون الدولي والى تجارب دول افريقية في إدارة مياه الأنهار المشتركة، وبيّنت مخاطر انفراد اثيوبيا في ملئ سد النهضة بدون تنسيق مع دولتي المصب، وآثار ذلك على حياة الشعبين المصري والسوداني، ومؤكدة على الرغبة في علاقات حسن جوار مع اثيوبيا لما فيه مصلحة البلدين ولما فيه من انعكاسات ايجابية على الأمن الغذائي للدولتين بل للعالم أجمع.
كذلك شرح وزير الخارجية المصري سامح شكري المخاطر الكبيرة غير المحتملة لهذا الانفراد الذي يتجاوز القوانين والأعراف الدوليّة، وفنّد التعنت الأثيوبي الذي أفشل وساطة الاتحاد الإفريقي، مؤكدا انه لا يوجد أمام مصر بديل من ان تحمي وتصون حقها الأصيل في الحياة وفق ما تضمنه القوانين والأعراف الدولية.
غير ان المحصّلة النهائية المباشرة للجلسة لم تكن على مستوى الآمال المعقودة عليها. وذلك بسبب غياب حقائق ومسلّمات أكدتها أحداث مضت، وتؤكدها الوقائع كل يوم وهي:
1- ان الحق بغير القوة ضائع، ذلك المبدأ الذي أرساه القائد الخالد جمال عبد الناصر، وهو يتأكد كل يوم مع كل طامع بثروة عربيّة او بموقع سياسي اقليمي، او بتنفيذ سياسة استعمارية صهيونيّة إحلاليّة. والقوة ليست بانفراد كل دولة عربيّة ببناء قوتها الذاتية فحسب، بل ببناء قوة تحمي الأمن القومي العربي بكامله من المحيط الى الخليج.
2- ان السكوت عن الاستفراد بهذه الدولة او تلك، يضع جميع الدول العربيّة تحت مخاطر التهديدات المباشرة وغير المباشرة، كما ان استفراد اي دولة باتخاذ قرارات انفرادية تتناقض مع مصالح الدول الشقيقة، يزعزع البنيان العربي ويمهّد الطريق أمام المحتل والطامع بأرض العرب ومواردهم.
3- لقد استفاد خصوم وأعداء الأمة من غياب التضامن العربي، والرؤية المشتركة للأمن القومي العربي، وكانت النتيجة ما نراه اليوم من أزمات مختلفة تتخبط فيها الدول العربية جميعا دون استثناء، والحل يكون باستعادة هذا التضامن على أسس واضحة قوامها : نصالح من يصالحنا ونعادي من يعادينا.
4- ان من واجب جميع الدول العربيّة حكومات وشعوبا، الوقوف اليوم مع مصر والسودان اللذين تضمهما دائرتان ليستا على تناقض أبدا: الدائرة العربيّة والدائرة الإفريقية، كما ان على حكومتي مصر والسودان الالتفات اكثر الى الدائرة العربيّة، لاسيما الدائرة الشعبية العربية، فبهذه الدائرة انتصرت مصر على العدوان الثلاثي عام 1956، وصمدت امام نكسة ال 67، وحققت نصر تشرين المجيد عام 1973.
بيروت في 10/7/20