شعر د. غادة الخرسا
مضت السنون ثمانياً وابني يزيدُ
جحوده .. في حقّ أمٍ عن خضوعْ
للشر في من صوروه مسلطاً
وكأنهم في ليلهِ كانوا السطوعْ
أنسيتَ .. ابني كم هتفتَ مصرحاً
بشباب من حمِل التبسّم والدموعْ
حتى متى تبقينَ لي سنداً .. أنا
أهوي، وتلقاني يداك من الوقوعْ
في القاهرةْ .. أيام كان يضمنا
حفلٌ هو التكريم للأم المثالْ
أنسيتَ أنك قلتَ: أنتِ مثالنا
أنت اليليقُ بها قيام الاحتفالْ
ضحيتِ بالغالي كرامة عيشنا
ربيتنا نسعى لأحمالٍ ثقالْ
أنتِ الأمومةُ .. فوقَ رأسك هالةٌ
أنوارُها .. من تضحياتٍ وكمالْ
أنسيتَ .. كم لي كنتَ خيرَ منبهٍ
” لا تسرعي فأنا أظلّ كسيرَ بالْ
خوفاً عليكِ .. وليس يهدأ خاطري
حتى أراكِ رجعت لي في خير حالْ “
ماذا تغير يا بنيّ لترتضي
شراً لأمك ؟ لا أصدق ما يقالْ
من ليس يحملُ في دمائه ذرةً
بنويةً، لا يرتجى منه النوالْ
كيف انشحنتَ ببغضك اخترت
الفضاء عليّ طناً منك أنك لا تُطالْ
هل عقدة استقواء ضعفك بالخيانة
قاد أهواء الضعيف إلى انفصالْ ؟
بل إن مصاص الدماء يظنّ في
دمّ الضحايا قوةً فوق الخيالْ
كُبرى مشاكلك ابتدت من كُفركَ
القاضي بنكرانِ العطاء كما النوالْ
وبأن خالقَنا يوزعُ فضله
قدرات أنعامٍ بنسبةِ إحتمالْ
عوضاً عن التبريكِ في الأم الرضا
بشراسةٍ حاربتها في ذا المجالْ
حتى تمنيت الفنا لوجودها
بدل التمني أن تعيش على الدلالْ
أمٌّ محرقةٌ، وتسأل: هل تراك
مع الأحبةِ من جديدٍ أم محالْ ؟
هل تهتدي ؟ أم أنت باقٍ في العقوقِ
مع الشرورِ كما ظللتَ ولا تزالْ !
إني أصلي يا بنيّ بحرقةٍ
كي تهتدي وتعودَ عن هذا الضلالْ
أمرٌ عجيبٌ أن تظلَّ مشوهاً
بالكرهِ .. معتقداً بذا فخر الرجالْ
وتظن أنك في التسلط سيدٌ
متفوقٌ .. يا بئسها هذي الخصالْ
لا ليس تكفيك الوسامة مظهراً
لتصير روحك والجمالِ على وصالْ
لا ليس يغنيك الغنى، فسعادة
الإنسان ليست مغتنى أو جمع مالْ
إرضاء خالقك العلي محجةٌ
هو من ينمي فيك حسناً واختيالْ
هو من يقودك نحو عمقِ سعادةٍ
نسيانه يبقيك رهنا للزوالْ
مضت السنون ثمانياً .. وتراجعٌ
عن غيك المحموم صار من المُحالْ
هل فرصةٌ للهديِ ؟ لا لا أرتجي
غفارةً لك بعد هذا الانفصالْ
ولطالما نُبّهت من وحي العَلِي
أن التبشع فيك ليس له ارتحالْ
لا ليس إبني هكذا .. قلت استوى
منه الجَواب الحقُّ: بل هو في الحلالْ
ابنٌ لك اختار التبشعَ عندما
بإرادةٍ نحوَ اختيارِ الشر مالْ
يا بئسَها رؤيا تراود خاطري
في أن أراك وعطرك الذاكي يضُوعْ
سنداً لعائلةٍ ورافعَ هامةٍ
لكن واقعك الأثيم هوى الركوعْ
وقرار خالقنا احترام إرادة
فينا وأنت حبست شراً في الضلوعْ
هو لا يغير أنفساً ما لم تُغيرْ
ما بها .. يا ضائعاً أضئِ الشموعْ
قال المسيح عن القريب بأنه
لا بالمسافةِ بل بقربه في الحنانْ
بمحبةٍ وتعاطف مع غيرهِ
وحمايةٍ تبقيه في جو الأمانْ
الأهل ينتظرون من أولادهم
سنداً .. إذا عجزوا لتنتصرَ الحياهْ
فكبارُنا دَينٌ ودُنيا عِندنا
والاعتناء بهم وصايا بالصلاهْ
حطمت صرحَ أمومتي بشراسةٍ
يا أحمد افهم من قريبٌ أو غريبْ
فروابط القُربى تظلّ رهينةً
لترابِ أرضٍ شمسها دوماً تغيبْ
أما الرباط الأصلُ فهو موقعٌ
بحروفِ روح تملأ الكَون الرحيبْ
فأنا بنوع الدمِّ أمّك إنما
بأمومة الأرواح لست ابني الحبيبْ
لمدى سنينٍ بالغباء منعتني
من رؤية الأحفادِ .. ما هذي العقوق !
لكن تَظرتكَ أن تفيقَ وتهتدي
لكنما ما لاح منك، لذا عقوقْ
لم يصحُ بعدُ ضميرك الغافي .. اهتدي
أوليسَ بعد ظلام روحك من شروقْ !
من دون عطف الأم عودك يابسٌ
إن ضاع حق الأم تنعدمِ الحقوقْ
هل كل هذا السُخط كوني شئتها
أرضي على إسمي تعود موثقهْ
أو رفض كل تعجرفٍ وتكبرٍ
في شخصك المحروم من نبض الثقة
مهلاً .. ولا تغترَّ، فالربُّ الرحيمْ
سمع الأنينَ يضجُّ عبرَ حكايتي
فانهلَّ بالتبريك من عليائه
ضمد الجراح مكرماً لقيادتي
تعويض ربي عن عقوقك .. أحمدٌ
هو في تكرمه عليَّ لأستريحْ
بإحالتي من إلتصاقي بالثرى
لفراشة تجني المسرة في الفسيحْ
فإذا السعادة ملءَ كل جوارحي
همي الوحيد هو البقاء على الصحيحْ
فقرٌ وضعفٌ لا يخافهما معاً
من أُعطيَ التحديقَ في وجه المسيحْ