هذا ما كتبه القاضي نسيب ايليا

آمال البيروتي طربيه 

كتب القاضي نسيب ايليا على صفحته:

لست ادري لمَ حضرت جدّتي لويزا في ذاكرتي هذا المساء وحضر معها كلامها لي…
كان ذلك يوم اقسمت اليمين لاكون قاضياً اصيلاً، بعد سنين مضنية في معهد القضاء،…يومها، وامام فرحة والدتي العارمة، كانت جدّتي تتكلّم بجدّية قاسية، على الرّغم من حبّها اللامتناهي لي ولأخوتي…
ساعتها لم اعرف سبب كلامها المنقول بتلك الجدّية، جدّتي التي تآلفت مع التراب والزراعات الشتوية ولم يحصل لها شرف الدخول الى مدرسة…
اشهد انني لم اتعرّف على كلامها الا بعد ان دفع لي ابي وسيدي المطران جورج خضر الكتاب المقدّس بعهدَيه وطلب مني ان آكله حتى اصير قبساً منه …
اعتقد أنّ جدّتي كانت لوهلةٍ ظنّت انّني، مباشرة بعد آداء قسمي، سأتولى رئاسة محكمة جنايات او ما شابهها، لم تكن تعرف انني يومها كنت في ملاك القضاء الاداري قبل ان انتقل الى القضاء العدلي لاحقًا، كانت جدّتي تعرف أنّ حفيدَها صار قاضيًا… لذلك قالت: انظر الى ما انت فاعل، لأنّك لا تقضي لإنسان أنّما لله، هو يكون معك في امر القضاء. لتكن في حكمك هيبة الله، اياك ان تسيء الى هيبة الله، الظلم يسيء الى هيبة الله، لأن ليس عند الله الهنا ظلمٌ ولا محاباة للوجوه… فليعطِك الله قلبًا فهيمًا لتتكلّم شفتاك بحكمته ومعرفته وتقضي بتقوى الربّ بأمانة وقلبٍ كامل…
حملني درسُ الكتاب المقدّس أن اقرأ وصيّة جدّتي في سِفر اخبار الايام الثاني بعد سنين على انتقالها الى جوار السيّد المبارك…
لم اعرف يوماً من اين لتلك”الامّية” ان تحمل بالفطرة الكتاب المقدّس وحكمته وتنقله…
لست ادري لمَ طلعت وصيّة جدّتي اليوم في بالي…
وعدتكِ يومها ان اعمل بكلامكِ الوصيّة…
حفرتُ كلامَك في عقلي وقلبي وزرعته على جدار مكتبي في بيتي ليكون شوكة تطعنني اذا اخذني بعض من كبرياء فلا أستعلي او انحرف…

ليتني أكون صادقًا في وعدي لكِ، حتى ساعة يستعيدَني السيّد المبارك الى وجهه تتشفعين بي امامه اذا رأيتني، بحكمتكِ، قد حفظت الامانة…