تحقيق ومقابلة مع د. فادي بستاني عن الموسيقى الفيدية.

بقلم أ. د. لويس صليبا

المهندس الدكتور فادي بستاني متعدّد الاختصاصات، ومتنوّع الاهتمامات. وهو الوحيد في لبنان الحاصل على دكتوراه في العلوم الفيديّة وعلم الذكاء الخلّاق. وكانت لنا معه جلسة حوار طويلة  موضوعها الزراعة الفيديّة. وقد أثارت اهتمام العديد من القرّاء ما شجّعنا على أن نمضي قُدماً في حواراتنا معه، فخصّنا بجلسة طويلة ثانية تمحورت حول الموسيقى الفيديّة. وبما أن الموضوع جديد كلّ الجُدّة على القارئ العربي، ولم يسبق أن كُتب شيء عنه في هذه اللغة، كان علينا أن نتكبّد سويّاً، نحن ود. بستاني، مشقّة ترجمة وتعريب الكثير من المصطلحات التقنية والفيدية غير المعروفة في العربية. فتعاونّاً طويلاً على ذلك، ونقّبنا في القواميس والمراجع، لنقدّم للقارئ معرفة جديدة ومفيدة صحّياً ونفسيّاً في آن.

-ماذا تعني عبارة الموسيقى الفيديّة Gandharva Veda؟

غاندهارفا تعني الموسيقى السماوية و Vedaتعني المعرفة. لذا فالموسيقى الفيديّة Gandhava Veda هي معرفة الموسيقى من مستواها الأكثر إرهافاً ولطافة إلى المستوى الأكثر كثافة. فمنذ آلاف السنين، أدرك حكماء الهند ويوغيّوها العظماء في أعماق وعيهم الإيقاعات الدقيقة وأنغام الفيدا الإشراقية، والتي هي معرفة صافية على أساس الطبيعة. والموسيقى الفيدية هي تقليد الأداء الموسيقي الذي يكرّر تردّدات الطبيعة في أوقات مختلفة من الليل والنهار. واليوم أعاد الحكيم الهندي مهاريشي ماهش يوغي إحياء موسيقى الطبيعة الأزلية هذه، وألهم الموسيقيين الأكثر شهرة في الهند ليُتحفوا العالم بموسيقى الغاندهارفا فيدا. وبأداء هذه الموسيقى وبالإصغاء إليها يعمل المرء ويساهم في خلق قدر أكبر من السلام والوئام والفرح لنفسه وأحبّائه وللعالم

-كيف تربطك هذه الموسيقى بالطبيعة؟

يمكن لغروب الشمس الخلّاب أو المنظر البانورامي المطلّ على الجبل أو الشلال في الغابة أن تملأك شعوراً بالروعة والفرح. أمّا الموسيقى الفيديّة فمن شأنها أن تعكس هذه التجربة. إذا أصغيتَ إلى تردّدات الطبيعة، فستسمع أصوات الموسيقى الفيديّة، كل من هذه الألحان يرسم تردّدات vibrations ونمط وقت معيّن من اليوم. وعندما تلعب لحنًا خلال هذه الفترة الزمنية المحدّدة أو تصغي إليه، فهو يخلق توازناً طبيعياً ووئاماً في وعيك وفي البيئة، ومن خلال النوعيّة الخاصة (راسا) لكل راغا، يتمّ إحياء خصائص معيّنة في داخلك مثل تنمية الشجاعة والثقة بالنفس والحكمة وغيرها.

-ما هو الراغا أو النغم في الموسيقى الفيديّة؟

الموسيقى الفيدية مبنية على أنغام تسمّى Ragas. كل Raga لديها بنية فريدة من نوعها تدمج العناصر الثابتة وإمكانيّات لا حصر لها من الاختلاف، ممّا يسمح للموسيقيّ بإخراج كلّ القدرات الدقيقة للتردّدات الموجودة في ذلك الوقت من اليوم. يستند كل Raga إلى أحد المقاييس الأساسية العشرة، والتي تحدّد النغمات أو العلامات الموسيقيّة المعتمدة في الراغا.

-كيف تؤثّر الموسيقى الفيديّة على الإنسان؟

كي نعي جيّداً تأثير الموسيقى الفيدية علينا، لا بدّ لنا أن نفهم بنية اللغة السنسكريتية. السنسكريتية تعني “صقل”، “الكمال”، “كامل”. كلّ كلمة في أي لغة هي مكوّنة من عنصرَين: المعنى والصوت. مثل على ذلك كلمة “FOOD”  التي تعني باللغة الإنكليزية ما يؤكل. وبالعربية “طعام” وبالفرنسية Nourriture. إنها أصوات عديدة تختلف باختلاف اللغة التي نستخدمها، بيد أن المعنى واحد. ولكن أيّ الأصوات هو الأنسب للدلالة على هذا المعنى؟ في اللغة السنسكريتية نستخدم Annam وهو أفضل صوت للدلالة على المقصود. وفي السنسكريتية تطابقٌ تامّ بين الصوت والمعنى، لذا يسمّيها مهاريشي لغة الطبيعة. وهذا ما ينطبق أيضاً على قواعد اللغة، فبنية الجملة وقواعد السنسكريتيّة أفضل طريقة للتعبير عن معنى هذه الجملة.

-هل تعني أن المعنى والصوت يرتبطان ارتباطاً وثيقاً؟

أجل يجب أن يعبّر المعنى والصوت كلاهما عن نفس المدلول. هذه هي الموسيقى الفيديّة. فحتّى لو كان الدالّ أو أداة التعبير موسيقيّاً بالكامل فهو يعبّر في الحقيقة عن جانبٍ معيّن من الطبيعة، أو عن حدثٍ أو شعور معيّن أو أيّ شيء آخر. وهو أمرٌ واضحٌ تماماً في نغمة Raga الموسيقى الفيديّة. ففيها أنغام وألحان مختلفة لمناحي الحياة المتعدّدة والمختلفة. ومثلٌ على ذلك: نغمة للمطر، نغمة لأوقات معيّنة من النهار والليل، نغمة للفرح، وأخرى للنجاح في الحياة. ومثلٌ أساسي آخر: لا يمكنك استخدام موسيقى رومنسية حالمة في فيلم أكشن، فكلّ تعبير للحياة له نغمته ولحنه وإيقاعاته الخاصّة.

-كيف عرف الموسيقيّون هذه الأنغام أو Ragas؟

أدرك قدامى حكماء الموسيقى الفيديّة وسائر اليوغيين الذكاء الكامن في تردّدات الطبيعة وذبذباتها، وعكسوها من خلال الموسيقى. وهذه هي الطريقة التي تؤدّى بها الراغاس أو الأنغام اليوم. والإصغاء إلى الموسيقى الفيديّة وحفلاتها يُحدث تأثيراً إيجابيّاً ومفيداً على الفيزيولوجيا والمحيط في آن، وهو أمرُ موثّقٌ ومثبتٌ علمياً.

-إذن هناك نغم لكل جانب من جوانب الحياة؟

كل مستوى من الخلق هو تردّد أو ذبذبة. يذوب أحد التردّدات في الآخر، وهذه هي الطريقة التي تتمّ بها عملية التطوّر. يحلّ الليل، ثم ينجلي وينبزغ الفجر. وعندما تختفي ظلمة الليل وبلادته تحلّ النضارة الملهِمة، ويسود تواتر مختلف في كلّ الجوّ. وعند منتصف النهار يحلّ تغيّر آخر في الذبذبات، وكذلك عند المساء، وفي منتصف الليل. وحلقة التغيّر هذه دائمة ومتواصلة. ولأنّ كلّ شيء هو في الحقيقة عبارة عن ذبذبة، فهناك نغم لكلّ مرحلة. فمن صُبحٍ إلى آخر يتغيّر نغم الطبيعة. وتغيّر الموسيقى الفيديّة يتوافق مع الوقت، وهي تحدّد ألحانها تبعاً للطبيعة المتغيّرة ولعمليّة التطوّر. وهذا ما يوفّر تأثير تناسق في الجوّ كلّه يعمل على موازنة الاختلالات في الطبيعة. وقد أدرك حكماء الموسيقى الفيديّة القدامى كلّ ذبذبات الطبيعة هذه، فأبدعوا نغمات Ragas مختلفة لمختلف جوانب الطبيعة والأحوال والظروف.

هل تستخدم الموسيقى الفيديّة السلّم الموسيقيّ نفسه: دو، ري، مي…؟

الموسيقى الهندية تتألّف من طبقات صوتيّة Surs وفواصل وقتيّة Taalas. الطبقات الصوتيّة سبعة، وهي موازية للسلّم الموسيقي الغربي دو، ري، مي… ولها أسماء مختصرة لتمييزها مثل sa ، ri، ga، ma، pa، dha، ni

ماذا عن الإيقاع؟

الوقت أو الإيقاع عامل بالغ الأهمّية في علم الموسيقى. وتسمّى النقطة الأولى من الأداء سور Sur أو طبقة صوتيّة. يأتي بعد ذلك laya أو السرعة أو فترات منتظمة وهي من ثلاثة أنواعbilambit  : بطيء.:Madhya متوسّط. و :drut سريع. والطبقة الصوتيّة والسرعة يمثلان البنية الأساسية لأي راغا.

-وماذا عن الغناء؟

يعتبر الغناء أسمى أنواع الثقافة الموسيقية في الهند، ويعتبر الصوت البشري أفضل آلة موسيقية في الموسيقى الفيديّة. ويتمّ إحياء الحفلات في الموسيقى الفيدية باستخدام الآلات الموسيقية، أو بالمغنّين، أو بكليهما معاً.

-ما هي أنواع النغم Raga المختلفة؟

لكلّ جانب من جوانب الحياة نغمٌ (راغا) خاصّ. ولكن، واستناداً إلى نظريّة الموسيقى الهنديّة الكلاسيكية، فهناك تسعة أنماط تمثّل الأذواق الموسيقية وهي التالية: 1-Shringar: التكرّس والحب والجمال. 2-Veer: الحيويّة. 3-Karun: الحزن. 4-Adbhut: المفاجأة. 5-Rawdra: الغضب. 6-Bhayanak: الخوف. 7-Hasya: التسلية. 8-Veevatsa: الكراهية. 9-Shant: السلام.

-كيف تُنشر الموسيقى الفيدية اليوم في أنحاء العالم؟

قامت أكثر من 50 فرقة موسيقى فيديّة بجولات عالميّة وأحيت حفلات موسيقيّة فيدية في أكثر من 350 مدينة في 55 بلداً. كما أُسّس عددٌ من مدارس الموسيقى الفيدية في الهند وسائر أنحاء العالم، وهي تعدّ طلّاباً من مختلف الأعمار والمستويات الموسيقيّة وتؤهّلهم للتمرّس في هذه المعرفة. ما يتيح إعادة خلق التوازن في الطبيعة من خلال الموسيقى.

-كيف يمكن الاستماع إلى هذه الموسيقى؟

معرفة متى يتمّ أداء هذا النغم أو ذاك أو الاستماع إليه تتأتّى من نظريّة الأوقات في الموسيقى الفيديّة. ومن المستحسن أن يتمّ الإصغاء إلى الموسيقى الفيدية في وضعيّة جلوس أو استلقاء مريحة مع إغماض العينَين. وتشغيل هذه الموسيقى على مدار اليوم (24 ساعة) في المنزل أو في مكان العمل يولّد جوّاً هادئاً ومريحاً حتى في حال لم يتوفّر من يصغي إليها باستمرار.

ماذا عن التداوي بالموسيقى Music Therapy، وهل للموسيقى الفيديّة دور أو مكانة في العلاج بالموسيقى؟

كلّنا يعرف أنّه عندما تتقدّم الجيوش للمعركة فهي تستخدم نوعاً معيّناً من الموسيقى لتهيئة الجنود وإثارة الحماس والشجاعة في نفوسهم، ممّا يعدّهم للقتال. وبالمقابل، فالموسيقى الهادئة تهدّئ الناس والجماهير.

وكما قلنا سابقاً، يوجد عدة Ragas في الموسيقى الفيدية ومنها Raga للسعادة وأخرى للنجاح في الحياة وثالثة للإبداع ورابعة للسلام الخ… فالموسيقى الفيدية هي غنية في هذا المجال وتساعد عموماً في العلاج. أما في الحالات المعيّنة فتعتمد الموسيقى الفيدية على الأصوات الأوّلية .

-ما هي هذه الأصوات الأوّلية التي تتحدّث عنها العلوم الفيدية؟

الأصوات الأولية هي أصوات معيّنة يختارها الطبيب الفيديي لعلاج مرض معيّن ليكون تأثيره موضعي وتُستعمل خلال فترة العلاج فقط.

 وكيف يمكن استخدامها في العلاج بالموسيقى؟

هذا أمرٌ يعود إلى الطبيب الفيدي المعالج تحديده. وعليه أيضاً أن يعلّم المريض كيفيّة استعمال هذه الأصوات بالشكل الصحيح ومتابعته خلال فترة العلاج.

-ما الفرق بين الأصوات الأوليّة والمانترا  Mantraالمستخدمة في التأمّل؟

المانترا تستعمل لتهدئة الفكر والجسم خلال الممارسة وتأثيرها عامّ وإيجابي لكافة النواحي الفكرية والجسدية، ومنها تطوير الطاقات الفكرية كالإبداع وسرعة البديهة والذكاء، وزيادة قدرات الاستيعاب والفهم الخ… إلى جانب تحسين الصحة والجهاز العصبي وأهمّها إعكاس مسار الشيخوخة. أما الأصوات الأوّلية فتُستخدم لغاية علاجيّة معيّنة ومحدّدة.

-ترتيل الفيدا مثل إنشاد ريك فيدا أو ساما فيدا الذي يقوم به مرتّلون متخصّصون Pandits هل له تأثير علاجي إيجابي؟ وما هو؟ وكيف يحصل؟

ترتيل الفيدا عمليّة ترداد لكلمات الوعي. فالأصوات الفيديّة مثل ريك فيدا وساما فيدا هي أصوات تنبثق من الحقل التجاوزي، والكون المادّي بأسره هو تعبير عن هذه الأصوات، وهي ليست مسألة إيمان بل حقيقة علمية، إذ أثبتت الفيزياء الحديثة أن أساس المادّة تردّدات وذبذبات Vibrations. وعندما تدرس أصوات ريك فيدا وساما فيدا وتدرس معها الفجوات أو الوقفات بين هذه الأصوات تدرك أن الأصوات والأصداء هي إذا صحّ التعبير “خطاب الذات”. إنّها الأتما Atma التي يتردّد صداها، وهي أساس النبضة التطوّرية لجميع الأنشطة. ولهذا فهي مهدّئة دوماً لأنها مولّدات التطوّر.

هل يتمّ اليوم استخدام الموسيقى الفيديّة وترتيل الفيدا في العلاجات النفسيّة والنفسية الجسديّة؟ أين وكيف؟

قلنا إن الترتيل الفيديّ هو كلمات الوعي. والوعي، كما أثبت العلم والطبّ، هو أساس فيزيولوجيّتنا جسماً ونفْساً. وإحياء حقل الوعي يأتي بمثابة عمليّة ريّ الجذور للتمتّع بالثمار. فعندما تسقي الشجرة فأنت تغذّي كلّ أعضائها ومكوّناتها. والفيدا هي بمثابة هديّة ثمينة لنا. والأناشيد الفيديّة ليست مجرّد أصوات بشريّة ونغمات أبدعها أناسٌ عاديّون. بل هم يوغيّون ورؤيويّون بصّارون أدركوا حقائق الذات ونقلوها لنا. ومن هنا فتأثير الترتيل الفيدي علاجيّاً مسألة بديهيّة وعفويّة. واستخدامها العلاجي يشهد اليوم المزيد من النجاح والانتشار في دول غربية وفي الهند.

-يتحدّث العلماء اليوم عن تأثير الموسيقى في نموّ النباتات وتفاعل الأزهار والأشجار معها، فهل للموسيقى الفيديّة تجربة في هذا الشأن؟ وهل من علاقة تكامل بين الموسيقى الفيديّة والزراعة الفيديّة التي سبق أن حدّثتنا عنها؟

طبعاً فقد أصبح تأثير الموسيقى على الزراعة أمراً معروفاً وأكّدته البحوث العلمية في مختلف أنحاء العالم. فقد تفاعلت الزراعات المختلفة تفاعلاً إيجابياً جداً من ناحية الحجم وكمية المحصول مع الموسيقى الكلاسيكية، فكم بالحري مع الموسيقى الفيدية التي تحتوي على Ragas خصيصاً لهطول الامطار كما ذكرنا، وأخرى لزيادة التناغم والسلام الخ…

-غالباً ما تترافق الموسيقى مع التعبير بالجسد أي الرقص، والهند مشهورة في هذا الفن، فهل للموسيقى الفيديّة رقصات أو تعابير إيقاعيّة جسديّة تترافق معها؟

الرقص رمزٌ للتواصل الذي يُبرز المشاعر الأكثر عمقاً، ويجسّد مختلف الجوانب الثقافيّة للحضارة. ويعتقد الهنود أنّه نمطٌ من أنماط العبادة، أو هو يوغا يستطيع الراقص من خلالها أن يصل إلى الله. والرقصات الكلاسيكية الهندية هي اهتزازات العقل والروح، وهي تقليدية للغاية، وتتّبع القواعد الدقيقة المنصوص عليها  في كتاب Natyashastra الذي يُعتبر أقدم النصوص في العالم في فنّ الإخراج وتأليف المسرحيّات. وفي الرقص الفيدي كان الراقصون يمثّلون إيمائياً القصّة، بينما ينشد المغنّون الحوار أو السيناريو، في حين يرافق العازفون الاثنين معاً. وهكذا فالراقصون والمغنّون والعازفون يكوّنون ثالوث أيّ مسرحيّة في الثقافة الفيديّة. سبق وذكرنا خصائص اللغة السنسكريتية، وفيها يرتبط الصوت بالمعنى ارتباطاً وثيقاً. وبطريقة مماثلة يرتبط أداء الرقص، بما في ذلك الخطوات والحركات وما يسمّى الكوريغرافيا وسيناريو أي عرضٍ تقديميّ بالموسيقى التي يؤدّيها العازفون.

-ما هي نقاط الشبه والاختلاف بين السلّم الموسيقي الشرقي (العربي) والسلّم الموسيقي الهندي؟

هي نفسها كما قلنا سابقاً. في السلّم الشرقي والغربي هي كما نعرف سبعة:

– Do Re Mi Fa Sol La Si –  أما في السلم الفيدي فالتسمية هي:

Sa Ri Ga Ma Pa Dha Ni –  – وهي أيضاً سبعة وهي اختصار للكلمات التالية : Shadj, Rishabha, Gandhara, Madhyama, Panchama, Dhaivat, Nishadha وكل واحدة تدلّ على خصائص معيّنة. فمثال على ذلك Rishabha هي تحت تأثير كوكب عطارد وذات طابع بارد وجافّ ولون أخضر. وهذه النوته الموسيقية تصدر عن القلب.

والسلّم الموسيقي الفيدي ليس نوتات وحسب، بل هو خصائص معيّنة تتفاعل مع بعضها بعض، وينتج عنها لحن ذات تأثير وموضوع معين.

-ما هي أبرز الآلات الموسيقيّة المستخدَمة في الموسيقى الفيديّة؟

من أهمّ الآلات الموسيقية الفيدية العديدة: السيتار – السارود – التنبورة – الشهناي والطابلا.

-هل من آلات مشتركة بين الموسيقى الشرقية والفيديّة؟

يوجد بعض الشبه بينها وبين الآلات الشرقية مثل الشهناي والفلوت وبين الطابلا والدربكّي.

-ما هو دور الطابلا في الموسيقى الفيديّة؟

في الموسيقى الفيدية تستعمل الطابلا مع كافة الآلات الأخرى وفي كل الحفلات الموسيقية.

-لكن ما هي الطابلا تحديداً؟

الطابلا آلة إيقاعيّة تتألّف من زوج من الطبول، وتستخدم في الموسيقى التقليدية والكلاسيكية والفولكلورية والشعبية. وهي منذ القرن 18 آلة بالغة الأهمّية في الموسيقى الفيدية، ولا تزال تستخدم اليوم في الهند الكبرى أي الهند الحاليّة وباكستان وأفغانستان والنيبال وبنغلادش وسريلانكا.

-وما هو السيتار وميّزاته؟

السيتار عبارة عن آلة وتريّة تُستخدم في الموسيقى الفيدية الكلاسيكية، والسيتار يعني ثلاث سلاسل. وقد انتشر استخدامه في القرنَين 16 و 17، ووصل إلى شكله الحالي في القرن 18 في الهند. ويستمدّ رنينه المميّز من الأوتار المتناغمة، ومن تصميم الجسر والرقبة الطويلة المجوّفة ومن غرفة الرنين الفارغة وهي على شكل قرع.

-قلتَ إن التأثير الإيجابي للموسيقى الفيديّة على الفيزيولوجيا البشريّة أمرٌ موثّق ومثبت علميّاً. فمتى وأين أجريت هذه الأبحاث العلمية؟ وماذا كانت نتيجتها؟

سأركّز جوابي على الأبحاث التي تناولت الرقص الفيدي. فالجميع يعرف أن الرقص هو أحد أنواع الرياضة لما فيه من حركات ووضعيّات جسدية. Bharatnatyam و Kathak هما نوعان من الرقصات الهنديّة الكلاسيكية الأكثر شعبية وانتشاراً. وهاتان الرقصتان مورستا زمنا طويلاً للترفيه. وهما تستلزمان اعتماد وضعيّات مختلفة للجسم والحركات، وتؤثّران بالتالي على بنية الجسد وتكوينه. وقد أجريت مؤخّراً أبحاث علمية لقياس مقدار تأثير ممارسة هاتين الرقصتَين بانتظام على تكوين جسم الإناث البالغات الشابّات. فتبيّن أن الفتيات اللواتي يمارسن كلا الرقصتَين لديهن معايير تكوين جسدية مؤاتية ومتطابقة مع المقاييس الأنتروبومترية Anthropometric، وذلك بالمقارنة مع مجموعة أخرى شاهدة من نفس العمر والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي لا تمارس هاتَين الرقصَتَين.

-من الذي يهتمّ بنشر معرفة الموسيقى الفيدية في لبنان وسائر أنحاء العالم العربي؟ وما هي النشاطات التي قمتم بها حتى اليوم في هذا الصدد؟

أعاد مهاريشي إحياء هذه المعرفة نظرياً وعمليّاً. ونظّمت بعدها حفلات موسيقية في جميع أنحاء العالم وما تزال، ومنها في لبنان حيث استضفنا فرقة مؤلّفة من أربعة موسيقيين فيديين، وقدموا عدة حفلات منها في جامعة الكسليك، والمعهد الثقافي الألماني في الكسليك، وفي مركز التأمل في الأشرفية، الخ… ونحن نرغب في  استخدام هذه المعرفة كأداة تساهم في خلق السلام العالمي لما فيها من تأثير على الوعي الفردي ومن ثمّ على الوعي الجماعي.

خاتمة

والحديث عن الموسيقى الفيدية لا ينتهي، وما دوّناه هنا ما هو سوى مقتطفات. والموسيقى، ولا سيما الموسيقى الفيدية، لم تعد اليوم مجرّد ترفيه عن النفس وتسلية، بل هي دواء لهذه النفس وللجسد يوقي ويعالج أمراضاً عديدة، من دون أن يسبب عوارض جانبية، ومن دون أن يفرغ جيوب المرضى…