رَحِيلُ “سماح إدريس”

الدكتور وجيه فانوس
(رئيس ندوة العمل الوطني)

أنْ يرحلَ “سماح ادريس”، اليومَ، مَوْجوعًا في جَسَدِهِ، حتّى الثُّمالةَ؛مَفجُوعًا في لبنانَ، حتَّى آخرِ العُمقِ؛ مَكلومًا، مِن تَهافُتِ بَعضِهِم على تَطبيعٍ مُرٍّ وسَقيمٍ مع الكَيان الصّهيونيِّ الغاصِبِ لأراضٍ مِن “فلسطينَ”، حتّى آخرِ النّزْفِ؛ فهذا بُؤْسٌ ما بَعدهُ بُؤْسٌ، وَهُوَ أَلَمُ عُمرٍ يفوقُ كلّ أَلَمٍ.

وأنْ يَرحلَ “سماح إدريس”، اليومَ، وما بَرِحَت ثُلّةٌ مِن أهلِ النّضالِ، ثابِتَةً على رُؤيتِها ورَأيِها في العَمَلِ لِخلاصِ لبنانَ، مِن زَبانِيَةِ الطّائِفِيّةِ السّياسيّةِ ووحُثالَةِ اللّصُوصِيّةِ المُخزَِيةِ لِسَدَنَةِ وُجودِها؛ وأنْ تَستَمِرّ “فلسطين”، قضيّةً أساسًا لِكَوكَبَةٍ مِن عُروبيينَ مُصرّينَ على دوامِ عِزَّةِ بهاءِ نِضالاتِهِم الوَطَنيّةِ والقَومِيَّةِ والإنسانِيَّةِ في سَبيلها؛ وأنْ تُتابِعُ جَحافِلٌ مِن ناسِ الثّقافةِ العربيّةِ، لِقاءاتِها الفِكريَّةِ والأدبِيَّةِ، في ما بَيْنها، وكذلكَ مع سائرِ أهلِ الفِكر ِوالثّقافةِ في العالم؛ فهذا جَميعُهُ لَنْ يَعني سِوى أنّ الشُّعلةَ المتوهِّجةَ، بكل عطّاء تَحَرُّرِيٍّ وطنيٍّ عروبيٍّ إنسانيٍّ، التي سَبَقَ أنْ تَسلَّمها “سماح”، راضِيًا ومُقتنعًا، مِن والدِهِ، “سُهيل إدريس”، ومِن جِيلِ والدِهِ؛ سَتَبقى في روعة شعشعانيّةِ عطاءاتها، تُضيئُ دروبَ النّضالِ في سَبيل القضيّةِ التي نَذَرَتْ وجودَها بِكُلِّيَّتِه ِلها.

“سماح إدريس”، أيّها الوطنيُّ العروبيُّ، طِبْتَ مُتابِعًا للكبيرِ “سهيل إدريس”؛ وطِبْتَ مناضلًا عروبيًّا وإنسانيًّا لا يُهادِنُ ولا يُساوِمُ ُعلى حقٍّ؛ وطِبْتَ، وإنْ غيّبَ الرّدى مِنْكَ الجَسَدَ الفاني، حاضِرّا في عُمقِ مبادئ النّضالاتِ الوطنيّةِ والعروبيّةِ والإنسانيّةِ، وفي “آداب”، الثّقافةِ والرّأي والرّؤيا.