آمال البيروتي طربيه
ها هيَ ذكرى ميلاد الرب يسوع تطلُّ علينا ككل سنة، وها هيَ الشوارع والطرقات والمباني قد لبست حلّة الميلاد، وقد تبادلنا صور الميلاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي…
سوف تجتمع العائلات معاً ليلة العيد أمام المغارة وأمام شجرة العيد، ويتناولون الطعام مع بعضهم البعض ويعايدون بعضهم البعض، لكـن…
تمرّ الذكرى وتذهب معها اللحظات المُبهجة التي قضاها الناس أثناء العيد، ويذهب معها الفرح الوقتي الذي أتت به، لكنُ القلب يبقى حزيناً، وتبقى النفس المريضة مريضة، وتبقى المشاكل والهموم والقلق والمخاوف، و….
ويبقى شخص الطفل يسوع – طفل المغارة – لفترة في المغارة ثمَّ يعود إلى المخزن لينتظر العام المُقبل، لكـن.. ليعود إلى المغارة فقط، والقلب ما زال بعيداً عن شخص الرب الحقيقي، لأنهُ لم يعرفهُ بعد كما ينبغي، لأنّ يسوع بقيَ طيلة هذا الوقت في المغارة حيثُ وُلِدَ في الجسد لكنهُ لم يدخل إلى القلب، لم يُولدْ في هذا القلب حيثُ يجب أن يُولدْ، ليُعطيه الحياة الأبدية ويطرد منهُ الحزن والنوح والقلق والخوف والمرض…
الملائكة بشّروا به الرعاة قائلين: “وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلّصٌ هوَ المسيح الرب”
(لوقا 11:2).
نعم إنّهُ المخلّص.. فهوَ لم يأتِ ليبقَ في المغارة التي نُخرجها من المخزن كل سنة لفترة شهر ثمَّ نعيدها إليه من جديد، لقد كان ميلادهُ محطة هامة ومُفرحة بالطبع، لكن تذكّر أنها كانت محطة غادرها يسوع عندما كبرَ وانتقلَ منها إلى الجلجثة ليموت على الصليب ويفدي البشرية، ويُحقّق ما سبقَ وقاله الملائكة، يُحقّق الخلاص من الخطيئة، الخلاص من الموت الأبدي، ويمنح الحياة الأبدية لكل البشرية.
لذلكَ ونحنُ في عيد الميلاد، هذه الذكرى للذين ما زالَ يسوع طفلاً في مغارة بيوتهم، ولم يدخل بعد إلى قلوبهم، لم يولد فيها بعد، لم يحصلوا على ما بشّرَ به الملائكة عندما قالوا: “وُلِدَ لكم اليوم في مدينة داود مخلّصٌ هوً المسيح الرب”.
يسوع يقول لكم: “ها أنا واقفٌ على الباب أقرع، فإن سمعَ أحدٌ صوتي وفتحَ الباب دخلتُ إليه وتعشيتُ معهُ وتعشّى هوَ معي” (رؤيا 20:3).
فلا تدعهُ ينتظر كثيراً على الباب، بل اغتنم الفرصة وقُلْ لهُ:
“لقد مرَّت سنين طوال وأنا أتذكّرك فقط خلال فترة عيد الميلاد، عندما أنظر إليكَ داخل المغارة، ثمّ أنساك باقي الأيام، والأيام تتوالى وقلبي مملوء بالحزن والشقاء والكآبة والفراغ، أخاف من المستقبل، أخاف من الموت وأتساءل إلى أينَ سأذهب عندما أغادر هذه الحياة، لكنني اليوم أقولُ لكَ، إذا كنتَ واقفاً على الباب تقرعهُ، فأنا أدعوكَ أن تدخل إلى قلبي، تُولد فيه وتحقّق لي ما سبقَ وبشّرَ به الملائكة، أنّهُ وُلِدَ من أجلي أنا مخلّصٌ، هو المسيح الرب، الذي ذهبَ إلى الصليب وبذلَ دمهُ لكي يمنحني الخلاص ويمنحني الحياة الأبدية، أنا أريدك وأريد الحياة الأبدية، فارحمني اللهُمَّ أنا الخاطئ، لكي استقبل ذكرى ميلادك هذا العام بفرح لم أختبرهُ من قبل، الفرح الذي تمنحهُ أنتَ وحدك، وليسَ الفرح الوقتي الذي يمنحهُ العالم أو الذي تمنحهُ زينة أعياد الميلاد “.