رسالة رئيس ندوة العمل الوطني، الدكتور وجيه فانوس، لمناسبة حلول سنة ٢٠٢٢

الدكتور وجيه فانوس 

ما هي سوى أيّام قليلة وساعات معدودة، إذ يطلّ يوم السّبت في الأوّل من كانون الثّاني؛ معلنًا بدء عِدّانٍ جديدٍ لسنة أخرى، تمرّ على حياة النّاس. واقع الحال، لن يكون من وجود لأيّ فرق حقيقيّ، بين ما يكون في يوم الجمعة ٣١ كانون الأوّل، وما سيكون في يوم السّبت الذي سيليه مباشرة. الجميع يعلمون، حقّ العِلم، أنّ هذه الأيّام ليست سوى تسميات واحتسابات من صنع النّاس، لتيسير تعاملهم مع قضايا ترتبط بمعاشهم.
وإذا ما كان احتساب السّنين، وما فيها من أيّام، مجرّد أداةً لتيسير العيش؛ فهل بإمكان لبنانيّي هذه الأيّام، أن يستقبلوا حياتهم، مع الثّانية الأولى من احتساب بداية يوم السّبت المقبل هذا، بنيّة تيسير عمليّ لعيشهم؟ هل بمقدورهم أن يدركوا بوعي ومسؤوليّة ورؤية واقعيّة لما مضى، ورؤىً مستشرفة للمقبل من زمنهم، ما جنته الطّائفيّة السّياسيّة عليهم، وعلى مصالحهم وعلى الآتي من أيّامهم؟

هل بإمكان ناس لبنان، أن يتلمّسوا، كما القديس توما، بأصابع واقعهم المرّ، الذي يعيشونه اليوم، أنّ هذه الطّائفيّة السّياسيّة ما خدمت الدّين على الإطلاق؛ بل جعلت من الدّين مجرّد أداة طيّعة لخدمة مصالح زعماء وقادة وجماعات، ما فتئوا جميعهم، وعن بكرة أليهم، يتلطّون بالدّين، تحقيقًا لمآرب خاصّة بكلّ فرد منهم.

هل بمقدور الشّعب اللّبنانيّ أن يتعرّف أن ما تعانيه غالبيّته العُظمى اليوم، من فقر ماليّ وبؤس اقتصاديّ وانهيار اجتماعيّ، ليس بسبب تعدّد ما بينهم من طوائف ومذاهب دينيّة، بقدر ما هو وليد ما جناه ويجنيه الزّعماء السّياسيّون لهذه الطّوائف، ومعهم زبانية مناصري بطشهم وجشعهم، من منافع مرتبطة بتكثير حسابات مصرفيّة يكنزونها في مصارف الخارج والدّاخل؛ ومتلازمة مع شهوات دنيئة للسّلطة والنّفوذ؟
هل سيتفهّم هؤلاء اللّبنانيّون المقهورون، المنتشرون فوق جميع بقاع الوطن وكثير من ساحات الاغتراب، عملانيّة ما قام به السيّد المسيح، من طرد الصّيارفة من قدس هيكل الرّب، في معبد حيرود؛ ولينطلق، تاليًا في دعوته الكبرى؟

هل يرى اللّبنانيون اليوم، مسلمين ومسيحيين، وهم يحتفلون معًا بيوم ولادة السيّد المسيح، أنّ لا بدّ من طرد الصّيارفة من قدس هيكل وطنهم، ليبدأوا، وبأيدٍ متشابكة متضافرة ومتّحدة، مسيرة الدّعوة الكبرى لبناء لبنان الوطن الحقّ لكلّ أبنائه؟

لئن كان لا بدّ من بدءٍ باحتسابٍ ما لسنة جديدة، سيكون اسمها ٢٠٢٢؛ فليكن هذا، كذلك، بِدأً باحتسابٍ لفاعليّة لبنان ناهضٍ بطاقاته الخيّرة، عزيزٍ بكرامة ناسه، غنيِّ باستخدامه لثرواته، سيّدٍ في وجوده ومستقلٍ في قراراته.

متى سيدرك اللّبنانيّون أنّ طريقًا أساسًا يقود إلى هذه الآمال، وإلى كلّ ما فيها من منى ووعود بالخير والفرح؛ هو طريق المواطنة، وليس طريق الطّائفيّة السّياسيّة!

هل يمكن، بعد كلّ هذا، أن يُؤَذّنَ ناسُ لبنان معًا، بصوتٍ واحدٍ، وبعزمٍ أكيدٍ ونيّةٍ صافيةٍ، أنّ “الفجرَ لاحَ، حيّا على الفلاحِ، وحيّا على خيرِ الوطن”؟
*****************